تشهد تونس اليوم احتفالات صاخبة بعيد المرأة في ظل تجاذبات سياسية واجتماعية وحزبية وإيديولوجية بشأن حقوق النساء التونسيات التي بلورها قانون الاحوال الشخصية الصادر في 13 اغسطس 1956. وشهدت العاصمة والمدن الكبرى مسيرات وتظاهرات كبيرة شارك فيها عدد من الاحزاب الحداثية واليسارية والليبيرالية والتقدمية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني في محاولة للرد على توجهات الاسلاميين، بزعامة حركة النهضة، نحو التراجع عن مبدأ المساواة بين الجنسين في الدستور التونسي الجديد. وأكدت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات أحلام بلحاج، تمسك مكونات المجتمع المدني التي دعت إلى المسيرة بالتظاهر في شارع الحبيب بورقيبة بقلب العاصمة تونس. وقالت بلحاج، خلال مؤتمر صحافي مشترك عقدته مع رئيسة جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية راضية الدريدي ورئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان عبدالستار بن موسى، إن «النقاش لايزال متواصلاً مع وزارة الداخلية حتى تسمح لنا بالتظاهر في شارع الحبيب بورقيبة». موضحة أن وزارة الداخلية تعللت بصعوبة تأمين الحماية اللازمة للمسيرة بالشارع المذكور باعتبار خروج أعداد كبيرة من المواطنين خلال العشرة أيام الأخيرة من شهر رمضان إلى العاصمة للتسوق. دعوة مساواة ولم تخف رئيسة جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية خشيتها من أن يشهد وضع المرأة التونسية تراجعا، مؤكدة أن الديمقراطية لا يمكن أن تتحقق دون ضمان حقوق وكرامة الإنسان ودون مساواة كاملة بين الجنسين. وقالت راضية الدريدي: «نحن نتخوف من إرساء دكتاتورية باسم الشرعية وذلك عبر القوانين والدستور الجديد». من جانبها أعلنت وزارة الداخلية، أن المسيرات المطلوبة من قبل بعض الجمعيات بمناسبة عيد المرأة، يمكن تنظيمها ليلا انطلاقا من ساحة 14 يناير وصولا إلى قصر المؤتمرات عبر شارع محمد الخامس، مع إمكانية برمجة مسيرة نهار اليوم في شارع الحبيب بورقيبة باعتباره يوم عطلة. تحذيرات حزبية إلى ذلك، أكد رئيس حركة نداء تونس الباجي قايد السبسي أن «مجلة الأحوال الشخصية خط أحمر لا يمكن تجاوزه». وتابع السبسي خلال اجتماع للجنة المرأة والمساواة: «إننا سنواصل النضال من أجل مكاسب المرأة، أحب من أحب وكره من كره». من جهتها أكدت الأمينة العامة للحزب الجمهوري مية الجريبي، حرص الأحزاب التقدمية والأطراف المدنية والحداثية على مواصلة الدفاع عن مكاسب المرأة التونسية «إزاء ما تشهده اليوم من تهديدات من داخل المجلس الوطني التأسيسي وخارجه»، حسب تعبيرها. الى ذلك عبر الاتحاد العام التونسي للشغل – أكبر وأعرق المنظمات النقابية في البلاد – في بيان أصدره بمناسبة الاحتفال بالعيد الوطني للمرأة عن تمسكه بكل مكتسبات المجتمع وفي مقدمتها مجلة الأحوال الشخصية وبتقنين حقوق المرأة في الدستور الجديد. صرخة فزع أطلق خبراء تونسيون في القانون «صرخة فزع» إزاء إمكانية تراجع مكاسب المرأة التونسية في الدستور الجديد للبلاد خلال ملتقى نظمه يوم الجمعة مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة، حول موضوع «مجلة الأحوال الشخصية وأسئلة الحاضر». وقال خبير القانون الدستوري الصادق بلعيد، إن «خطر الارتداد عن المكاسب اليوم لا يتعلق بحقوق المرأة فقط، بل يتعلق بمكاسب الأنموذج المجتمعي في تونس الحديثة».