أطلق حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) أمس الإثنين مبادرة جديدة للخروج من الأزمات التي تمر بها اليمن حاليا، خصوصا أزمة الجنوب، تقترح اعتماد النظام "الفيدرالي" القائم على أساس مفهوم الدولة المركبة واللامركزية الكاملة. وجاء إعلان هذه المبادرة في مؤتمر صحفي بالعاصمة صنعاء، في وقت تشهد فيه عديد محافظات جنوبية تصاعدا ملحوظا لنشاط جماعات "الحراك الجنوبي"، من خلال الخروج إلى الشارع في مظاهرات ومسيرات لا تخلو عادة من شعارات مناهضة للوحدة وأعمال عنف ومصادامات بين قوى الأمن والمتظاهرين كان آخرها أمس بمنطقة العند محافظة لحج خلال تشييع جثامين ضحايا مواجهات سابقة، مما أسفر عنه مقتل مواطنين اثنين، وإصابة ستة آخرين بجروح. وتنص مبادرة حزب رابطة أبناء اليمن (رأي)، الذي كان تقدم بمبادرات مماثلة سابقا، على " أن الأخذ بنظام الدولة المركبة واللامركزية الكاملة هو ما تحتاجه اليمن الآن". كما اعتبر الحزب أن التجارب التاريخية والمعاصرة أثبتت أن مركزية الحكم، وفق نظام الدولة البسيطة، كما هو عليه الحال في اليمن، "هي العامل الأساس للترهل والفساد والبيروقراطية في منظومة الحكم، والعائق الرئيس للتنمية، والمولَّد للغبن السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ومن ثم للتباغض والتنافر، وأنه كذلك القادح لشرر النزعات الانفصالية والتصادم". وتتضمن المبادرة التي حصل موقع براقش نت على نسخة منها، عديد مقترحات لتطوير النظام السياسي في اليمن منها: اعتماد نظام المجلسين التشريعيين المنتخبين بما يحقق التوازن الحقيقي، واعتماد نظام الانتخابات بالقائمة النسبية، بحيث يتحول الوطن إلى دائرة واحدة بالنسبة لمجلس النواب، وتتحول كل وحدة محلية إلى دائرة واحدة بالنسبة لانتخابات مجلس الشورى وانتخابات المجالس المحلية. وفي ذات السياق أيضا اقترحت المبادرة إجراء عملية خصخصة للإعلام، لتتحول مؤسساته إلى شركات مساهمة يمتلك منسوبوها 50% من أسهمها وباقي الأسهم للمستثمرين والإكتتاب العام، كما اقترحت إنشاء أمن محلي وأمن عام اتحادي، وتشكيل سلطة قضائية محلية مستقلة وسلطة قضائية اتحادية، و اعتماد نظام الحكم الرئاسي الكامل الأركان بحيث يتم انتخاب الرئيس ونائبه معا مباشرة من قبل الشعب، بالإضافة إلى إنشاء جهاز خدمة مدنية اتحادي مستقل، وأجهزة خدمة مدنية محلية مستقلة. وفي ما يتعلق بباقي أجهزة ومؤسسات وسلطات الحكم المحلية وصلاحياتها وتنظيم علاقاتها بالسلطات الفيدرالية، رأت المبادرة أن يتم بشأنها مايتم في مثيلاتها في العالم. وكان رئيس حزب الرابطة السياسي المخضرم عبدالرحمن الجفري قال خلال المؤتمر الصحفي، إن الوحدة اليمنية لم تفشل وإنما فشل النظام الحامل للوحدة، مضيفاً بأن "الوحدة ليست صنما يعبد، ولا صنما من تمر كلما نجوع نعود ونأكله". وأشار إلى أن الهدف الأساس من هذه المبادرة يتمثل في تحقيق مفهوم المواطنة المتساوية المرتكزة على: العدالة في توزيع الثروة والسلطة، والديموقراطية المحققة للتوازن والشراكة الحقيقية في المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين فئات ومناطق الوطن، والتنمية الشاملة المستدامة. وفي ما يتعلق بآليات التنفيذ، تقترح المبادرة أن يدعو رئيس الجمهورية لمؤتمر حوار وطني لا يستثنى منه أحد، بما في ذلك ممثلين عن جماعة "الحوثي" وممثلين عن المعارضة في الخارج، إلى جانب ممثلين عن القوى والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني في الداخل، وكذا ممثلين لكل من العلماء والمشائخ غير المنتميين حزبياً، بالإضافة إلى أكاديميين غير منتمين حزبياً (يتم التوافق عليهم)، على أن يراعى تمكين المرأة ضمنهم بصرف النظر عن وجودها ضمن ممثلي الأحزاب. ولأهمية اليمن ومكانتها الاقليمية والعربية، ترى المبادرة أن يجري الحوار بحضور ممثلين عن الجامعة العربية ومجلس التعاون لدول الخليج، يشاركون إخوانهم اليمنيين في تسهيل حوارهم، ودعمه، وتقديم الدعم الفني والمادي لتنفيذ ما يتوافق عليه