أعلنت وزارة الداخلية التونسية في بيان الجمعة مقتل شخص وجرح اثنين آخرين فضلا عن إصابة العديد من رجال الأمن بحروق خلال مواجهات عنيفة بين متظاهرين وقوات الأمن بمدينة منزل بوزيان التابعة لمحافظة سيدي بوزيدجنوبتونس التي تشهد منذ 17 من الشهر الجاري مظاهرات متواصلة احتجاجا على ما يصفه السكان ب"تفشي البطالة وتردّي الظروف المعيشية". وقالت الوزارة في بيان حصلت وكالة الأنباء الألمانية على نسخة منه إن "أحداث شغب جدت ظهر اليوم الجمعة في مدينة منزل بوزيان من ولاية سيدي بوزيد قامت خلالها مجموعات من الأفراد بحرق قاطرة لأحد القطارات وإضرام النار في ثلاث سيارات للحرس الوطني قبل أن تهاجم مركز الحرس بالمدينة". وأضافت "وقد عمدت المجموعات المتورطة في أعمال العنف والشغب إلى محاصرة ومهاجمة مركز الحرس الوطني بقذفه بالزجاجات الحارقة والحجارة بعد أن وضعت الحواجز في الطرقات القريبة، ثم أقدمت على إضرام النار في بناية المركز من الخارج بينما حاول في الآن نفسه عدد من الأفراد اقتحام مركز الحرس بالقوة". وتابعت "وقد سعى أعوان الحرس الوطني إلى صدّهم عن ذلك بتوجيه عديد التحذيرات لهم وبإطلاق النار في الهواء، لكن هذه المجموعات واصلت محاولتها اقتحام المركز مستخدمة الزجاجات الحارقة مما اضطر بعض أعوان الحرس إلى استعمال السلاح في نطاق الدفاع الشرعي عن أنفسهم". وختمت الوزارة قائلة "وقد أدى ذلك إلى مقتل أحد المهاجمين وجرح اثنين آخرين فيما أصيب عديد أعوان الحرس الوطني بحروق من بينهم اثنان يوجدان في حالة غيبوبة". وقال النقابي محمد الفاضل (القاطن بمنزل بوزيان) في اتصال هاتفي مع (د.ب.أ) إن الشاب محمد العامريالحاصل على الأستاذية في العلوم الفيزيائية والعاطل عن العمل منذ تخرجه عام 2009 من جامعة قفصةبجنوبتونس لقي حتفه بعد أن أصيب بعيارين ناريين في الصدر فيما أصيب نحو 10 آخرين (بينهم رجل أمن) بجروح متفاوتة الخطورة خلال مواجهات بين ألفي متظاهر وقوات الأمن في المدينة. وأوضح أن رجل أمن في زي مدني أصيب بجروح خطيرة بعد أن أطلق عليه زملاؤه النار على وجه الخطأ. وأضاف أنّ الشرطة باشرت حملة مداهمات للمنازل واعتقالات واسعة، وأنه يستمع إلى أصوات إطلاق متفرق للنار في أنحاء المدينة. وأكد شاهد عيان بمدينة سيدي بوزيد (مركز الولاية) طلب عدم ذكر اسمه، في اتصال هاتفي مع وكالة الأنباء الألمانية، أن سيارات إسعاف نقلت إلى مستشفى المدينة (التي تبعد 265 كلم جنوبتونس العاصمة) عددا من الجرحى من بينهم ستة حالاتهم حرجة. ويذكر أن هذه أول مرة تطلق فيها الشرطة التونسية الرصاص الحي على متظاهرين منذ بدء الاحتجاجات والاضطرابات في محافظة سيدي بوزيد بعد أن اقتصر الأمر خلال الأيام الماضية (وفي أقصى الحالات) على استعمال القنابل المسيلة للدموع وإطلاق الرصاص الحي في الهواء لتفريق المتظاهرين.
وبدأت الأسبوع الماضي في مدينة سيدي بوزيد (265 كلم جنوبتونس العاصمة) احتجاجات سلمية تحولت إلى مواجهات مع الشرطة إثر إقدام محمد بوعزيزي (26 عاما) وهو خريج جامعة عاطل عن العمل على إحراق نفسه أمام مبنى المحافظة احتجاجا على تعرضه للضرب على يد شرطية (امرأة) منعته من بيع الخضر والفاكهة دون ترخيص من البلدية ولرفض الولاية قبوله لتقديم شكوى ضد الشرطية.
وقالت الحكومة إن الشاب نقل "لتلقي العلاج بمركز الإصابات والحروق البليغة" بمحافظة بن عروس جنوب العاصمة دون أن تعطي تفاصيل عن وضعه الصحي، فيما ترددت أنباء غير مؤكدة عن وفاته.
وتأججت الاحتجاجات بعدد من مدن محافظة سيدي بوزيد بعد أن أقدم شاب أخر عاطل عن العمل يدعى حسين ناجي (24 عاما) على الانتحار مساء الأربعاء احتجاجا على وضعية البطالة التي يعيشها في حادثة هي الثانية من نوعها في أقل من أسبوع، وذلك بصعوده فوق عمود كهرباء صعقه.
وقال شهود عيان لوكالة الأنباء الألمانية إن شابا ثالثا، كان مخمورا، حاول الانتحار أيضا الخميس في مدينة سيدي بوزيد إلا أن السلطات قطعت الكهرباء عن المدينة وحالت دون ذلك.
وذكرت نقابات وأحزاب معارضة أن معدل البطالة مرتفع في محافظة سيدي بوزيد التي يعيش أغلب سكانها على الزراعة، وخاصة في صفوف خريجي الجامعات وأنه يتجاوز المعدل العام للبطالة في البلاد وهو 13 بالمئة.
ويتخرج من مؤسسات التعليم العالي التونسية حوالي 60 ألف خريج سنويا تقرّ الحكومة بأن توفير وظائف لهم أمر غير ممكن.