عبدالفتاح لا زال يقود جنوبيي الإشتراكي من قبره    أربعة أسباب رئيسية لإنهيار الريال اليمني    لماذا سكتت الشرعية في عدن عن بقاء كل المؤسسات الإيرادية في صنعاء لمصلحة الحوثي    ألمانيا تُعلن عن نواياها مبكراً بفوز ساحق على اسكتلندا 5-1    دعاء النبي يوم عرفة..تعرف عليه    السعوديون يستعيدون نداء "خلجت أم اللاش" مع تصاعد التوترات الإيرانية في الحج ..فهل يعاد النداء يوم عرفه؟!    حتمية إنهيار أي وحدة لم تقم على العدل عاجلا أم آجلا هارون    قوات العمالقة الجنوبية تعلن صلح قبلي في بيحان شبوة لمدة عامين    شبوة تستقبل شحنة طبية صينية لدعم القطاع الصحي في المحافظة    الحوثي والإخوان.. يد واحدة في صناعة الإرهاب    لاعبو المانيا يحققون ارقاما قياسية جديدة    يورو 2024: المانيا تضرب أسكتلندا بخماسية    هل تُساهم الأمم المتحدة في تقسيم اليمن من خلال موقفها المتخاذل تجاه الحوثيين؟    تسوية نزاع مالي بقيمة 120 مليون ريال تؤدي إلى إطلاق سراح شاب مخطوف في أبين    الحكومة اليمنية أمام مجلس الأمن: أي عملية سلام يجب أن تستند على المرجعيات الثلاث    "تعز في عين العاصفة : تحذيرات من انهيار وسيطرة حوثية وسط الاسترخاء العيدي"    1. ثورة شعبية تهز البيضاء: أهالي حارة الحفرة ينتفضون ضد مليشيا الحوثي ويطردون مشرفيها    صورة نادرة: أديب عربي كبير في خنادق اليمن!    لماذا فك الحوثي الحصار عن تعز جزئيا؟!    وزير الخارجية الدكتور الزنداني يعلق على المنحة السعودية الجديدة لليمن    المنتخب الوطني للناشئين في مجموعة سهلة بنهائيات كأس آسيا 2025م    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 37 ألفا و266 منذ 7 أكتوبر    محافظ تعز يؤكد على ضرورة فتح طرقات مستدامة ومنظمة تشرف عليها الأمم المتحدة    الرئيس العليمي يشيد بمواقف قيادة المملكة من أجل تخفيف معاناة الشعب اليمني    اختتام دورة تقيم الاداء الوظيفي لمدراء الادارات ورؤساء الاقسام في «كاك بنك»    فتاوى الحج .. ما حكم استخدام العطر ومزيل العرق للمحرم خلال الحج؟    ضيوف الرحمن على صعيد منى لقضاء يوم التروية    أروع وأعظم قصيدة.. "يا راحلين إلى منى بقيادي.. هيجتموا يوم الرحيل فؤادي    مقتل وإصابة 13 شخصا إثر انفجار قنبلة ألقاها مسلح على حافلة ركاب في هيجة العبد بلحج    يعني إيه طائفية في المقاومة؟    إرم نيوز: "انهيار تاريخي" للريال.. يخطف فرحة العيد من اليمنيين    مستحقات أعضاء لجنة التشاور والمصالحة تصل إلى 200 مليون ريال شهريا    أسرة تتفاجأ بسيول عارمة من شبكة الصرف الصحي تغمر منزلها    عودة 62 صيادًا يمنيًا من السجون الأرتيرية بعد مصادرة قواربهم    عرض سعودي ضخم لتيبو كورتوا    نقابة الصحفيين الجنوبيين تدين إعتقال جريح الحرب المصور الصحفي صالح العبيدي    وزير الأوقاف يطلع رئاسة الجمهورية على كافة وسائل الرعاية للحجاج اليمنيين    فضيحة دولية: آثار يمنية تباع في مزاد علني بلندن دون رقيب أو حسيب!    وزير الصحة يشدد على أهمية تقديم افضل الخدمات الصحية لحجاج بلادنا في المشاعر المقدسة    البعداني: نؤمن بحظودنا في التأهل إلى نهائيات آسيا للشباب    رحلة الحج القلبية    اختطاف إعلامي ومصور صحفي من قبل قوات الانتقالي في عدن بعد ضربه وتكسير كاميرته    منتخب الناشئين في المجموعة التاسعة بجانب فيتنام وقرغيزستان وميانمار    ''رماية ليلية'' في اتجاه اليمن    الكوليرا تجتاح محافظة حجة وخمس محافظات أخرى والمليشيا الحوثية تلتزم الصمت    ميسي يُعلن عن وجهته الأخيرة في مشواره الكروي    هل صيام يوم عرفة فرض؟ ومتى يكون مكروهًا؟    غريفيث: نصف سكان غزة يواجهون المجاعة والموت بحلول منتصف يوليو    وفاة مواطن بصاعقة رعدية بمديرية القبيطة بلحج    إصلاح صعدة يعزي رئيس تنفيذي الإصلاح بمحافظة عمران بوفاة والده    السمسرة والبيع لكل شيء في اليمن: 6 ألف جواز يمني ضائع؟؟    20 محافظة يمنية في مرمى الخطر و أطباء بلا حدود تطلق تحذيراتها    بكر غبش... !!!    مليشيات الحوثي تسيطر على أكبر شركتي تصنيع أدوية في اليمن    منظمة حقوقية: سيطرة المليشيا على شركات دوائية ابتزاز ونهب منظم وينذر بتداعيات كارثية    افتتاح جاليري صنعاء للفنون التشكيلية    وفاة واصابة 4 من عمال الترميم في قبة المهدي بصنعاء (الأسماء)    ما حد يبادل ابنه بجنّي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نصر طه : الفقر والبطالة سيجعلان اليمن ملاذاً للتطرف
نشر في براقش نت يوم 21 - 01 - 2010

