براقش نت - فجّر الرئيس المصري محمد مرسي، أمس، قنبلة سياسية، أضفت أجواء جديدة من الضبابية على المشهد المصري، وأثارت تساؤلات حول تداعياتها المحتملة، خصوصاً على العلاقة بين «الإخوان المسلمين» والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، حيث قرر، وبشكل مفاجئ، إلغاء قرار حل البرلمان الذي أصدره المجلس العسكري قبيل انتخاب الرئيس الجديد، ودعاه إلى ممارسة مهامه التشريعية، إلى حين إجراء انتخابات برلمانية خلال 60 يوماً من موافقة الشعب المصري على الدستور الجديد. وبدا ان هذا القرار قد أثار استياء بالغا لدى المجلس العسكري، الذي عقد اجتماعا طارئا مساء أمس لبحث التداعيات المترتبة عليه. قال عضو المجلس العسكري اللواء ممدوح شاهين، في مداخلة ضمن برنامج «في الميدان» على قناة «التحرير»، «كنا نتوقع الصدام بين الرئيس المنتخب وبين الجيش وسلطته التشريعية والقضاء ولكنه جاء مبكرا على غير المتوقع»، فيما قال عضو المجلس اللواء مختار الملا «لن نعلق على قرار الرئيس لأننا نمتلك السلطة التشريعية فقط وسنترك الرد للمحكمة الدستورية» التي ستعقد هيئتها العامة اجتماعا طارئا اليوم لبحث القرار.
وأصدر مرسي قراراً جمهورياً حمل الرقم 11 لسنة 2012، وجاء فيه: إن رئيس الجمهورية، بعد الإطلاع على الإعلان الدستوري الصادر في 13 شباط العام 2011، وعلى الإعلان الدستوري المكمل الصادر في 30 آذار 2011، وعلى الاتفاقيات الدولية التي صدقت عليها جمهورية مصر العربية، وعلى القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية، وعلى القانون رقم 38 لسنة 1972 بشأن مجلس الشعب والقوانين المعدلة له، وعلى قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979، وحكم المحكمة الدستورية الصادر فى الدعوى رقم 20 لسنة 1934 قضائية دستورية وعلى قرار رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة رقم 350 لسنة 2012، قرر: المادة الأولى: سحب القرار 350 لسنة 2012 باعتبار مجلس الشعب منحلاً اعتباراً من يوم الجمعة الموافق 15 حزيران سنة 2012. المادة الثانية: عودة مجلس الشعب المنتخب لعقد جلساته وممارسة اختصاصاته المنصوص عليها بالمادة 33 من الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 30 آذار العام 2011. المادة الثالثة: إجراء انتخابات مبكرة لمجلس الشعب خلال 60 يوماً من تاريخ موافقة الشعب على الدستور الجديد والانتهاء من قانون مجلس الشعب. وكانت المحكمة الدستورية العليا قد أصدرت حكماً بعدم دستورية قانون انتخاب مجلس الشعب، وبطلان المجلس كاملاً. وأصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة، قراره في 15 حزيران الماضي بحل مجلس الشعب باعتباره باطلاً قانوناً. وفي أول رد فعل عقب إلغاء قرار حل البرلمان، وجه رئيس مجلس الشعب سعد الكتاتني الدعوة للنواب لعقد جلسة طارئة اليوم. وذكر التلفزيون المصري إن الهيئة العامة للمحكمة الدستورية ستعقد اليوم جلسة طارئة لمناقشة قرار عودة البرلمان. وقالت نائب رئيس المحكمة الدستورية تهاني الجبالي إن قرار مرسي «يعتبر انتهاكاً لسيادة القانون»، معتبرة أنه يكرس «بداية للحرب بين السلطات». وشددت على أن «قرارات المحكمة الدستورية العليا لا رجعه فيها ولا احد فوق القرارات الدستورية حتى لو كان رئيس الجمهورية نفسه»، مؤكدة أن «ما فعله الرئيس هو استغلال لحق ليس بحقه». وتابعت «الآن