لم يسبق لسلطة في اليمن أن عذبت صحفيين بوحشية منذ اعلان الجمهورية اليمنية. لكن الحوثيين يفعلون! قصارى ما كان يفعله حليف الحوثيين الراهن، الرئيس السابق علي عبدالله صالح، هو إرسال "كلاب صيد" مدربين يقومون باختطاف الصحفي (أو الكاتب) المغضوب عليه، من بيته أو من مكتبه أو من الشارع، ثم أخذه في جولة خارج العاصمة حيث يتم ضربه والتنكيل به في محاولة لإذلاله والنيل منه. كان حليفهم يدرك، كرئيس دولة عليه التزامات حيال المجتمع الدولي، تبعات التنكيل بصحفيين في مقرات الاستخبارات. لكن الحوثيين لديهم تميمة سحرية هي "ما نبالي"! كان صالح وأبرز مراكز القوى في نظامه التسلطي يختطفون ويعتقلون ويلفقون التهم ويفبركون الأحكام ثم يضطرون إلى البحث عن مخارج قانونية تجنبهم سوء الصيت في العالم (كأن يدرج اسم الرئيس صالح في قائمة دولية كواحد من صيادي الصحفيين). لكن الحوثيين، بما هم جماعة عصبوية فاشية، يفعلون ما هو أكثر من الخطف وحجز الحرية وتلفيق التهم وفبركة الأحكام (واقع الأمر أن الحوثيين لا يملكون أن يفبركوا حكما لأنهم بالطبيعة ضد القانون)! هم يصطادون في حملاتهم الوحشية الصحفيين، ولا يبالون! يختطفونهم من غرف النوم ومن مقرات وسائلهم الاعلامية ومن المجالس، ويزجون بهم في معتقلات سرية. يمارسون الإخفاء القسري وكل الفظاعات التي تليق بجماعة تحتقر القانون وتضيق بالاعتبارات البيروقراطية وتحتقر الشكليات القانونية الفارغة! **** الحوثيون يذهبون أبعد، بكثير، من النقطة التي بلغها جلادوهم في تعاملهم مع الصحفيين. هم المؤمنون الجدد الذين يشنون الحروب الاستردادية في كل الاتجاهات وفي شتى المجالات. هم "الوحش" الذي فارق دور "الضحية". *** يختطفون ويزجون بالمختطفين في معتقلات سرية احيانا. وأحيانا في اماكن احتجاز وحبس علنية كما في حالة الزميل محمود ياسين، ابن إب الخضراء، والمبدع الجميل الذي هو تكثيف، برشاقة قلمه وجمال روحه وعفوية مشاعره، لمحافظة كريمة وسوية هي واسطة العقد اليمني الجميل. *** ليس هذا فحسب! ليت هذا فحسب! الحوثيون يعذبون الصحفيين لغرض انتزاع اعترافات منهم. هذا الفعل المشين غير مسبوق منذ ربع قرن. ماذا لدى محمود ليعترف به غير ما يكتبه في حائطه في الفسبوك؟ ماذا لدى صحفي حر وشجاع ليقوله أكثر مما هو منقوش في أعماله ومقالاته وخاطراته ومبادراته النبيلة من أجل المنتهكين والمعذبين والعطشى والمهمشين؟ *** هناك صحفي ومبدع يمني يتم تعذيبه في مقر جهاز الأمن السياسي (المخابرات) في إب. هذا سبق يليق بجماعة أعادت اليمن إلى ما قبل الجمهورية والتعددية وحرية الصحافة والحق في التعبير. هذا سبق مستحق لجماعة أعادت العاصمة صنعاء، وكل حواضر اليمن، إلى ما قبل عصر الكهرباء. [آخر مرة شاهد سكان العاصمة عمود نور مضاء في شارع كانت قبل شهرين] *** محمود ياسين، الصحفي الذي كان يستفظع، مثل اصدقائه وزملائه، جرائم صالح ضد "اليمنيين" من كل لون وتيار ومذهب ومنطقة، يُعذب من قبل جماعة فاشية لا تميز بين محارب ومدني وسياسي وحقوقي وصحفي إذ تفرج عن توترها الاجرامي.
هناك صحفي يمني يتعرض للتعذيب الوحشي في مبنى للمخابرات تم خصخصته لصالح جماعة مسلحة. هذه سابقة خطيرة في اليمن منذ 1990. سابقة تثير الغضب في نفوس "الأسوياء" قدر ما تثير من الاشمئزاز. سابقة لها ما بعدها إن لم تتحرك نقابة الصحفيين والاتحاد الدولي للصحفيين، والمنظمات الحقوقية والمدينة ذات الصلة بحرية الصحافة والحق في التعبير من أجل إدانتها ووقفها ومحاسبة مرتكبيها.