هل فشلت إذا السلطة في المحافظة على الوحدة مع الجنوب؟ وهل تسبب تفاقم الظلم الاجتماعي على سكان صعدة إلى التمرّد الحوثي؟ وآخر الأزمات المواجهة مع القاعدة، هل تقوم السلطة في اليمن بأداء دور نيابة عن القوى الغربية في حربها مع القاعدة؟ لمناقشة هذا الموضوع.. أرحب معي هنا في الأستوديو بضيف الحلقة رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) ورئيس تحريرها، الأستاذ نصر طه مصطفى، وهو أيضا نقيب الصحفيين اليمنيين سابقا، أرحب بك أستاذ نصر في هذه الحلقة من قضية وحوار اليمن.. أزمات بالجملة... في عام 2007 اختير اليمن كأفضل وجهة سياحية في العالم، إلا أنه في العام 2009 وبداية هذا العام الجديد يبدو أن اليمن هو أفضل الوجهات لمن يبحث عن تفجر الأزمات في آنٍٍٍ معا في بلد عربي واحد.


* أولا نظرة شاملة لماذا كل هذه الأزمات في اليمن، وفي هذا الوقت بالذات؟
- اشتدي أزمة تنفرجي. نحن نأمل أن يكون هذا الكم من التطورات في اليمن والمؤامرات على وحدته واستقراره مقدّمة لتصحيح كثير من الأمور وعمل الغسيل اللازم لما ينبغي من المخلفات السياسية سواء كانت من مخلفات الإمامة أو مخلفات التطرف أو مخلفات الشمولية وعصور الاستبداد. النظرات تنصب نحو اليمن منذ وقت طويل بسبب تمتعه بالكثير من الحُريات، بسبب انتهاجه للديمقراطية والتعددية السياسية كمنهج للحُكم، حقيقة ندرك أن كثيرا من الناس لا يرضون عن ذلك.

* هل تقصد بعض اليمنيين أنفسهم أم الخارج؟
- أنا أقصد اليمنيين لا أقصد الخارج، أنا لست من أنصار الحديث عن الخارج؛ لأن مشاكلنا بأيدينا ويجب أن نحلها بأيدينا.