دخلنا دائرة تكسير العظام وما يحدث انتهاك صريح للقانون لنرى من سوف يكسب في هذه المرحلة». وأثار قرار مرسي جدلاً دستورياً واسعاً. وقال الخبير الدستوري عصام الاسلامبولي ل«السفير» إن «ما حدث هو نوع من البلطجة السياسية، وتحد لسياسة القانون والشرعية»، واصفا ما قام به الرئيس المصري بأنه «خروج عن القسم الذي أقسمه أمام المحكمة الدستورية بأنه سيحترم الدستور والقانون». أما رئيس المركز العربي للقضاة والمحامين ناصر أمين فقال ل«السفير» إن ما حدث «مصيبة سوداء»، موضحاً أن مرسي «ارتكب أول خطأ وأول جريمة يقدم عليها رئيس جمهورية». وأضاف « أن ما فعله من الممكن أن يعرضه للمحاكمة والمساءلة، لكن المشكلة والعائق الوحيد أن الإعلان الدستوري لم يتضمن آلية لمساءلة رئيس الجمهورية ومحاكمته إذا دعا إلى مخالفة القانون». وأشار ناصر أمين إلى أن ما حدث يمثل «بداية صراع شديد فى الدولة المصرية بين مؤسسة الرئاسة من ناحية، وبين المجلس الأعلى للقوات المسلحة القائم على شؤون البلاد وإعمال السلطة التشريعية لحين وضع دستور للبلاد من جهة أخرى». وتابع «إننا أمام حالة شديدة الخطورة فهذه هي المرة الأولى التي يصدر فيها قرار جمهوري مؤسس على مخالفة حكم قضائي صادر من المحكمة العليا»، معتبراً أنه «حتى لو كان هذا الحكم معيباً، ما كان لرئيس الجمهورية أن يقع فى هذا الخطأ على الإطلاق». ورأى أن «هذا البرلمان المدعو للانعقاد لن يستطيع اتخاذ أي قرار أو تشريع لأنه سيكون باطلا، بل يصل إلى درجة الانعدام القانوني وبالتالي ليس له أي أثر». بدوره، قال الناشط الحقوقي نجاد البرعي ل«السفير» إن «ما حدث بالتأكيد سيتبعه انقلاب على المشير رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وهو بالتأكيد لن يصمت، وسنعيش أزمة شديدة فى الفترة المقبلة جراء هذا القرار». من جهته، قال نائب رئيس «حزب الحرية والعدالة» التابع ل«الإخوان» عصام العريان إن «قرار رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي, بعودة مجلس الشعب للانعقاد يأتي تأكيداً لإرادة الشعب واحتراما لحكم الدستورية». في المقابل، طالب رئيس المجلس الوطني ممدوح حمزة المجلس العسكري بعزل مرسي، ومنعه من دخول قصر الرئاسة، وتقديمه للمحاكمة «لتعديه على السلطة القضائية». وهاجم وكيل مؤسسي حزب الدستور محمد البرادعي قرار اعادة البرلمان قائلاً «القرار التنفيذي بعودة البرلمان، هو إهدار للسلطة القضائية ودخول مصر في غيبوبة دستورية وصراع بين السلطات». وقال النائب محمد أبو حامد إن قرار الرئيس بعودة البرلمان، إسقاط لدولة القانون والدستور، وإدارة للبلاد بمنطق القبيلة، واصفا القرار بأنه إعادة لما يوصف بأنه أسوء من النظام السابق. كذلك، هاجم رئيس حزب التجمع قرار مرسي، قائلاً إن «حكم الدستورية العليا يقضي بأن مجلس الشعب هو والعدم سواء، وان الرئيس مرسي لم يتحمل الديمقراطية عدة أيام، ثم تحول إلى حاكم مستبد متحديا أحكام القضاء، وهذا لا يمكن أن يحدث في أي بلد ديمقراطي، وباتخاذه هذا القرار الاستبدادي يدخل بمصر على فترة بالغة الخطورة». لكن عضو مجلس الشعب مصطفى النجار اعتبر أنه «على المستوى السياسي، فإن القرار حل وسط للخروج من الأزمة والفراغ التشريعي مع ضرورة التأكيد على احترام سيادة القانون، وضرورة إجراء انتخابات برلمانية جديدة على كل مقاعد البرلمان، بعد تغيير قانون انتخابات مجلس الشعب السابق».