وحده رمضان من بين جميع شهور السنة يأتي مسلحاً ويدخل علينا وهو بكامل سلاحه. وسلاح رمضان ليس مجرد بندقية أو رشاش عادي ولكنه مدفع. وفي كل عام كان رمضان يأتي مدججاً بمدفعه ولم يحدث مرة أن تم إيقافه عند نقطة تفتيش وطُلِب منه أن يسلّم سلاحه. ليس لأن رمضان شهر فضيل ولا يجوز توقيفه ومصادرة سلاحه، ولا لأن لديه رخصة من وزارة الداخلية بحمل السلاح، ولكن لأن مدفع رمضان مدفع روحاني ومدفع مسالم، وليس هناك دليل على أن هذا المدفع قد خاض معركة أو شارك فى حرب أو تسبّب في قتل إنسان أو حتى في هدم جدار. ولمدفع رمضان صوت عذب وجميل يشبعُ الأذن ويطرب المعدة ويدخل الفرحة إلى قلوب الأطفال والكبار. وبمجرد سماعه يرقص الكل ابتهاجاً بانقضاء نهارٍ من الجوع والعطش والمعاناة. لقد كنا نفطر في صنعاء على صوت مدفع رمضان ومن سنوات لا ندري ما هو سر اختفاء صوته ! هل شاخ المدفع؟ أم نحن شخنا ولم نعد نسمع؟. أتذكر قبل سنوات أن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي كتب في تقريره الذي رفعه إلى الأمين العام للأمم المتحدة بأن مدفع رمضان لا يدخل ضمن سلاح الدمار وقال في تقريره: نحن فحصنا مدفع رمضان من كل الأوجه واتضح لنا بعد الفحص والتمحيص بأنه مدفع مسالم يستخدم للأغراض السلمية. ثم بعد أن كرر هذا الكلام في مقابلة له وأكد على أن مدفع رمضان الذي تمتلكه كافة الدول العربية والإسلامية لا يمثل خطراً على أمن أمريكا ولا على أمن إسرائيل ولا على السلام العالمي. جُنّ جنون وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك- كونداليزا رايس- وأنّبت البرادعي على أقواله تلك وطلبت منه عدم التدخل فى الدبلوماسية. أيامها كان المتحدث باسم البيت الأبيض قد طلب من الدول العربية والإسلامية ومن ضمنها اليمن أن تتخلى عن مدافعها الرمضانية، وقال محذراً: نعم لرمضان ولكن من دون مدفع.