* إذن اليمن يعيش حالة ولادة، كما أفهم، يعني هكذا ولادة جديدة؟
- مخاض جديد.
* مخاض جديد، سنبدأ بتناول هذه الملفات، وهذه الأزمات، جبهة، جبهة. يرى الكثير من اليمنيين خلاف ذلك في الجنوب، اليمن قُسم في بداية القرن العشرين من أجل مصلحة استعمارية بريطانية في ذلك الحين وظل منقسما إلى عام 1990. في عام 1990 اتحد اليمن (ما كان يسمى بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في الجنوب بالنظام في الشمال)، بعد أربعة أعوام نشبت حرب بين طرفي الوحدة، خرج فيها اليمن أو الشمال منتصرا بانتصار القوات المؤيدة أيضا للرئيس علي عبد الله صالح، الآن بعد 20 عاما على تجربة الوحدة مع اليمن يرى كثيرون أن اليمن فشل في المحافظة على هذه الوحدة، ما هو المبرر لرؤية هؤلاء لذلك الفشل في المحافظة على وحدة كانت مطلب ليس فقط اليمنيين بل مطلب كثير من العرب؟
- الوحدة اليمنية هي حقيقة تاريخية. أنتم تتحدثون عن شعب واحد عبر التاريخ. الوحدة كانت موجودة حتى في عهد التشطير، كان المعارضون اليمنيون اليساريون الذين يهربون من السلطات في الشمال يذهبون للاستقرار في الجنوب، وكان الهاربون من جحيم السلطة الاشتراكية في الجنوب يذهبون إما إلى الشمال ويستقرون ويباشرون نشاطاتهم وأعمالهم أو يذهبون إلى دول الخليج للاستثمار ومواصلة حياتهم. فاليمنيون كانوا شعبا واحدا.. كانت الصلات الاجتماعية موجودة لكن بسبب التشطير السياسي حصل انقطاع كبير، ثقافة النظامين الشطريين اللذين كانا قائمين في الشمال والجنوب كانت ثقافة وحدوية، كان كل نظام يستمد مشروعية بقائه من مناداته بضرورة الوحدة مع الشطر الآخر، إلا أن الانقسام في المعسكر الدولي، المعروف بالمعسكر الاشتراكي، والمعسكر الغربي كان يحول دون قيام الوحدة وبمجرد انهيار المعسكر الاشتراكي لم يكن من خيار أمام السلطة الحاكمة في الجنوب سوى القبول بمشروع الوحدة الذي عرضه عليها الرئيس علي عبد الله صالح. كانت الوحدة إنقاذا للشعب اليمني الممزّق؛ لأن معظم موارد وإمكانيات النظام في الشمال والنظام في الجنوب تذهب لتمترس كل نظام ضد الآخر. كان لا بُد من الوحدة، ليحدث استقرار في اليمن. إذن الوحدة التي تمت في عام 90 هي إعادة تصحيح لوضع كان خاطئا.

