كشف تقرير لشبكة "سي إن إن"، عن الخطة الأمريكية لاغتيال زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، في باكستان فجر الاثنين في عملية قادها كوماندوز أمريكي. وقال التقرير: إنه في غياهب الليل، اقتربت مروحيات أمريكية من مجمع تحيط به أسوار شاهقة في منطقة "أبوتاباد"، شمالي إسلام أباد، في مهمة هدفها اعتقال أو قتل أخطر رجل طاردته الولاياتالمتحدة قرابة عشرة أعوام. وخلال أقل من 40 دقيقة غادرت قوة أمريكية المجمع وبرفقتها جثمان زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، بعد مهمة وصفتها ب"عملية جراحية خاطفة"، ردًا على هجمات 11 سبتمبر عام 2001 على الولاياتالمتحدة. وخرج الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، ليعلن النجاح في اقتناص بن لادن بعد مطاردة لم تعرف الهوادة استغرقت قرابة عقد من الزمن. ورفض المسئولون الأمريكيون الإفصاح عن تفاصيل العملية أو عدد القوات الخاصة التي شاركت فيها، من عناصر القوات الخاصة التابعة للبحرية "سيلز" SEALs ، إلا أنهم قدموا للصحفيين وصفاً عاما لسيناريو المهمة التي بدأت بمتابعة ورصد أحد مراسلي بن لادن الموثوق بهم.
وراقبت الولاياتالمتحدة المراسل نحو عامين وأفلحت في أغسطس الماضي فقط في تحديد مكان إقامته وشقيقه في المجمع الفخم المنعزل في منطقة "أبوتاباد"، وتبعد 62 ميلاً شمالي العاصمة الأفغانية.
وقال مسئول أمريكي: "عندما رأينا المبنى صعقنا مما شاهدنا.. أنه فريد وأكبر بثمانية مرات عن أي منزل آخر في ذات الضاحية الثرية... والأخوان لا يملكان الموارد المالية لامتلاكه."
وأحاطت العديد من المنازل السكنية بالمجمع الفخم المكون من ثلاثة طوابق الذي يمكن الوصول إليه عبر طريق مترب غير ممهد، وكان الأكبر حجماً ويخضع لحراسة أمنية مشددة، تحيط به جدران عالية يبلغ ارتفاعها 18 قدماً، يعتليها أسلاك شائكة.
كما أن ساكنيه، وعلى خلاف القاطنين في المنطقة، دأبوا على حرق المخلفات.
وأكدت كافة المعلومات الاستخباراتية أن المجمع، بني خصيصاً لإيواء مشتبه به مرموق، وربما بن لادن ذاته، والمبنى الفخم، وقدرت قيمته بأكثر من مليون دولار، لا توجد به وسائل الاتصالات من هاتف أو إنترنت.
وأفادت مصادر أمريكية مسئولة أن فريقاً صغيراً من القوات الأمريكية الخاصة اضطلعت بتنفيذ المداهمة "الجراحية"، وقوبلت بمقاومة من قبل بن لادن وثلاثة رجال آخرين مما أدى لاندلاع اشتباكات مسلحة.
وانتهت المواجهات المسلحة بمقتل الرجال الأربعة بالإضافة إلى امرأة، وقضى زعيم تنظيم القاعدة الذي راوغ الولاياتالمتحدة زهاء عشرة أعوام، بطلق ناري في الرأس وألقي بجثته في البحر كما أفادت مصادر أمريكية مطلعة.
واستخدمت تقنية التعرف على الوجه، بالإضافة إلى تقنيات أخرى، لتأكيد هوية بن لادن، وأكدت جميعها أن الجثة تعود إلى زعيم تنظيم القاعدة.
ورغم أن إدارة واشنطن جزمت بأن العملية السرية لم يعلم بها سوى قلة من المسئولين الأمريكيين إلا أن باكستان قالت إن عناصر من جهاز الاستخبارات القومي كانت حاضرة أثناء العملية.
وأفادت مصادر أمريكية أن واشنطن أدركت إمكانية اختباء بن لادن في مجمع بباكستان مطلع هذا العام، وفي فبراير أكدت المعلومات المتوفرة إمكانية التحرك لاقتناصه.
وفي منتصف مارس رأس الرئيس الأمريكي سلسلة اجتماعات مع طاقمه الأمني، ومع تأكيد آخر معلومات وردت في 19 و28 إبريل الماضي، أعطى أوباما الضوء الأخضر للعملية، الجمعة الماضي.
وأثار المجمع الفخم، الذي أقام به بن لادن وزوجته، وعدد من أعضاء العائلة، وأحاطت به أسوار عالية بلغ ارتفاعها ما بين 12 إلى 18 قدم على رأسها أسلاك شائكة، الشكوك، فالإجراءات الأمنية كانت صارمة، حتى النفايات كانت تحرق ولا توضع في المكان المخصص لجمعها. وخلص المحققون إلى أن المجمع الذي بني خصيصاً لإيواء شخصية ذات أهمية بالغة، ليس سوى مخبأ لبن لادن. وقد استطاع الجواسيس الأميركيون تقفي أثر زعيم القاعدة أسامة بن لادن في آب الماضي بعد مطاردة مبعوثاً للأخير أوصلهم الى مقر بن لادن الذي يقع في مجمع يبعد نحو 60 كيلومترا عن العاصمة الباكستانية اسلام آباد. فبعد سنوات من اقتفاء خيوط وآثار كانت تؤدي الى طريق مسدود في عملية البحث عن زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن، تحقق الاختراق الحاسم في آب اغسطس الماضي. إذ استطاع الجواسيس الاميركيون الذي كانوا يطاردون مبعوثا موثوقا من مبعوثي بن لادن، ان يتوصلوا أخير الى مكان اقامته في مجمع يبعد نحو 60 كيلومترا عن العاصمة الباكستانية اسلام آباد. وكان المجمع مؤمَّنا وكبيرا بحيث اعتبر المسؤولون الاميركيون انه أُنشئ لإخفاء شخص أهم بكثير من المبعوث الذي كانت اجهزتهم ترصده.
