شارك عشرات آلاف المتظاهرين المصريين في تظاهرة "جمعة الرحيل" في ميدان التحرير ضد الرئيس المصري حسني مبارك الذي يتولى الحكم منذ ثلاثين عاما، بعد عشرة ايام من بدء انتفاضتهم لاسقاط نظامه. وقال خطيب الجمعة في الميدان أن مسلمين ومسيحيين شاركوا في الاحتجاجات. وقد أدى عشرات الاف المتظاهرين صلاة الجمعة في ميدان التحرير بوسط القاهرة الذي اصبح معقلا لحركة الاحتجاج المطالبة منذ 11 يوما برحيل الرئيس المصري حسني مبارك والذي بدا يتوافد اليه الالاف منذ الصباح استعدادا ل"جمعة الرحيل". وخطب امام الجمعة الشيخ خالد المراكبي في المتظاهرين قائلا "لا تسمعوا لهؤلاء الذين يريدون اجهاض ما تقومون به" في اشارة الى دعوة السلطة للتهدئة بعد اعلان الرئيس مبارك عدم ترشحه لولاية جديدة. واضاف "لا للظلم لا للاحتكار لا للمهانة لا لما ترفضه القيم نطالبكم بالثبات حتى النصر" مشددا "نطالب بتغيير النظام وبتعديل الدستور والافراج عن المعتقلين والغاء قانون الطوارئ النقطة السوداء في تاريخنا". واكد الخطيب الذي ينتمي الى جماعة انصار السنة المحمدية وهي مجموعة سفلية غير سياسية تدعو الى محاربة البدع والخرافات والتمسك بالسنة والقران، "ليس لنا اي حزب يعبر عنا وعن مطالبنا. الكل جاء مسلم مسيحي جاء ليعبر عن حقه المسلوب". وقال ردا على دعوة السلطة الى الحوار "الذي يريد ان يفاوض عليه ان ياتي هنا ويتكلم". وقام المصلون على الاثر باداء صلاة الظهر جمعا ثم صلاة الغائب على ارواح القتلى التي عندها اجهش الخطيب في البكاء ومعه جموع المصلين. وعقب الصلاة دبت حالة حماس قوية بين المتظاهرين الذين اخذوا يهتفون بكل قوة "ارحل ارحل" و"يا رئيس صح النوم النهاردة اخر يوم". هذا وقام مجهولون باطلاق قذيفة ار بي جي على مقر جهاز مباحث امن الدولة في مدينة العريش في شمال مصر بالقرب من الحدود مع قطاع غزة، بحسب ما افاد شهود ومصدر امني. وادى اصابة المبنى بالقذيفة الى اشتعال النيران في بعض اجزائه وتهشم زجاجه غير انه لم يعرف بعد ان كانت قد وقعت اصابات ام لا، بحسب الشهود. والقى متظاهرون الجمعة كذلك قنبلة يدوية على مقر مديرية شمال سيناء في العريش ولكنها سقطت في فناء المبني ولم تؤد الى وقوع اضرار او اصابات. وكان متظاهرون اضرموا النيران الجمعة الماضي النيران في مقر قديم لجهاز مباحث امن الدولة في العريش الجمعة الماضية. ويتهم المواطنون في شمال سيناء جهاز مباحث امن الدولة بالقيام باعتقالات تعسفية وبتعذيب المعتقلين. وقبل ساعات من تظاهرات "جمعة الرحيل" قالت صحيفة نيويرك تايمز ان الولاياتالمتحدة تبحث مع مسؤولين مصريين استقالة مبارك فورا ونقل السلطة الى حكومة انتقالية برئاسة نائب الرئيس عمر سليمان. وكتبت نيويورك تايمز نقلا عن مسؤولين في ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما ودبلوماسيين عرب، ان الخطة المطروحة والتي تقضي بقيام حكومة انتقالية برئاسة سليمان تهدف الى الحصول على دعم الجيش المصري. وكان مئات المصريين بعضهم محملا بالمواد الغذائية التي كانت شحيحة الخميس لدى المتظاهرين، يقفون