* هو لا أحد يشكك بوحدة الشعب اليمني، وبوحدة التراب اليمني، ولكننا نناقش الوحدة كتجربة سياسية لاندماج نظامين سياسيين كانا مختلفين إلى حد ما بين الشمال والجنوب. الكثير يرى الآن أن الحراك الجنوبي هو عبارة عن تصحيح لما تم من خلال هذه الوحدة التي حصل بعدها أيضا استبداد واستئثار بالسلطة من طرف واحد. الوحدة كانت تقوم على المشاركة في السلطة، ولكن بعد أحداث عام 1994، وحل الحزب الاشتراكي واستئثار الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بالسلطة في الشمال والجنوب والكثير من الظلم الذي لحق بالشعب اليمني سواء في الجنوب (...) هو الذي دفع قوى الحراك الجنوبي للمطالبة بتصحيح هذا الوضع والمطالبة بحقوقهم الاجتماعية والمدنية؟
- أنت تقصد أن هذا ما يقولونه هم..
* نحن نعرض وجهة نظر الآخر حتى نفهم منك؟
- على كل حال أنا أوضح لك الصورة.. عند ما توحد النظامان القائمان في الشمال والجنوب اتفقا على صيغة دستور هو مقر منذ عام 1981 بينهما، تم تفعيل هذا الدستور، وتم الاستفتاء عليه، بحيث أنه أصبحت الوحدة ذات مشروعية كاملة. أصبح هناك نظام ذو كيان دولي واحد اعترف به العالم أجمع. هذا أولا، النقطة الثانية أنه في عام 1993 جرت انتخابات نيابية، هذه الانتخابات كانت المحطة الأخيرة التي أنهت كل مخلفات التشطير، بحيث أنه أصبح هناك مجلس نيابي منتخب على مستوى اليمن الموحّد يمثل المشروعية الجديدة والكاملة وبموجبه انتخبت بقية السلطات كحكومة وكرئاسة وغيرها، هنا أصبحت الوحدة اليمنية حقيقة نهائية، وأصبح هناك نظام واحد هو نظام الجمهورية اليمنية. حدثت خلافات بعد ذلك، فالحزب الاشتراكي الذي كان شريكا في السلطة بعد الانتخابات النيابية أراد أن يعيد الأمور إلى ما كانت عليه، وافتعل أزمة لا مجال هنا للحديث عنها؛ لأنها أصبحت من الماضي.. في الحقيقة أن هذه الأزمة ووجهت وووجه الحزب الاشتراكي من الشعب اليمني بالكامل بدليل أنه لم يقف أحد من أبناء الشعب في المحافظات الجنوبية مع الحزب الاشتراكي في محاولته الانفصال. الشيء الآخر المهم أن القوى الجنوبية التي كانت موجودة في المحافظات الشمالية منذ عام 1986 من قبل الوحدة وقفت ضد الانفصال، وكان قائد المعركة (معركة الدفاع عن الوحدة) هو السيد عبد ربه منصور هادي الذي هو اليوم نائب رئيس الجمهورية، وكان حينها وزيرا للدفاع، وهو من محافظة أبين الجنوبية، وكان معظم القادة العسكريين الذين قادوا معارك الدفاع عن الوحدة من المحافظات الجنوبية، إذن الصورة التي تطرح غير حقيقية، فما يطرح عن شراكة، وما شراكة هو مجرد مغالطات. النظام القائم منذ عام 1994 قائم على أنه نظام واحد على بلد واحد، وكل القيادات التي تشارك في الحكم اليوم تمثل كل المحافظات، اليوم نائب رئيس الجمهورية من الجنوب ورئيس الوزراء من الجنوب ووزير الدفاع من الجنوب، والكثير من الوزراء والقيادات في الدولة من المحافظات الجنوبية.. فما هي الشراكة إذن، إذا لم تكن مجسّدة في هذا الأمر، كما أوضحت لك؟

* لماذا يطالب الكثير من الشعب اليمني في الجنوب بالإصلاحات الجذرية في النظام السياسي اليمني وبإعطائهم الحقوق.. المطالب الاجتماعية والاقتصادية أصبحت الآن هي المطلب الأساسي للحراك الجنوبي، ولذلك كان تحركهم تحركا سلميا. لماذا لا تستجيب السلطة لهذه المطالب؟
- أولا ليس هناك ما يثبت أن هذا الحراك يمثل أبناء المحافظات الجنوبية.

* كيف؟
- لأنه كان هناك انتخابات نيابية أسفرت عن انتخاب ممثلين لعدة أحزاب، منها الحزب الحاكم وأحزاب في المعارضة، فليس هناك من يمكن أن يدّعي الحديث باسم المحافظات الجنوبية غير ممثليها في البرلمان. ثانيا إن نصف قيادات الدولة من أبناء هذه المحافظات من عدن، شبوة، أبين، حضرموت، وغيرها فمن الذي يمكن أن يمتلك الحديث باسم أبناء المحافظات الجنوبية. هناك نظام ديمقراطي وهناك مؤسسات ديمقراطية منتخبة هي التي يحق لها الحديث حتى لا تصبح الأمور فوضى، وحتى لا تتفكك الدول. لو سمح في كل دولة بأن يدعي من شاء الحديث باسم مناطق معيّنة لحدثت فوضى في كل الدول.

