كنتُ أتمنى لو تمهل بعض الزملاء قليلاً قبل علي مكي إصدار مخاوفهم من فشل دورة كأس الخليج لكرة القدم في دورتها العشرين التي تنطلق اليوم في عدن في اليمن الشقيقة، فالمخاوف الأمنية التي ساقوها وأرعبوا بها الشارع الرياضي وغير الرياضي مبالغ فيها، وبالتالي لا يمكن أن تبرر مطالبهم بتأجيل البطولة التي تنظم في اليمن لأول مرة وهي تعني لليمنيين كثيراً من كل النواحي، وكان من الأولى على المعترضين الدعم والمساندة للأشقاء في اليمن ورفع معنوياتهم بأنهم على قدر النجاح وهم كذلك فعلاً، ولا أشك للحظة، والتوفيق من الله، أن تكون هذه الدورة من أنجح الدورات فنياً وجماهيرياً فضلاً عن المكاسب الأخرى التي ستحققها اليمن حال نجاحها في التنظيم والخروج بالدورة إلى بر الأمان مخالفة بذلك كل توقعات المتشائمين والمنادين بالإلغاء أو التأجيل حتى إشعار آخر. وهذه المكاسب تتجاوز الجانب الرياضي والكروي إلى الجانب السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي إن لم يبلغ المنتخب المضيف الدور النهائي أو يحقق لقب الدورة. صحيح أن الدورة تعد ودية وغير معترف بها دولياً أو قارياً وهذا معروف منذ بدأت قبل 40 عاماً وحتى اليوم، لكن لم يحدث من قبل أن تم الضغط الإعلامي بالإلغاء أو التأجيل وفق هذا المبرر إلا عندما حصلت اليمن على هذه الفرصة التاريخية بتنظيم المسابقة الإقليمية الأشهر للاعبي دول مجلس التعاون الخليجي، وهي فرصة يجب أن تهتبلها اليمن لتثبت من خلالها أنها جديرة بالانتماء إلى الخليج ولو عبر بوابة الرياضة وكرة القدم تحديداً، وأنها ترغب في مزيد من الاحتكاك بجاراتها ممن يفوقونها في التنمية الرياضية لتستفيد وتتعلم والأهم من كل ذلك أن تبث رسائلها التطمينية لدول الجوار والمنطقة أنها قادرة على ضبط الأمن وأن ما يحدث فيها من قلاقل وتصعيدات داخلية لا يمكن أن يؤثر على علاقته بالآخرين ولا على تشويه هذه العلاقات وأنهم في اليمن قادرون على السير بالبطولة وضيوفها من بعثات مشاركة ومسؤولين وجماهير إلى الأمان بإذن الله. لذا أضم صوتي إلى صوت الأخ علي بن محمد الحمدان السفير السعودي في صنعاء الذي صرح لهذه الصحيفة أمس قائلاً إن منتخبنا سيكون في عدن واليمن كلها آمنة بإذن الله هو وبقية المنتخبات المشاركة وإن "اليمن قادر على تنظيم هذه الدورة، وليس هناك داع لجعل الهاجس الأمني بعبعاً لدى المنتخبات، وقد لمسنا حسن استعداد وحفاوة استقبال وتكريم، وهناك مواكب منظمة وحراسة أمنية كبيرة ترافق المنتخب السعودي من فندق القصر مقر سكن البعثة إلى الملاعب الرياضية التي سيخوض المباريات أو التدريبات عليها".
فالشعبان اليمني والسعودي علاقتهما راسخة منذ الأمد وبينهما من الحب والوئام والصداقة والنسب شيء كبير يفوق بكثير ادعاءات أعداء الحياة والحرية والمحبة والنور والأمل.. كلنا اليوم مع اليمن بلاداً كريمة وشعباً طيباً نبيلاً ندعمهم بالكلمة والدعاء والتشجيع أن يبقوا صفاً واحداً يهتف للبناء والتقدم والضوء دون أن تخدشه أو تفرقه أو تخترقه تهويشات الخراب والدمار والظلام.
اليمن تاريخ عظيم من الثقافة والفن والحضارة، كل هذه الشمس السخية ستشرق اليوم في عدن من شرفة كرة القدم لتعانق أهل الخليج برسالة أخوية حضارية زاهية من أبناء الشعب اليمني الى أشقائهم وكل محبيهم يؤكدون من خلالها، كما يقول الرئيس علي عبدالله صالح، عمق ذلك الموروث الحضاري التاريخي المشرق لليمن أرضا وإنسانا وتاريخا وحضارة وما شهده الوطن اليمني من تحولات وإنجازات وعلى مختلف الأصعدة في ظل راية الثورة والوحدة والديموقراطية، على الرغم من أولئك الكارهين للحياة!!
اليوم ستثبت اليمن وشعبها الطيب البسيط الكريم أنهم جديرون بالجمال والحياة!!