في العام 1990 قامت الوحدة اليمنية، وكان الجيش في كلا الشطرين مرهقاً. الجيش الجنوبي جاء إلى الوحدة وهو مرهق من آثار أحداث 13 يناير الدموية وانهيار الاتحاد السوفيتي، لكنه كان جيشاً مؤهلاً وتربى على عقيدة قتالية محترمة تنظر إلى الوحدة بإجلال، وتنظر إلى الانضباط العسكري وإلى النزاهة الذاتية بعينين مفتوحتين وعقيدة وطنية بحتة. وكان الجيش في الشمال هو الآخر مرهقاً من حروب الداخل ومن نهب الكبار له. في 22 مايو سنة 1990 تم دمج الجيشين بطريقة خرافية، ولم تمضِ فترة سنتين حتى ظهرت على السطح نتائج الاستعجال. الاستعجال ذاته أشعل بين الجيشين المتوحدين حرباً سريعة في العام 1994، وعلى الرغم من تفوُّق الأداء والاستعداد والانضباط القتالي لدى جيش الجنوب مقارنة بجيش الشمال، الذي لم يكن حينها أكثر من وحدات عسكرية تحتوي على وفرة من المقاتلين القادمين من البلاد ومن المجاهدين الأفغان الذين جلبهم "الزنداني" لخوض معركة الانتصار على الكفرة والملحدين في عدن، إلا أن مهارة الانقضاض على العدو الداخلي- بالنسبة لنظام صنعاء القديم- كان هو الفيصل، وانتهت الحرب لصالح جيش العُسرة الذي هرول إلى عدن لمحاربة عدوٍّ في الداخل. وبعد سقوط عدن في إيادي ما سُمِّيت آنذاك ب قوات الشرعية تشوَّهت عقيدة الجيش وتحولت أدمغة الجنود والعسكر إلى علب تمت تعبئتها جيداً بخطب الزنداني ومن على شاكلته، وأصبح لدينا مع الوقت جيش يمكن الاعتماد عليه في مسألة بناء وزارة الأوقاف فحسب، أما مسألة بناء بلد ما اركنكش، وظهر ذلك واضحاً من خلال الزجِّ بالجيش في 6 حروب أنهكت المعنويات وسمَّمت العقيدة، وأحالته إلى جيش يرقِّع الخيبات، على أن من أوائل مهام إصلاح الجيش إعادة بناء العقيدة.