منذ القرن الماضي ، وقبله ونحن ندور في مزلق جهنمي اسمه “المنعطف التاريخي” ، وكلما اشتد هجيجه ونشر خرابه ، كلما هربنا وتوغلنا الى الداخل وشرعنا في نسج الأماني واستنساخها حتى لو كانت وهماً ، كي نواصل الحياة بزاد الصبر ومخزونه في ذاكرتنا الجمعية : «ياللي صبرتي سنة عاد باقي ثمان» ، و “المؤمن مستمحن” ، وصورة المقولة الأبدية التي تزين دواوين المقايل « سأصبر حتى يعجز الصبر عن صبري ..الخ » ، فضلاً عن تباركنا باسم أيوب ، أما مقولة «الصبر مفتاح الفرج »فهي تعويذة أبدية ، تدلف بحرية نحو حكايات الصبر ، وحزويات الحياة والفرج معاً ..وما على “الشاقي”/ “هزاع المكرث” المنهك في كل تفاصيله المجعدة ، إلا أن ينتظر المنعطف حتى يسبر ، ويتمسك بحجار الصبر ف “ المتضيح يتشعبط بكل الحجار” . هزاع الجد ، والأب والابن ، وال25 مليون مواطن يمني ، ليسوا بالضرورة أن يكونوا «مكرثين / قشامين» لكنهم كلهم هزاع ..ويستثني من دائرة « المكرثة » صناع وأبطال وقادة المنعطفات التاريخية. هذا الهزاع الكثير والكبير ، صباحهم ومساؤهم بمطره والرعود .. ينتظرون أن يأتي المفتاح والفرج فيستقيم المنعطف ، أو حتى يقصف وينكسر ، أو يختفي .. متعب هذا الانتظار العبثي والهمجي الذي يفتت كل الهزاعين .. وكأنه كتب على « الهزاعين» اليمنيين أن يطوقوا بهذا المنعطف / المخنق ، والمحرقة .. المفرمة اليومية .
يقول هزاع : النظام السابق عَطّفنا 34سنة ، جعل كل عرق معطوفاً على هاوية الخراب ، وجلس يشتغل على العُطف والمنحنيات ، وعقب كل زجزجة ودقدقة جديدة ، يلوح بالمفتاح /فارج الهم والكرب ك “ عسل براس موس” ، لقد اشتغل بدهاء على منعطف الثوابت الوطنية /الوحدة أو الموت ، وحروب الطاقة والطاقة المضادة ..وو... إلخ وحوّل اليمن الى نوافذ ترقد على أمواس أطرافها العسل والذباب .. وهزاع المكرث يعيش بلا نافذة ولا شباك يحتويه ، ويحتوي “معاصب” الكراث والفجل قبل أن “يخسعا” .. هزاع المكشوف على الفقر والجوع والبرد والخوف ، مثلما كان أبوه وجده ينتظران انعطافة الإمامة واستقامة الثورة والجمهورية . وهزاع ، بثبات ينتظر “الساني” الذي أصاب ظهره عضال اعوجاج الزجزجة والمنعطفات التاريخية واللاتاريخية .. فلماذا كتب على كل هزاع أن يصبح ظهره كنقيل «سُمارة» ما أن يخرج من منعطف حتى يدخل متاهات المنعطفات الحادة القاتلة ؟ .
قيل له في إحدى الصلوات ، لا تنتظر ، ياهزاع !! فانعطافات حكمة «المؤمن المستمحن » ستنبلج كبراءة اختراع ، إنه «الساني» الذي سيأتي محمولاً على ظهر شيخ الإيدز ، وشيخ الثورة .. الساني / السابر هو الآخرة ، وهو الأبقى . ياااااااالله - قالها هزاع - إنها نفس طاقة ومفتاح “صالح” بل أعكر وأخبث إنها «طاقة من أمواس ، وخالية من العسل» ..
ثم قيل لهزاع مفتاح آخر يحررك ويحرر “معاصب” الكراث والفجل من الانتظار ، خذ لك طاقة: (الموت لأمريكا ، والموت لإسرائيل ) وصفة حقانية وربانية .. ضرب هزاع برأسه ، وصرخ : إنها براءة اختراع لا تختلف عن الطاقات الأخريات ( نفس رائحة القبيلة ، والسلاح والمال والمليشيا ، والشيخ /السيد ، والوطن المكروع ) .
أين تذهب ياهزاع . والإنتظار هو الحقيقة والعنوان ، قالوا له : لا تضجر ، عليك بمفتاح جيفارا ، وبه رشة شعارات من : مدنية ، واشتراكية ، ووحدة ، وو..إلخ وبذا سينبلج “الساني” مثل طاقة القدر ، فحيثما تحل الاشتراكية يحل العدل والمساواة والمواطنة .. ياهزاع :« بعد جيفارا ، والمطرقة والمنجل لن تعرف المحطات ، ولا المطبات ، ف«الكراث الطائر» سيعم العالم وسيشيد السلام» . توصل هزاع الى أن للمفتاح وطاقة الفرج أكثر من وجه ، إذ كلهم يخرجون من قعر “ براءة الاختراع”.
هزاع / ما رأيك بكراث الصين المستورد ، إنه أجدى وانفع ، ولن تنتظر ؟؟!!
25 مليون هزاع ينتظرون فجر كل صباح مفتاح الفرج الذي ينهي معه كل انتظار للمنعطف أن يستقر ويستقيم ، لكن دون جدوى .. هاهو هزاع ذاهب الى “المكراث / المِقشام” وهو يعلم أن في كل خطوة أكثر من انحناءة وأكثر من منعطف ، تترصده براءة اختراع الأب -الشيخ ، والأبن والقبيلة والعشيرة والعسكر ، لكن يجب أن يقاوم هزاع ، وبلا انتظار «الساني » الأبدي ، الذي سيظهر ويملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت عطفات الجور ، الساني المنتظر لن يتذوقه هزاع بعد اليوم ..
هاهو هزاع وابنه الصغير ، يجلسان تحت مظلة من الكراتين تحميهما من قيظ شموس براءة الاختراع ( الفقر والجهل والمرض ) ، وقبالتهما شوالات الكراث ينادون بأعلى صوتهما : الحقوا كراث هزاع الفاتشة ،ف «معصب الكراث بعشرة ريال ، ونعنع أخضر هدية مجانية» .. ويلعن أبو الفقر ....