تقود الممثلة المصرية الكبيرة "المهووسة بجمال نفسها" الحاجة زهرة المعروفة ب غادة عبد الرازق حركة تحولات خطيرة على كافة الأصعدة اجتماعيا وسياسيا وفنيا بل ودينيا أيضا، ففي أغلب أعمالها الفنية تحرص على تقديم نموذج للمرأة يصورها كالشاة الشاردة أو الفرسة الجامحة التي لا تجد من يلجمها.
وقد عبر مسلسلها الأخير المثير للجدل خير تعبير عن حالة الانقلابات التي يسعى "قواد" الحركة الفنية في مصر فرضها على المجتمع المصري الذي كان يعرف عنه في وقت من الأوقات أنه محافظ وله عادات وتقاليد يتمسك بها ويزود عنها بماله وروحه. حيث جسدت الممثلة الكبيرة غادة عبد الرازق، 44 سنة، دور المرأة التائهة التي تترك نفسها للأمواج تتلقفها وتتقاذفها كيفما تشاء دون أدنى مقاومة منها أو أي ثوابت تحاول الحفاظ عليها، وقد بدا ذلك واضحا في زيجاتها الخمسة التي كسرت بهن مفاهيم تعدد الزوجات وقفزت إلى عكسه وهو تعدد الأزواج.
لتهدم بذلك نظرية الرجل الخارق بسلامته التي قدمها الفنان القدير نور الشريف في شخصية الحاج متولي وكذا نظرية النجم الراحل احمد زكي في فيلمه الشهير امرأة واحدة لا تكفي، وتخلق حالة نسائية جديدة هي المرأة متعددة الرجال.
والمثير في الأمر هو حرص العمل الفني على إظهار هذه "الزهرة" البرية على أنها ضحية في كل مرة لزوج سيء كما في حالة زوجها الأول مدحت صالح والرابع احمد السعدني أو لظروف أكثر سوءا كما في حالة رجل الأعمال المزواج فرج أبو اليسر الذي قدم شخصيته الفنان العائد حسن يوسف، ففي كل مرة تبدو هي الضحية المغدورة.
ورغم كل ذلك يحرص المؤلف والمخرج على أنها لا تزال مثيرة بل تزيد فتنتها للرجال رغم كل هذه التجارب الزواجية ورغم إنجابها من كل من تتزوجه والمعروف أن كل هذا ينال كثيرا من جمال وجاذبية النساء بحيث تتحول المرأة من فرجينيا جميلة الجميلات مثلا إلى أم ماجد أو احمد أو أو ... في حين لم يعط لنا لا المخرج ولا المؤلف مبررا منطقيا لاستمرار جنون الرجال بها رغم زيجاتها المتعددة وولاداتها المتكررة أيضا.
فالبناء الدرامي قام بالأساس على كون زهرة مجرد ممرضة، يمكن حنينة حبتين تلاتة أو مغرية أربع خمس حبات، لكن دور زهرة أبى إلا أن يقدم المرأة كدمية جنسية يتقاذفها الرجال من أول العمل الفني إلى آخره لتهدم كما قلنا المفهوم السابق للرجال كماكينات جنسية.
لكن بسبب أنانية الدور ومراهنة فريق الإنتاج على إمكانيات غادة المهولة تبقى هي وحددها من أول المسلسل لآخره صائدة الرجال التي تصيبهم بالهوس حتى أن الحاج فرج يبدو بصورة للرجل الذي يسيل لعابه بصورة غريبة تجعل من الممكن تسميته "مجنون زهرة".
ولعل هذا ما صوره بإتقان وهو ملازم لفراش المستشفى حين كان ينادي بطريقة لا أستطيع تسميتها وأنا صائم "هاتوا لي زهرة، أنا عايز زهرة، هو في زي زهرة" وكذلك استمرا هوسه بها بعد خروجه من السجن وإصراره على عودة زهرة لعصمته حتى بعد علمه من زواجها مرتين بعده وطبعا كما فوجئنا مرة من قبله أيضا إلا أن رده يحسم المسألة على نحو خطير حين يقول لسكرتيره : "يا جماعة اللي "يعرف" زهرة مستحيل يقدر يبطلها.
والمتابع أيضا للمسلسل يلاحظ أن الوهج العاطفي والجنسي "للحاجة زهرة" قد أطفأ تماما دور نوال صديقة عمرها الخائنة التي جسدت شخصيتها الممثلة المصنفة بأدوار الإغراء شمس.
نقطة أخرى خطيرة تلفت انتباه كل من تابع هذا المسلسل "الرمضاني" هو ملابس الحاجة، ولا حاجة ولا بتاع بقى، زهرة التي تجرح مشاعر ليس الرجال فقط بل والنساء أيضا اللائي تساءلن عن اسم المحل الذي تشتري منه وأسعار هذه الملابس.
وطبعا كانت إجابة أغلب الرجال بأن الاحتشام داخل المنزل قبل خارجه فيه توفير وقطع لكافة الألسنة فلقد خلقنا الله رجالا ولا نقبل على نساءنا أن يرتدين مثل غادة عبد الرازق ولا حتى يكونوا في نص حلاوتها، وطبعا كلنا بنرفع شعار الأدب فضلوه عن كل حاجة تانية.. مش كدة ولا إيه؟!!