ليس من شأن الكتب المقدسة تقرير حقائق علمية في علوم الفيزياء الفلكية، أو الكيمياء، أو غيرهما، فهذه العلوم نفسها- التي ترك الله أمرها للإنسان- لا تقرر حقائق مطلقة أو نهائية، والبحث فيها مستمر، وقد تنقض اليوم ما قررته بالأمس، وعندما يأتي رجال دين يقوِّلون القرآن ما قاله العلم في ظاهرة ما، فإنهم يعرِّضونه للشك، عندما ينقض العلم قوله في تلك الظاهرة.. قال الهندوس إن كتابهم المقدس "مانوسمرتي" يقرر أن فترة ماضي العالم ومستقبله 4 مليارات و320 مليون سنة، وهذه المدة تساوي نهاراً واحداً من عمر الإله "براهما".. وجازف رجال دين آخرون في تقدير عمر الأرض، فقال جيمس أشر، رئيس أساقفة ايرلندا في العام 1654 إن الله خلق الأرض عند الساعة 9 من صباح يوم 12 أكتوبر عام 4004 قبل الميلاد، ووافقه جون لايتفون نائب رئيس جامعة كمبردج آنذاك، مع تعديل بسيط وهو أن خلق الأرض كان عند الساعة 9 من صباح يوم 19 سبتمبر.. وأهل العلم اضطربوا ولا يزالون، ففي عام 1745 زعم عالم الطبيعيات، الفرنسي جورج لويس دي بو فون، أن الأرض تكونت قبل 75000 سنة فقط، ولورد كلفن قال عمرها 25 مليون سنة.. كذلك كثرت واضطربت التقديرات حول عمر الكون، كان العلماء يعتقدون أن الكون نشأ نتيجة الانفجار العظيم قبل 8 مليارات سنة، وقدَّروا عمر الكون في سبعينيات القرن العشرين بين 16-18 مليار سنة، وفي عام 1988 قالوا 10-12 مليار سنة.. وفي دراسة لبعض نجوم مجرة درب التبانة المسماة بالأقزام البيضاء عام 1996 قال العلماء إنهم- من خلال قياس العلاقة بين عمر النجم وقوة الإشعاع- وجدوا أن عمر أقدم نجوم الأقزام البيضاء لا يقل عن 9 مليارات و500 مليون سنة، وبناء على ذلك الاستنتاج قدَّروا أن تكوين مجرة درب التبانة بدأ ما بين 14- 17 مليار سنة.. وفي وتقدير آخر ظهر عام 1997 بناءً على تحليل المعلومات التي حصل عليها العلماء من التلسكوب الفضائي الجبار هابل، قالوا إن عمر الكون بين 9- 41 مليار سنة.. وفي العام نفسه قدَّر علماء في الجمعية الملكية البريطانية لعلوم الفلك، عمر الكون ب 12 مليار سنة، استناداً إلى معلومات من القمر الأوروبي هيباركوس.. وقبل ليلتين قرأت في "تاريخ العلوم" آخر كلام، وهو أن عمره بين 13- 16 مليار سنة.. والأمر نفسه يصدُق على الطب والأحياء والكيمياء، فهل يفهم أصحاب الإعجاز الموهوم؟