خلال الأسابيع الماضية طاردتني الحمى التي انتشرت في المطارات بسبب انفلونزا الخنازير وبشكل لايصدق، والكثير من الفزغ يثير الضحك والشفقة معا لأنك تدرك أن لاحماية ولا وقاية ولاهم يحزنون ولكن الكل "يطلب الله بالطريق المناسبة" وهو رزق جاء من الخنزير أو الطيور المهم رزق لكل شركات الأدوية والأدوات الصحية وللموظفين العاطلين. ومن الاشياء الظريفة التي تلفت النظر أن تجد في المطارات تعليمات واضحة تبلغك أن عليك الابلاغ عن ي حالة انفلونزا أو شعور بالحمى أو العطس وإذا رأيت راكبا يعاني من زكام أو حمى فإنه يتوجب عليك إبلاغ الموظفين عن الحجر الصحي فورا وهو إعلان يقصد منه الفتنة (ليس الفتنه الطائفية ) ولكن الفتنة العائلية والشخصية - وعليك أن تتخيل كم من الناس تعرف أنهم مصابون بالزكام، أنا شخصيا كل من أعرفهم في حالة زكام إما مودعين للزكام أو مستقبلين له، ولهذا تجد في كل مدينة عربية خمسة مصانع للمناديل الورقية ؟ ولو صدق كل مسافر إعلانات المطارات فستكون فتنة حقيقية، فكل راكب وجد من جاره ما يبعث عن الحنق والغضب سيقوم ليبلغ عنه ويتركه بالحجز ويفر. وكل الزوجات الغاضيات من شخير وعجز أزواجهن هن أول المبلغين وسنجد أنهن لا يكتفين بالإبلاغ عن أزواجهن بأن لديهم زكام بل هم من فئة الخنازير حتما، وإذا لم يتم إلغاء هذا الإعلان المدمر سنرى الزوجات يهربن من المطارات وقد تركن أزواجهن عالقين لدى موظفي الحجر الصحي مثل الخنازير الصغيرة المسكنية. وفي مطار القاهرة واجهنا الموظفين وهم يرتدون الكمامات بشكل مضحك ويعطسون بالدقيقة عشر مرات والركاب يهربون. أما في مطار صنعاء فقد كانت المفاجاة أشد حيث ينط في وجهك شخصين ومعهما اّله تشبه مسدس لعبة للأطفال يخرج منها ضوء ويسلط على جبهتك وهما يبتسمان بالطبع. وظننا في البدء أنها أحد مقالب ( كشكوش) أو الكاميرا الخفية حتى كانت الجدية من ضابط الجوازات بأنه لا خروج إلا بعد أن يختم هؤلاء على بطاقتك لا على جبهتك "بطبيعة الحال" بأنك لست من الخنازير المصابة بالزكام؟ ولم أرد لأن ساعتها لم يكن مزاجي في حالة جيدة لإطلاق نكتة في وجوههم وخشية من الحجز لأني كنت لا أزال أحس بصداع لا يطاق خاصة بعد رحلة سفر على الخطوط الجوية اليمنية بهذه الرحلة أو رحلة الأردن حيث تجد ما يجعل انفلونزا الخنازير مزحة، لأن نصف الطائرة أمراض مساكين بين الكسور والطلقات النارية المميتة بالرأس والقلب أو أمراض السرطان المختلفة ورائحة الموت والمرض. هناك الأدوية التي تملاء الطائرة وتكتشف أنها الأخرى تعاني من كساح مزمن فلا شيء فيها يعمل، كراسي بحاجة إلى صيانة، ونكتة توزيع سماعات للاستماع إلى برامج الترفيه تثير الشفقة، لأن الكل من المضيفين والمضيفات يعرفون أن الأجهزة لا تعمل وأن توزيع السماعات والعودة إلى جمعها هو نوع من العقاب للمضيفات ليس إلا... فالأجهزة لا تعمل أصلا وكل شيئ بالطائرة مريض، ورائحة المجاري النفاذة وصلت إلينا ونحن لانزال في الطائرة. ولا أدري كيف أفهم هؤلاء أن كل ذلك يأتي بكل انفولونزا العالم وأمراضه وهي ليس فقط أسوأ وأخطر من انفلونزا الخنازير ولكنها ستجعل كل خنازير الدنيا تهرب قبل أن تصل الينا بأي زكام، ويبدوا أن هذا هو السر وراء بقاء مجاري المطار نفاذه ودائمة ومفتوحه تستقبل القادمين، حتى نحميهم من أي خنزير قادم.