عند اقتحام صنعاء في سبتمبر 2014 سطا على إحدى الوزارات ونهب سيارتين واستولى على البوفية الموجود في المبنى وحوله لحسابه. وحين بدأت الحرب تنوعت نشاطاته "الاقتصادية" لتضم بيع السلاح وتجارة المشتقات النفطية في السوق السوداء. جارنا المسكين ليس إلا واحدا من الآلاف الذين انخرطوا في نشاط اقتصادي قائم على "الفتح" و"الغزو" منذ اجتياح صنعاء. أما السوق السوداء الحوثية المتضخمة التي صارت بديلا للاقتصاد الرسمي المنهار بسبب الحرب فليست بداية القصة ولا نهايتها ولا أهم وجوهها. القصة الأكبر هي تأسيس "نمط إنتاج حربي" الذي يعتمد على " الجباية" و"الغنيمة". منذ بداية ظهورهم في صعده انشغل الحوثيون ب"الجباية" وجمع "الزكاة" بالقوة من المواطنين بدلا عن الدولة. بعد ذلك تم تطوير صناديق أخرى مثل صندوق المجاهدين والتبرعات الإجبارية الأخرى. ورغم وجود موارد اقتصادية ممتازة في صعدة، مثل الزراعة والحرف وتجارة المواشي فإن التفكير كان يتم في "الخراج" وليس في "الإنتاج". لم يفكر الحوثيون أبدا في الانخراط في أي نشاط اقتصادي منتج لتمويل نشاطاتهم. الإخوان المسلمون مثلا أسسوا شركات قطاع خاص ناجح كان كفيلا بتوفير احتياجات الحركة المالية، بينما ركز الحوثيون على "اقتصاد الحرب"؟ مع دخول صنعاء، انتقل الحوثيون من "الجباية" إلى "الغنيمة"، وباعتبار الغنيمة هو "كل ما يغنم في ساحة المعركة بقوة السلاح" فقد تحولت صنعاء و"المدن المفتوحة" إلى ساحة غنائم مفتوحة من ميزانية الدولة إلى السلاح والمنازل والمؤسسات والوظائف والجبايات النقدية مقابل "الحماية". وعندما نفذت خزينة الدولة تم الانتقال إلى جيب المواطن عبر الجباية الإجبارية غير المباشرة (الاستقطاعات، ضرائب المجهود على الخدمات) وغيرها من نشاطات "تبرعوا لنا لكي نقتلكم". السوق السوداء الحوثية شبه الرسمية هي السلسلة الأحدث في "اقتصاد الحرب الحوثية"، وهي ليست غريبة على الميليشيات بل هي جزء أساسي من اقتصاد الحرب الدائم عندها الميليشيات المنتصرة لا تعرف شيئا اسم "الإنتاج"، وتفكيرها ما زال منحصرا في الانتزاع الإجباري للمال من الدولة والمواطن معا. وإذا نفدت مواد اليمن، فإن الحل الوحيد الذي يطرحونه هو "غزو "السعودية و"اغتنام" موارد النفط هناك! أما إذا كنت تسعى لحياة مرفهة، فوسيلتك لذلك ليس"العمل" أو "التعليم" أو "الاستثمار" وإنما "وسائل الإنتاج" الأكثر فعالية "الشاص والكلاشينكوف". يتم تدمير الاقتصاد الرسمي بعناية لتأسيس اقتصاد سوق سوداء ضخم شعاره "دعه ينهب دعه يمر"، الكلاشينكوف الذي يحمل لاصق "الصرخة".