واعقبت الوصول الى تحديد موقع المجمع ثماني اشهر من العمل الاستخباراتي المتواصل على مدار الساعة ليتكلل بالهجوم الذي نفذته يوم الأحد قوة خاصة من عناصر الجيش والمخابرات مستخدمة المروحيات. وبمقتل بن لادن في الهجوم انتهت واحدة من أوسع عمليات المطاردة وأصعبها في تاريخ المخابرات الاميركية.
وكان معتقلون في سجن غوانتانامو اعطوا المحققين الاميركيين اسم المبعوث الحركي وقالوا انه من مرافقي خالد الشيخ محمد، الذي اعترف بالتخطيط لاعتداءات 11 ايلول سبتمبر.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن عناصر في الاستخبارات الاميركية انهم عرفوا اسم المبعوث الحقيقي قبل نحو اربع سنوات ولكنهم احتاجوا الى سنتين أُخريين لتحديد المنطقة التي تشكل دائرة تحركه بشكل عام. ولم يقتفوا تحركاته الى المجمع الموجود في مدينة ابوتاباد التي تبعد ساعة بالسيارة عن العاصمة الباكستانية إلا في آب اغسطس عام 2010.
بعد ذلك أمضى محللو وكالة الاستخبارات المركزية عدة اسابيع في دراسة وفحص صور التقطها الاقمار الاصطناعية وتقارير استخباراتية لتحديد هويات الذين يعيشون في المجمع. وقال مسؤول كبير في الادارة الاميركية ان وكالة الاستخبارات المركزية خلصت في ايلول سبتمبر الى ان هناك "احتمالا كبيرا" ان يكون اسامة بن لادن نفسه مختبئا في المجمع.
ولم يكن المجمع يمت بصلة الى الكهف المتقشف في الجبال كما ذهبت تصورات الكثيرين عن مخبأ بن لادن بل كان مبنى كبيرا على اطراف المدينة أُنشئ على قمة تل تحيطه اسوار من الخرسانة ارتفاعها 4 امتار تعلوها اسلاك شائكة.
وقُدر سعر المبنى بنحو مليون دولار ولكنه كان بلا هاتف أو انترنت. وكان سكانه مهجوسين بالأمن حتى انهم كانوا يحرقون النفايات بدلا من رميها في القمامة لجمعها لاحقا مثلما يفعل جيرانهم. ويعتقد مسؤولون اميركيون ان المجمع أُنشئ عام 2005 ليكون مخبأ بن لادن تحديدا.
ومرت شهور أخر من العمل الاستخباراتي الشاق قبل ان يشعر الجواسيس الاميركيون بما يكفي من الثقة بأن بن لادن وافراد عائلته يقيمون فعلا في المجمع، وقبل ان يقرر الرئيس باراك اوباما ان المعلومات مقنعة بما فيه الكفاية للشروع في التخطيط لعميلة تستهدف بن لادن.
وفي 14 آذار مارس ترأس اوباما الأول من خمسة اجتماعات أمنية عُقدت على اعلى المستويات خلال الأسابيع الستة التالية لمراجعة تفاصيل العملية. وعُقدت هذه الاجتماعات بحضور اقرب مستشاري الرئيس الأمنيين فقط. وتلتها اربعة اجتماعات أخرى قبل الاجتماع الأخير الذي عُقد يوم الجمعة.
وحتى بعد توقيع اوباما رسميا على الأمر الرسمي بتنفيذ العملية اختار إلا يُبلغ الحكومة الباكستانية بشأنها. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤول كبير في الادارة قوله ان الولاياتالمتحدة لم تتقاسم معلوماتها الاستخباراتية عن المجمع مع اي بلد آخر، بما في ذلك باكستان.
وقال مراقبون ان عدم ابلاغ باكستان لم يكن مفاجئا. فعلى الرغم من تأكيدات الباكستانيين ان بن لادن ليس في باكستان فان الولاياتالمتحدة لم تصدق ذلك ذات يوم. وتشير البرقيات الدبلوماسية الاميركية المسربة الى ممارسة ضغوط اميركية متواصلة على باكستان للمساعدة في العثور على بن لادن وتصفيته.
في يوم الأحد انطلق فريق القوة المهاجمة من عناصر الجيش والاستخبارات بمروحياتهم لاقتحام المجمع. واكتفى المسؤولون الاميركيون بالقول ان معركة نشبت خلال الغارة على المجمع وان بن لادن حاول ان يقاوم المهاجمين. وحين توقف اطلاق النار كان بين القتلى بن لادن نفسه وثلاثة رجال آخرين. كما قُتلت امرأة قال مسؤول اميركي ان احد اتباع بن لادن استخدمها درعا بشريا. ملف صور وفور إعلان الرئيس الأميركي باراك اوباما عن مقتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن، تدافعت الحشود الأميركية إلى الشوارع محتفلين مغنين مهللين. والمشهد الأبرز كان في نيويورك حيث كان يقوم برجي التجارة التي دمّرها هجوم إرهابي في 11 أيلول 2011 واعتبر بن لادن العقل المدبر خلفها. ومن جهة أخرى ترقّب العالم الخبر عبر الشاشات بحذر والأخص في أفغانستان.