المتحاورون اليمنيون. وطبقا للمبادرة فإن مهام المؤتمر الوطني للحوار تتلخص في: وضع الخطوط العامة للقضايا المذكورة في المبادرة، ولما يمكن إضافته من قضايا، خلال مدة لا تزيد عن شهرين، واختيار هيئة صياغة من علماء شريعة وقانون محليين،بإشراف ومتابعة ثلاثة يختارهم مؤتمر الحوار من بين أعضائه، يقومون خلال مدة أقصاها ثلاثة أشهر بتلقي مقترحات من جهات الحوار بالتعديلات الدستورية والقانونية التي تستوعب كل قضايا الاصلاحات المطروحة، وصياغة مشروع التعديلات الدستورية والقانونية المطلوبة لاستيعاب قضايا الإصلاحات وإعادة الهيكلة للدولة ونظام الحكم المذكورة أعلاه، بالاستفادة مما تتلقاه من جهات الحوار. كما تقترح المبادرة أن يكون من ضمن مهام مؤتمر الحوار الوطني، تشكيل حكومة وحدة وطنية يرأسها رئيس الجمهورية، وله نائب أو أكثر، وتقوم تلك الحكومة بالإجراءات التنفيذية للإصلاحات الشاملة وإعادة الهيكلة لنظامي الدولة والحكم، والتنسيق مع مجلس النواب لاعتماد التعديلات الدستورية والقانونية، ثم إجراء استفتاء على ما يقتضي الاستفتاء عليه من التعديلات الدستورية.. وإعداد البلاد لانتخابات السلطات التشريعية الاتحادية والمحلية والانتخابات الرئاسية، وكافة الإجراءات التنفيذية اللازمة لإنفاذ الإصلاحات وإعادة الهيكلة وإدارة البلاد خلال فترة توليها. وتنص المبادرة على أنه بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطينة يستمر المؤتمر الوطني للحوار كجهة رقابة ومتابعة لتنفيذ ما أقره في حواره، ومن ثم يتم تشكيل هيئة ضمان وطنية من أعضاء المؤتمر الوطني للحوار، وعشرة من كبار العلماء المستقلين والبعيدين عن ممارسة العمل السياسي والتحزب، وعشرة إلى خمسة عشر شيخا من مشائخ شمل القبائل الحقيقيين غير المنتمين سياسيا، وعشرة أكاديميين مستقلين، وعشرة من قيادات منظمات المجمتع المدني الكبرى غير منتمين حزبيا، وعشرة من الشخصيات الوطنية المستقلة، وأن يكون التوافق عليهم من قبل المؤتمر الوطني للحوار بطريقة تحقق توازنا، ومهمة هذه الهيئة ترتيب الضمانات اللازمة لانجاز تنفيذ المخرجات المتوخاة من مؤتمر الحوار الوطني وما ينبثق عنه، خلال الفترة من الآن حتى الانتخابات التشريعية القادمة، التي يتم الإعداد لها مع الانتخابات المحلية والرئاسية وفق الأهداف والأسس السابق ذكرها أعلاه. وحذرت المبادرة من أن المرحلة دقيقة وحرجة، وإن أي تباطؤ أو تلكؤ في الإسراع في وضع (المخرج ) موضع التنفيذ بعيدا عن أي مناورات أو إعاقات من أي طرف كان، سيقود البلاد إلى نفق أسوأ، ينتهي بها إلى (تصفير) الثقة نهائيا في جدوى أي حوارات أو اتفاقات، ويقود الوطن إلى صراعات وتمزق. وأشارت إلى أنه" لا خير في بقاء أوضاع الدولة على ما هي عليه، وليس الانفصال والتمزق هو الخير"، وأكدت على أن ما طرح في هذه المبادرة هو محاولة وطنية صادقة لعملية إنقاذ شاملة، تحقق العدالة والمساواة والتوازن والشراكة الحقيقية، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، و الديموقراطية وتفتح الطريق لليمن وشعبه للعيش في أمن واستقرار، لبدء مرحلة من الإزدهار تمكن اليمن من أداء دوره الهام في المنطقة ومن الاندماج في محيطه الاقليمي، ليتحول إلى مجلس تعاون لدول الجزيرة العربية وليس لدول الخليج العربية فقط، وليساهم اليمن مع الأشقاء في تطويره حتى يصل إلى كونفدرالية بين دوله تعيش في تكامل مع مجتمعها العربي بدءا بمصر العربية و الأردن ليشمل كل دول المشرق والمغرب العربي. واختتم حزب رابطة أبناء اليمن مبادرته بالتأكيد على أن الفرصة أمام اليمن سانحة لتتحول الخلافات من نقمة إلى نعمة ومن محنة إلى منحة، وأضاف: إننا بهذه (المبادرة) نقدم إجتهادا منا نرى فيه طوق نجاة للجميع وللوطن، وندعو بل ونرجو الجميع سلطة ومعارضة ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات وكافة شرائح مجتمعنا إلى التآزر والتكاتف والتعاون والتسامح والتصالح لتتضافر جهودنا جميعا وبإخلاص لإنقاذ وطننا وشعبنا من مآل لايرضاه أحد.