* يعني لماذا حتى الآن يبدو أن الرئيس علي عبد الله صالح يمسك السلطة بيد واحدة؟ لماذا لا توجد هناك مبادرات؟
- اترك لي الفرصة وسأقول لك.

* سأنقل لك ما قاله الرئيس نفسه، يعني هو يتهم المعارضة بأنها تسعى لإعادة اليمن لنظام شمولي سواء كان الإمامية أو غيرها، وسنتحدث أيضا عن الادعاء بمطالبة الحوثيين بعودة الزيدية، يعني إذا كان الرئيس نفسه أو المراقبون على الأقل يرون أن اليمن يتجه شيئا فشيئا إلى أن يكون الحُكم فيه أيضا شموليا؟
- لو تركت لي الفرصة سأوضح لك؛ لأن المعارضة من الطبيعي أن تقول إن الحُكم شمولي والحكم استبدادي، فنحن في بلد من العالم الثالث، ومن الطبيعي أن تقول المعارضة ذلك، لكنك لو أتيت بنفسك ورأيت مستوى حرية الصحافة الموجودة وحرية النّقد التي تطال رئيس الدولة نفسه، ويتعرض يوميا وأسبوعيا للنقد والنقد الجارح أيضا، ولا يملك إلا اللجوء إلى القضاء. لكن ما حدث هو أن الحكومة أجرت عملية إصلاحات اقتصادية، في عام 2005 حدثت إصلاحات اقتصادية نستطيع أن نقول إنه كانت قاسية نوعا ما أدت إلى رفع جزء من الدعم عن بعض المشتقات النفطية، لكن بالمقابل تمت زيادة رواتب موظفي الدولة والمتقاعدين الذين تقاعدوا في تلك الفترة، عدد من العسكريين الذين كانوا متقاعدين من قبل 2005 بدأوا باحتجاجات سلمية لأن رواتبهم كانت ضئيلة بسبب تقاعدهم في وقت مبكر، جزء منهم كان من المحافظات الجنوبية، وهم الذين بدأوا بالاحتجاجات. الدولة استوعبت المشكلة، وقامت بمعالجات، كلفت الدولة والخزينة العامة حوالي 50 مليون دولار خارج إطار القانون، لكن كان هدفها استيعاب المشكلة الاجتماعية والسياسية الناتجة عن هذه الاحتجاجات، وتمت العملية بنجاح كامل، وتمت تسوية أوضاعهم، والكثير منهم عاد إلى الخدمة مجددا، لكن كان هناك بعض السياسيين المتربصين الذين كانوا مشاركين في محاولة الانفصال عام 1994، ركبوا هذه الموجة وبدأوا يتحدثون باسم هذه المحافظات، وأن هناك استهدافا للمحافظات الجنوبية. أنا أقول لك إن 50 بالمائة من موظفي الجهاز الحكومي تقريبا هم من أبناء المحافظات الجنوبية، كما أن عددا كبيرا من قيادات الدولة من أبناء المحافظات الجنوبية، هذه مسائل معروفة ويمكن لأي باحث يبحث فيها بحياد ونزاهة، أن يدرك -على سبيل المثال- أن الكثير من قادة العمليات العسكرية التي تجري وقادة أفرع القوات المسلحة هم من أبناء المحافظات الجنوبية؛ لأنهم عناصر كفؤة وممتازة ووطنية. فمشكلة الحراك هي مشكلة مضخمة خارجيا، وإذا لاحظت فستجد أنها تدور في مناطق جغرافية محدودة.

