في روايتها «Open House» التي حولت في 1993 لفيلم تلفزيوني. تروي إليزابيث بيرج قصة سيدة قرر زوجها قطع ‘'اللحظة الحميمة'' التي كانا يعيشانها ليقول لها إنه يريد الرحيل..!! لماذا؟ ولماذا الآن؟ وكيف وبأي مبرر؟! لميس ضيف انهالت عليه بالأسئلة فلم يجاملها بإجابة بل طفق يجمع ثيابه وخرج هائماً على وجهه منتصف الليل وكأنه فارٌّ من سجن.. ترك زوجته المحبة التي تفانت في خدمته وخدمة طفلهما ذي الثماني سنوات؛ وترك بيتهما الجميل للفرار من إحساس خانق لم يقدم له تفسيراً .. تهاوت حياتها بالطبع؛ ووجدت زوجها يطالبها بترك المنزل لأنه لن يستطيع دفع أقساطه، سيما وأنه قد فتح بيتاً جديداً.. وأمام التهديد بخسارة منزلها الذي بدا لها آنذاك كل ما تملك لملمت الزوجة كرامتها وشرعت في البحث عن عمل، ولكنها لم تجد من يرغب في توظيف سيدة على مشارف الخمسين؛ لا تملك أي خبرة في أي عمل ولا مهارات من أي نوع..!! تزامناً مع كل هذا فوجئت الأم بطفلها الوحيد، الذي اجتهدت لرعايته وسد غياب الأب بتدليله، وهو يصدُّ عنها ويتركها للانتقال لمنزل والده الجديد لما وجد أن الحياة مع والدته كئيبة لا تطاق.. وعندما جاءت والدتها لتواسيها قالت له: لا ألومهما لتركي.. حتى أنا أريد أن أتركني!! بطلة قصتنا تشبه الكثيرات من النساء الشرقيات.. تتزوَّج الواحدة منهن فتذوب في الأسرة؛ في رغبات الزوج ومتطلبات الأبناء والمنزل.. تتلاشى هويتها تباعاً وتصبح إنسانة أخرى بلا خصوصية.. ولا اهتمامات ولا هوايات ولا طموحات - إلا- تلك المتعلقة بالأسرة!! برنامجهن اليومي هو ما تسمح به متطلبات الأسرة.. يشاهدون ما يريد الزوج مشاهدته من برامج؛ ويذهبون إلى حيث يريد الأبناء من مطاعم؛ وإن عملن.. فيعملن لأن الأسرة محتاجة للدخل الإضافي، وحتى عندما يتسوَّقن؛ يتسوقن للمنزل والأبناء..!! لا تتعجبوا فهن موجودات؛ تلفتوا حولكم وستجدون منهن زمراً.. نساء نذرن أنفسهن للأسرة ونسين أنفسهن.. هن نماذج مشرفة - نعم- إنما في يوتوبيا أفلاطون؛ أما في عالمنا هذا فهنَّ كالمستثمر المتهور الذي يضع بيضه كله.. في سلة واحدة! أعي تماماً أن البعض يمطّ شفتيه الآن أو يرفع حاجبه تعجباً؛ ولكن الحقيقة هي أننا نعيش في عصر مستعر لا مضمون فيه.. فالزوج المخلص المتفاني قد ينسى زوجته بل ونفسه من أجل عيون حب جديد.. والأبناء قد يلتصقون بالأم في سنوات الحاجة لها ثم يعقون ويمضون في حياتهم دون أن يلتفتوا إلى الوراء.. دنيا اليوم موحشة؛ وعلى كل امرئ منا أن يتهيأ لما هو غير متوقع.. قد يبدو هذا الطرح متطرفاً ولكن المشهد أكثر تطرفاً.. المشكلة هنا أن المرأة التي تنسى نفسها ولا تحب ذاتها لا تجد في العادة من يحبها.. كثيرون ينفرون من النساء القويات ولكن من ينفرون من المستكينات مهيضات الجناح أكثر.. بلى؛ من الجميل أن تذوب بين مجموعة؛ في عمل أو أسرة أو جماعة.. ولكن هذا الذوبان يجب أن يكون محسوباً لئلا يسقط الفرد بعدها في دوامة الصدمة والخذلان.. بالمناسبة؛ قد تتساءلون ماذا جرى لصاحبتنا بطلة القصة أعلاه.. حسنا؛ استطاعت الحصول على عمل بسيط وأجّرت غرفتين في منزلها ولملمت شعث حياتها ووجدت صديقاً!! لاحقاً؛ عاد الزوج أدراجه بعد أن عصفت بحياته أزمة يترجى العودة للحياة الهادئة التي كان ينعم بها.. فرفضته!!