أثار إكتشاف خمس جثث مرمية في خزان ماء قرب بلدة القواليش الواقعة تحت سيطرة المعارضة الليبية في جبل النافوسة تساؤلات عن التزام الثوار بالمبادئ الانسانية لقوانين الحرب. وما زاد الشكوك بأن مقاتلين من قوات المعارضة ربما كانوا ضالعين في عملية القتل الجماعي هذه أن الملابس العسكرية للقتلى هي نفسها التي يرتديها جنود الزعيم الليبي معمر القذافي وأن أحداً من الثوار لم يتقدم ليدعي عائدية الجثث الخمس أو يعلن فقدان اقارب له. كما لم تجر مراسم دفن أو دعوة وسائل الاعلام للاطلاع على "فظاعات النظام" الليبي، كما هو معهود. وقالت صحيفة "ديلي تلغراف" إن المحاولات الرامية للتعرف على هوية القتلى لم تتكلل بالنجاح لأسباب منها العراقيل التي وضعتها سلطات المعارضة مشيرة الى تجريف المنطقة واختفاء الجثث. وتوقع مراقبون ان يزيد اكتشاف الجثث الخمس شدة المخاوف التي جرى تسليط الضوء عليها مؤخرا من وقوع انتهاكات لحقوق الانسان ارتكبتها قوات المعارضة. وقبل ايام اتهمت منظمة مراقبة حقوق الانسان "هيومن رايتس ووتش" قوات المعارضة بنهب منازل ومتاجر ومستشفيات وضرب الأسرى خلال تقدمها. واشارت صحيفة الديلي تلغراف الى تهجير افراد قبيلة المشاشية الموالية تقليديا لنظام القذافي من ديرتها التي تعرضت منازلها للسرقة ودكاكينها ومدارسها للتخريب والنهب، بحسب مراسل الصحيفة. وتخشى منظمات حقوق الانسان ان تتفاقم هذه الخروقات مع تقدم قوات المعارضة نحو بلدات اقرب الى العاصمة مثل الغريان التي تعتبر من المعاقل الموالية للنظام. ودعا سدني كويرام الذي أعد تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش قادة المعارضة الى التحقيق في الحادث الأخير قائلا ان "مما له اهمية قصوى ان تحقق السلطات في ما حدث لهؤلاء الرجال الخمسة". وكانت الجثث عُثر عليها مرمية في خزان ماء على جانب الطريق الممتد بين زنتان والقواليش حيث عززت قوات المعارضة تقدمها. وقال قادة عسكريون من المعارضة بينهم ضباط انشقوا عن النظام ان قوات القذافي على الأرجح هي التي قتلت الرجال الخمسة لأنهم حاولوا الانضمام الى المعارضة.
ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن عقيد التحق بالمعارضة في حزيران/يونيو ان قوات القذافي تطلق النار إذا ظنت ان احدا يريد الفرار. وأكد اسرى من قوات القذافي اقوال العقيد.
ولكن شكوكا أُثيرت بعدما قامت سلطات المعارضة بالتخلص من الجثث الخمس وتجريف المنطقة. ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن سائقي سيارات انهم تلقوا اوامر عسكرية بألا يأخذوا صحفيين الى المكان. وقال سائق احدى المنظمات الاعلامية انه تعرض الى التهديد برميه في الصحراء إذا ذهب الى المكان. وارسل المجلس الوطني الانتقالي للمعارضة مسؤولين بينهم نائب وزير العدل عبد الباسط ابو مزريق الى جبل النافوسة للتحقيق في الاتهامات بارتكاب خروقات. وقال ابو مزريق ان الأسرى يُعاملون معاملة طيبة وانهم سيُعادون الى عائلاتهم بعد الحرب. ولكن منظمتي العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش اكدا وجود حالات موثقة لأعمال قتل خارج اطار القانون ارتكبتها قوات المعارضة بما في ذلك قتل أسرى تحت التعذيب. وكان موالون للنظام وافارقة متهمون بالعمل مرتزقة أُعدموا بلا محاكمة في الأيام الأولى من الانتفاضة. ومنذ ذلك الحين جرت اعتقالات استهدفت اشخاصا يُشتبه بأنهم من افراد اجهزة الأمن القذافية وعثر لاحقا على جثثهم مقيدة الأيدي. وقال بيتر بوكارت مدير الطوارئ في منظمة هيومن رايتس ووتش ان المنظمة اكتشفت عددا من الاعدامات بحق اشخاص يُشتبه انهم مقاتلون موالون للقذافي في المناطق الشرقية والغربية على السواء. وتقول المنظمتان ان هذه الأعمال ليست بحجم انتهاكات النظام. واشار بوكارت الى ان اعمال القتل المنسوبة الى قوات المعارضة تتسم بنمط ثابت لكنه استبعد ارتكابها بموافقة من سلطات المعارضة في بنغازي. وقالت ديانا الطهاوي من منظمة العفو الدولية ان اعضاء في المجلس الوطني الانتقالي اعترفوا بوجود مشكلة مع بعض مقاتليهم لكنهم لم يفعلوا ما يكفي لمعالجتها. ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن الطهاوي انه "ليست هناك مقارنة مع الجانب الموالي للقذافي ولكن مبعث القلق هو عدم وجود ارادة كافية لمعالجة المشكلة على مستوى القيادة". وشددت على ضرورة وقف هذه الانتهاكات "قبل ان تصبح اسوأ".