* كيف سينتهي الحراك إذا كان الطرفان ما زالا بعيدين عن الالتقاء ببعضهم حتى لمجرد الحوار؟
- دعوة الحوار مفتوحة وعلى أساس أن يتم الحوار تحت سقف الوحدة، فأي مطالب لانفصال أو لتجزئة أو فك ارتباط هذه مطالب مرفوضة، ولا يمكن أن تكون ضمن أجندة الحوار. وهناك حوارات غير معلنة مع كثير من القيادات، ولو تلاحظ ستجد أن الكثير من المشاكل التي كانت قائمة في 2006 و2007 هدأت وأصبحت محصورة في مناطق محدودة جدا.

* هل هنالك برأيك توظيف إقليمي للحراك الجنوبي على اعتبار أن بعض التقارير تشير إلى أن السعودية كانت في عام 1994 تدعم الانفصال لمطالب رآها بعض المحللين طمعا بجزء من اليمن هو محافظة حضرموت؟
- ذلك تاريخ مضى وصفحة طويت حقيقة، والعلاقات اليمنية - السعودية بل واليمنية - الخليجية بشكل عام أصبحت علاقات ممتازة، خاصة منذ اتفاق يونيو 2000 الذي تم بموجبه ترسيم الحدود بين اليمن والمملكة العربية السعودية.


* العلاقات الآن أخذت أيضا شكلا آخر يعني ربما القوات اليمنية والسعودية تحارب على جبهة واحدة في الأزمة مع الحوثيين في الشمال، فالحوثيون يتهمون الدولة بأنها التي نكثت وعودها في التنمية المحلية في محافظة صعدة، وهي التي كانت البادئ في الحرب السادسة قبل أشهر، والدولة تتهم الحوثيين باستيلائهم على المواقع العسكرية وتهديدهم للأمن في صعدة. هل سبب الأزمة هو فعلا تخلف أحد الطرفين عن الوفاء بالالتزامات التي كان قد تم التفاهم عليها قبل سنوات في الدوحة؟
- الحقيقة أقول لك قضايا التنمية والتعليم ومستوى التنمية في المحافظة هي آخر هموم الحوثيين، هذا آخر ما يهمهم. الحوثية هي عبارة عن حركة سياسية ذات منهج فكري وعقائدي ومذهبي وعنصري تهدف إلى استعادة نظام الإمامة الذي كان قائما قبل عام 1962، نحن لم نكن نصدّق ذلك في البداية، حقيقة كنا نعتبر أن هؤلاء مجرد متمرّدين، لكن عندما رأينا إيغالهم وإصرارهم على الحرب أدركنا ذلك. في عام 2004 بدأت أول مواجهة وانتهت بمقتل مؤسس التنظيم حسين الحوثي، وتم استيعاب المقاتلين، وتم العفو عنهم، وبدأت الحكومة تقدّم التعويضات، ووضعت خطة تنموية، لكنهم عادوا وشنوا حربا جديدة في 2005، ثم عادوا وشنوا حربا أخرى في 2006، تدخلت قطر وعرضت وساطتها، فقبلت الحكومة بصراحة على مضض؛ لأنها كانت تريد أن تثبت حسن نواياها في السلام، وتفضح نوايا المتمردين، وبالفعل تم التوقيع على اتفاق منصف جدا، اتفاق الدوحة كان اتفاقا جيدا والنقاط التي تطرحها الحكومة اليوم على الحوثيين لتنفيذها هي نفس النقاط التي وردت في اتفاق الدوحة، لكن الحوثيين هم الذين نقضوا، وخاصة تنفيذ آخر ثلاثة بنود في الاتفاق، بل ووصل بهم الأمر إلى إطلاق الرصاص على البعثة القطرية للسلام.

