رغم مرور نحو أسبوعين على اختفاء الصحفي والسياسي اليمني محمد المقالح بأحد شوارع العاصمة اليمنية صنعاء لدى عودته إلى منزله، فإن مصيره لا يزال مجهولا، وثمة اعتقاد لدى البعض بوقوف جهات أمنية وراء اختفائه على خلفية الأزمة الحالية مع جماعة الحوثيين بمحافظة صعدة. والتزمت السلطات الرسمية الصمت، و لم تدل أي جهة حكومية بأي معلومات تنفي فيها أو تؤكد ما يتردد عن وقوف أجهزة الأمن وراء اختفاء المقالح.
وبحسب إفادة مصادر مقربة للجزيرة نت فإن المقالح كان عائدا من "جلسة مقيل"، وبينما كان بصدد ركوب سيارته ترجل خمسة أشخاص من سيارة بيضاء اللون وهجموا عليه واقتادوه إلى سيارتهم ثم فروا مسرعين إلى جهة مجهولة.
أما عائلة المقالح فتقول إنه كان يشعر بأنه ملاحق، وكان يتحدث عن تلقيه تهديدات من جهات أمنية، ويعزو ذلك لتغطيته لحرب صعدة، خاصة نشر صور ضحايا مدنيين قيل إنهم سقطوا جراء قصف جوي لسوق الطلح بصعدة.
شكوك ويقول الصحفي عبد الكريم الخيواني "إن الطريقة التي تم بها اختطاف المقالح تشي بوجود جهات أمنية، وهناك العديد من الصحفيين والناشطين الحقوقيين وأصحاب الرأي اعتقلتهم أجهزة الأمن القومي ومازالوا قابعين في سجونها".
ويضيف الخيواني الذي سبق أن تعرض للاعتقال والمحاكمة والسجن بتهم تأييد التمرد الحوثي والمس بشخص رئيس الجمهورية، "إن الناشط السياسي والحقوقي والصحفي بات اليوم لا يجد الأمان الشخصي، فهو معرض للاعتقال والاختطاف من الشارع بطريقة غير قانونية وتخالف نصوص الدستور، وتعبر عن عقلية القبيلة وليس الدولة التي تحفظ حقوق مواطنيها".
وأضاف أن المقالح صاحب رأي ويجب إطلاق سراحه، وكان يجب التعامل معه وفقا للدستور والقانون، ويجب أن يحاسب كل من يقف وراء حادثة اختفائه.
تجريم من جانبه يرى المحامي خالد الآنسي المدير العام ل"منظمة هود" للدفاع عن الحقوق والحريات، أن حادثة اختطاف المقالح وفقا لتوصيف القانون الدولي تعتبر "حالة إخفاء قسري" وهي من الجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية، ويلاحق مرتكبوها في أي وقت سواء أمام القضاء الوطني أو الدولي.
واعتبر في حديث للجزيرة نت أن جريمة "حجز الحرية والاخفتاء القسري" تعد من الجرائم الأشد من أي فعل صدر أو يصدر من المقالح أو غيره، كما تعد نوعا من إرهاب الدولة.
وقال إن المفترض في حالة المقالح -إن كان هناك تجاوزٌ ما قام به- أن يتم اعتقاله وفقا للقانون والدستور وأن تحترم حقوقه وأن تبلغ عائلته بمكانه وبالتهم الموجهة له.
وأضاف "للأسف هذا السلوك ينم عن ممارسات لعصابات وليس سلطات دولة، وهو يسيء إلى سمعة البلد، كما يوضح أن الناشطين السياسيين والصحفيين يعيشون في ظل ثقافة القبيلة التي تعتمد الخطف لحل مشاكلها مع خصومها".
تضامن وكان العشرات من الصحفيين والناشطين الحقوقيين ونواب البرلمان شاركوا مؤخرا في فعالية تضامنية بنقابة الصحفيين مع المقالح.
ووجهوا رسالة إلى الرئيس اليمني علي عبد الله صالح طالبوه فيها بالتوجيه بالإفراج عن المقالح الذي يشغل منصب نائب رئيس الدائرة الإعلامية بالحزب الاشتراكي المعارض، وإحالة مرتكبي هذه الجريمة للتحقيق والمحاكمة.
وأشاروا إلى أن أجهزة الأمن "اعتادت على اختطاف الناشطين السياسيين والمعارضين وإخفائهم قسرا، وصار ذلك منهجا وسلوكا لها"، واعتبروا هذا العمل جريمة وفقا للدستور اليمني، وجريمة ضد الإنسانية وفقا للمواثيق الدولية.