كلف الرئيس العراقي جلال طالباني رسميا اليوم الخميس رئيس الوزراء نوري المالكي المنتهية ولايته تشكيل الحكومة الجديدة التي طال انتظار المواطنين لها لاخراج بلدهم من أزمة سياسية مستمرة منذ اكثر ثمانية أشهر. وأظهرت لقطات بثتها قناة (العراقية) الرسمية طالباني يلقي كلمة قبيل التكليف يؤكد خلالها ان الحكومة ستكون حكومة شراكة ممثلة لجميع الاطراف. وسلم طالباني بعدها رسالة التكليف الى المالكي الذي أكد أن الحكومة ستكون بمشاركة الجميع، لا يهمش فيها أحد. وقال أمام قادة الكتل البرلمانية وشخصيات سياسية أخرى إن المهمة ليست سهلة لاسيما في الظروف الحالية، فلا أحد منا يستطيع النهوض بها بمفرده دون تكاتف الجميع من اجل ان ننجح ونجتاز المرحلة الحساسة من تاريخ العراق. ودعا رئيس الوزراء المكلف إلى ضرورة العمل لتجاوز جميع الخلافات وفتح صفحة جيدة مبنية على التعاون وليكن هدفنا خدمة العراق لا خدمة الاعداء والكتل والقوميات والمذاهب والطوائف. كما دعا الكتل السياسية إلى تقديم مرشحين ذوي كفاءة يتمتعون بالنزاهة والاخلاص لتشكيل الحكومة (...) سيكون الجميع مسؤولا عن نجاحها وعما تواجهه. وقال إن عملية البناء والاعمار يجب أن يسبقها تثبيت الأمن وهو مسؤولية الجميع، داعيا إلى مساندة الأجهزة الأمنية في تصديها للارهاب. واضاف المالكي: لا بد من العمل على تجاوز خلافات السابق وفتح صفحة جديدة والتعاون من اجل بناء مؤسسات الدولة، مشددا على التعاون التام بين السلطات الثلاث لا سيما التشريعية والتنفيذية. واشار إلى أن تجربة الحكومة السابقة لم تكن مشجعة. وقال: أرجو أن تكون سمة المرحلة القادمة التعاون والتنسيق والتكامل وليس العكس لان الحكومة لا تستطيع أن تعمل شيئا دون تعاون مجلس النواب (...) والدور الرقابي هدفه التطوير وليس التعطيل والاعاقة. وجرت المراسم الرسمية في قصر السلام مقر رئيس الجمهورية جلال طالباني في الجادرية، جنوب بغداد، بحضور شخصيات سياسية وقادة الاحزاب والكتل. وحضر حفل التكليف رئيس البرلمان اسامة النجيفي ونائباه و22 شخصية من ائتلاف (التحالف الوطني) وعشر شخصيات من القائمة (العراقية) وعشر شخصيات من (التحالف الكردستاني)، وممثلون عن الكتل وقادة الأحزاب، بحسب المصدر. ويأتي التكليف قبل يوم من انتهاء المهلة الدستورية. ووفقا للدستور، لدى طالباني مهلة 15 يوما منذ اعادة انتخابه في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي، لتكليف احدهم بتشكيل الحكومة. وبالامكان اعتبار التاخر في عملية التكليف أمرا مقصودا بهدف منح المالكي وقتا اطول، في مؤشر على صعوبة الصراع السياسي بين الكتل التي حطمت الرقم القياسي العالمي من حيث اطالة امد مفاوضات تشكيل الحكومة بعد الانتخابات. وجرت الانتحابات التشريعية في السابع من اذار/ مارس الماضي. وكان طالباني اعلن فور اعادة انتخابه رئيسا للبلاد انه ينوي الطلب إلى المالكي تشكيل الحكومة. وتولى المالكي منصب رئيس الوزراء للمرة الاولى عام 2006 عندما كانت البلاد غارقة في خضم صراع طائفي أودى بعشرات الالاف. وتأتي اعادة تثبيت طالباني والمالكي في منصبيهما وانتخاب أسامة النجيفي رئيسا للبرلمان اثر اتفاق على تقاسم السلطة توصل اليه قادة أبرز الكتل النيابية في العاشر من الشهر الجاري. وأثمر الاتفاق كذلك عن تشكيل (المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية) الذي سيتولى إياد علاوي زعيم القائمة (العراقية) رئاسته مبدئيا. وتعرض الاتفاق لاهتزاز سرعان ما تم تجاوزه عبر تقديم توضيحات، لكنه رغم ذلك يبقى هشا في ظل انعدام الثقة خصوصا بين (العراقية) و(دولة القانون) بزعامة المالكي. وكانت القائمة (العراقية) تقدمت على (دولة القانون) بفارق ضئيل بعد حصولها على الغالبية العظمى من المقاعد في مناطق العرب السنة. وتعتبر مشاركة الاقلية العربية السنية التي هيمنت على النظام السابق ضرورية للامن والاستقرار في هذا البلد لمنع عودة التمرد. وقد بحث طالباني والمالكي والنجيفي في وقت متاخر مساء الأربعاء تطورات العملية السياسية والعقبات التي تعترضها والحلول الكفيلة بتجاوزها وفق الدستور.