* نعم هذه وجهة النظر الحكومية نسمعها كثيرا تتردد في تلفزة الحكومية اليمنية، لكن الحوثيين يؤكدون أن لهم مطالب بالعدالة السياسية أيضا في صعدة، وبتمثيلهم لجزء من الشعب اليمني في صعدة، والعدالة الاجتماعية، ويقولون إن من تخلّف عن الوفاء بالتزامات الدوحة كانت الدولة بطلبها من الحوثيين مغادرة بعض القرى التي كانت موجودة على أحد الجبال، ادّعت الدولة أو الجيش اليمني بأن هذه القرى تشرف على أحد المطارات؟
- للتوضيح فهذه ليست قرى.. هذا جبل عزان وهو جبل استراتيجي، ويجب أن تبقى فيه القوات المسلحة. ليس فيه سكان، وهم يسيطرون عليه، ورفضوا بموجب اتفاق الدوحة الانسحاب من هذا الجبل، رغم نصه على ذلك، ولذلك هم الذين نقضوا اتفاق الدوحة.

* أنت قلت حركة عنصرية طائفية.. الخلاف في الخطاب السياسي الإعلامي للحوثيين هو خطاب سياسي وبعيد عن الأيديولوجية، هم لا يقولون إنهم ينتمون إلى طرف طائفي، هم يؤمنون بانتمائهم للزيدية، ولكن الذي يشن الحرب هو الذي يوظف هذا الخطاب الطائفي، يعني -اسمح لي بهذا التعبير- يبدو أن السلطة اليمنية التي توظف هذا وتثير هذه المسألة. ألا يمكن أن يهدد أيضا هذا التماسك تماسك النسيج الاجتماعي الطائفي في اليمن؟
- للأسف الصورة غير واضحة عندكم. التمرّد له أهداف سياسية محضة، عند ما نتحدث أن هناك أناسا يريدون إعادة نمط معيّن من الحًكم، فهذا هدف سياسي، وهم يقولون هذا الكلام، ونحن نقول هذا الكلام، لكن هم من الناحية الأيديولوجية فيما يخصهم تلك عقائدهم واضحة وانتماءاتهم الفكرية والإيديولوجية واضحة، وهم يوظفونها لتحقيق أهدافهم السياسية.

* لكنهم قبلوا أن يكونوا جزءا من الدولة، ودخلوا البرلمان؟
- لا، لا. هم قبلوا ذلك قبل التمرّد، يجب أن نوضح الأمور، فهم دخلوا الانتخابات في 93، وحصلوا على مقاعد، ودخلوا في 97 وحصلوا على مقاعد، وفي 2003 كذلك.

* إذا ألا يثبت ذلك قدرا من المرونة التي يتمتعون بها؟
- لا أظن ذلك، وإلا لماذا يرفع السلاح لماذا يريد استقدام تجارب غير مقبولة في الساحة اليمنية، لماذا يريد أن يردد هتافات، تردد في دول، وفي أماكن أخرى، هذه بداية المشكلة.

* حتى السلطة في هذه الخلافات كانت تستخدمها للمحافظة على شعبيتها. أثناء الانتخابات الرئاسية الأخيرة العداء لأميركا والعداء لإسرائيل من كل الشعب اليمني؟
- الشعب اليمني أكيد عنده موقف سلبي من السياسات الأميركية المؤيدة لإسرائيل مثل باقي الشعوب العربية والإسلامية، لكن الهتاف في المساجد أمر غير مقبول عند الشعب اليمني، فالمساجد موجودة للعبادة، وليست لممارسة العمل السياسي. هؤلاء كانوا يريدون تسييس المساجد، ويريدون أيضا مساجد تخصهم هم، بينما اعتاد اليمنيون بمذهبيهم الاثنين أن الناس مع بعض، لكن هؤلاء يريدون أن تكون هناك مساجد لهم خاصة.

* كيف والرئيس اليمني نفسه هو من هذا المذهب؟
- نعم. وأنا من هذا المذهب، والكثير من هذا المذهب، وهذا يؤكد لك أن المشكلة سياسية، وليست مذهبية. وأرجو أن يكون الكلام واضحا، المسألة ليست مذهبية، المسألة هي سياسية بامتياز، هؤلاء لديهم مشروع إقامة دويلة صغيرة بانتظار أن تأتيهم فرص أخرى لإعادة نمط نظام الإمامة بأكمله، كما كان قائما قبل عام 1962، لكن بطريقة طبعا حديثة على النمط الإيراني مثلا، فالمهم أن يكون فيه مرجعية إمامية واضحة تكون لها المرجعية والقرار.