طابورا صباح الجمعة عند نقطة تفتيش اقامها الجيش عند مدخل جسر قصر النيل على بعد قرابة 500 متر من ميدان التحرير. وتمركز الجيش في ميدان الجلاء الذي يبعد اكثر من كيلومتر عن ميدان التحرير، واغلق الطريق امام حركة سير السيارات ولكنه يسمح بعبور المشاة. ويأمل المتظاهرون في ان يكون حجم المشاركة في تظاهرات الجمعة مماثلا على الاقل ليوم الثلاثاء الماضي عندما تجاوزت اعداد المحتجين في انحاء مصر المليون شخص. بالمقابل اطلقت الاوساط الموالية للرئيس مبارك شعار "يوم الوفاء" في اشارة الى تمسكهم بالرئيس المصري حتى نهاية ولايته الخريف المقبل، الا انه لم يعلن بعد عن اي تجمعات او تظاهرات لهم كما حصل الاربعاء الماضي. ودفعت الضغوط الخارجية على ما يبدو السلطات المصرية الى التأكيد على عدم التعرض للمتظاهرين المحتجين خلال تظاهراتهم. ونقلت وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية في ساعة متأخرة من ليل الخميس الجمعة عن رئيس الحكومة المصرية احمد شفيق انه اصدر "توجيهاته" الى وزير الداخلية محمود وجدي بعدم "التعرض لاي مسيرات سلمية الجمعة".
وفي واشنطن اعلن رئيس هيئة اركان الجيوش الاميركية الاميرال مايك مولن مساء الخميس ان قادة الجيش المصري "اكدوا له مجددا" انهم لن يفتحوا النار على المتظاهرين، قبل ساعات من تظاهرة الجمعة. وقال مولن في مقابلة تلفزيونية انه "خلال المحادثات التي اجريتها مع قيادتهم العسكرية، اكد لي (العسكريون) مجددا انهم لا ينوون فتح النار على شعبهم".
وقالت الصحافية كريستيان امانبور من شبكة ايه بي سي الاميركية ان نائب الرئيس المصري عمر سليمان اكد لها الخميس حين التقته على هامش مقابلة اجرتها مع الرئيس حسني مبارك في القاهرة "لن نسمح ابدا باللجوء الى القوة ضد الشعب". وبعد ليلة هادئة نسبيا مقارنة بالليالي السابقة بدأ المناهضون للرئيس مبارك بالتدفق صباحا الى ميدان التحرير، حيث شوهد العشرات يدخلون محملين بالطعام والماء الى المعتصمين هناك. وكان اركان الحكم تسابقوا الخميس في اطلاق الخطوات الانفتاحية لتبريد الاجواء اثر موجة الادانات الدولية لاعمال العنف في القاهرة. فقد قدم رئيس الحكومة "اعتذارا" عما حصل الاربعاء من مواجهات نتيجة وصول مجموعات مؤيدة للرئيس مبارك الى ميدان التحرير، واعتبر ان الهدف من هذا العمل كان احداث "شغب" واعدا بالتحقيق في الامر والاقتصاص من الفاعلين. ودعا المحتجون الى تظاهرة مليونية في جميع انحاء مصر تخرج من المساجد بعد صلاة الجمعة كما حصل الجمعة الماضي. وعشية "جمعة الرحيل"، تم توقيف سبعة من قيادات المحتجين في ميدان التحرير بعد زيارة قاموا بها للمعارض المصري البارز محمد البرادعي. وقال نائب الرئيس المصري في مقابلة مع التلفزيون المصري الخميس انه بدأ اجراء حوار مع احزاب معارضة وشخصيات سياسية مؤكدا ان الحوار سيشمل الاخوان المسلمين ولكنه لم يوضح ان كانت الدعوة وجهت الى البرادعي ام لا. وترفض الاحزاب السياسية الرئيسية والاخوان المسلمون والبرادعي حتى الان البدء في اي حوار قبل تنحي الرئيس المصري.