جاءت المبادرة الخليجية لحل الأزمة السياسية في اليمن, والتي افتعلتها أحزاب اللقاء المشترك والقوى المتحالفة معها للانقلاب على الديمقراطية والشرعية الدستورية ومحاولة الوصول إلى السلطة عن طريق الانقلاب وبعيداً عن الأطر الديمقراطية والدستورية من خلال الانتخابات, بعد أن عجزت تلك الأحزاب والقوى المشبوهة المتحالفة معها عن الوصول إلى السلطة عن طريق الانتخابات ونيل ثقة الشعب الذي يعطي ثقته دائماً لمن يستحقها, وكما كان متوقعاً من الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي جاءت المبادرة معبرة عن حرص دول المجلس واهتمامها بأمن واستقرار اليمن وسلامة أراضيه ووحدته الوطنية. إن دول مجلس التعاون الخليجي باتت معنية اليوم وأكثر من أي وقت مضى بالشأن اليمني في ظل التغيرات الدولية والإقليمية الراهنة وما تمخض من بروز بعض القوى الإقليمية وتدخلاتها في الشؤون العربية الداخلية مثل التدخل الإيراني السافر في الشأن الداخلي لدولة البحرين الشقيقة ودولة الكويت ومصر والتدخل المستمر في الشأن الداخلي اللبناني وأخيراً التدخل السافر في الشأن اليمني الداخلي, مما يوحي بأن إيران ما زالت تتصرف بعقلية الدولة الفارسية الساسانية الكسروية وفلسفتها التوسعية على حساب الدول العربية, الأمر الذي يحتم على الدول العربية وخاصة اليمن ودول مجلس تعاون الخليج العربي الوقوف صفاً واحداً حيال الأطماع الإيرانية التوسعية والتدخلات السافرة في الشؤون الداخلية للدول العربية. لقد أثبتت دول مجلس تعاون الخليج العربي حرصها على حقن الدماء في الجمهورية اليمنية وحل الأزمة الراهنة بما يحفظ أمن واستقرار اليمن ووحدته الوطنية, انطلاقاً من وعي وإدراك الأشقاء في دول المجلس الأهمية الإستراتيجية لبقاء اليمن موحداً آمناً مستقراً في ظل دولة قوية متماسكة قادرة على كبح جماح الإرهاب وتقليم أظافر الجماعات المرتبطة بالقوى الإقليمية في اليمن كلما حاولت التدخل في الشؤون الداخلية اليمنية أو زعزعة أمن واستقرار الدول المجاورة والاعتداء على سيادتها وأراضيها ضمن استراتيجية أمنية مشتركة بين اليمن ودول مجلس تعاون الخليج العربي الشقيقة التي باتت تعي وتدرك أن أمن اليمن جزء من أمن واستقرار دول المجلس, ولذا جاءت المبادرة الخليجية انطلاقاً من هذه المسؤولية ومن الهموم والمخاوف المشروعة لدول المجلس تجنباً لحدوث الفتنة والفوضى في اليمن وانتشار الجماعات الإرهابية وتقوية الجماعات المرتبطة بالقوى الإقليمية الخارجية المتربصة. لقد عبرت القيادة السياسية في اليمن عن ترحيبها الكبير بالمبادرة الخليجية وشكرها العميق وتقديرها العالي للجهود التي تبذلها دول مجلس تعاون الخليج العربي الشقيقة لإخراج اليمن عن أزمته الراهنة وتجنيبه الفتنة والفوضى وأعربت القيادة السياسية في اليمن استعدادها وتعاونها الإيجابي والمثمر مع المبادرة الخليجية والحوار مع المعارضة لتحقيق الوفاق وبما يرضي جميع الأطراف ويحفظ أمن واستقرار اليمن وسلامة أراضيه وصون وحدته الوطنية وضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة وتداول سلمي للسلطة من خلالها كون الشعب اليمني هو مصدر السلطة ومانحها وهو صاحب الحق الذي لا يعلو عليه أي حق في منح السلطة لمن يشاء ولمن يراه مناسباً وجديراً بالثقة وليس لأي حزب أو طرف الحق بمصادرة قرار الشعب أو الالتفاف عليه مهما كانت الذرائع والمبررات. (*) باحث بمركز الدراسات والبحوث اليمني أستاذ الإعلام بجامعتي العلوم الحديث والمستقبل [email protected]