* إذن ألم يكن بالإمكان للدولة أن تتعامل مع الحوثيين بشكل سلمي وأن تبدي بعضا من المرونة لاستيعاب هذه الحركة ولتطويعها سياسيا وإدخالها مرة أخرى إلى البرلمان بدلا من أن تدخل السعودية؟
- إذا تريد أن أشرح لك جهود الدولة، فاترك لي المجال. في 2004 أخبرتك أن الحرب انتهت، فتم التفاهم.

* لا نحن نتحدث عن الشروط التي أعلنتها اليمن قبل أشهر لوقف الحرب؟
- الرئيس أعلن العفو العام مرتين، وهذه لم تحدث من قبل عن المتمردين الحوثيين. أطلق مساجينهم. الرئيس أعلن وقف الحرب في يوليو 2008 ووجه الحكومة باعتماد عشرة مليارات ريال كتعويضات وإعادة البناء، وبالفعل بدأت الحكومة في البناء في صعدة، لكن الحوثيين كانوا يستعدون لجولة جديدة من الحرب، فاستفادوا من فترة العام (من يوليو 2008 إلى أغسطس 2009)، في إعادة تموضع أفرادهم، وتصنيع ألغام استعدادا لجولة جديدة، وشراء أراضٍ في مناطق ساحلية لأجل التوسع وتوسيع جبهتهم إلى منطقة حرف سفيان في محافظة عمران، والدولة أبدت كل ما يمكنها أن تقوم به من حسن النوايا إلى درجة أنه تم سحب الجيش من بعض المناطق التي كان موجودا فيها منذ سنين طويلة؛ لإثبات حسن النية بأن الدولة تريد السلام وعليكم الالتزام بالسلام، لكنهم أصلا هم لا يؤمنون بالسلام.

* اسمح لي.. إلى درجة يرى البعض -يعني على الأقل- هذه وجهة نظر الحوثيين بأن الدولة هي التي سمحت للسعودية بأن تلتف على أحد جبال صعدة وتدخل في اشتباك مع السعودية؟
- هذا غير صحيح.

* أستاذ نصر.. بعض المحللين والعسكريين منهم، يرون أنه من الصعب على الحوثيين أن يفتحوا في آن واحد أكثر من جبهة، ويرون في ذلك مبررا لما يقوله الحوثيون إن الجيش اليمني هو الذي سهّل عملية دخول القوات السعودية في مواجهة مع الحوثيين من خلال انسحابه من أحد المواقع وإفساح المجال لتلك المواجهة بين الحوثيين والسعودية، كيف تنظر لدخول السعودية في مواجهة مع الحوثيين الذي هم أيضا في مواجهة مسلحة مع الجيش اليمني على اعتبار أن هذه المواجهة مواجهة داخلية بين الجيش وجزء من الشعب اليمني، هم الآن في حالة تمرد، لماذا تدخل السعودية في ذلك المكان الحساس جدا من الحدود التي ما زال أيضا ذلك المكان متنازعا عليه بين اليمن والسعودية، يعني لم يُحسم نهائيا أمر الحدود؟
- من قال إنه لم يحسم نهائيا؟ أمر الحدود حُسم نهائيا في عام 2000 باتفاقية جدة التي وقعها وزيرا خارجية البلدين بحضور الرئيس علي عبد الله صالح والملك عبد الله بن عبد العزيز، وكان حينها طبعا وليا للعهد، موضوع الحدود حسم نهائيا وليس هناك أي شبر متنازع عليه بين اليمن والسعودية هذا أولا.

* ولكن في الأنباء تناقل هذا الكلام؟
- لا، لا. هذا غير صحيح. وأنا أؤكد لك أن هذا المكان الذي تجري فيه المعارك هو أراضٍ سعودية بالكامل بموجب اتفاقية الحدود، والحوثيون استولوا عليها في محاولة للتضييق على القوات اليمنية الموجودة في الأراضي اليمنية. هم اعتدوا على جبل الدخان، وغيره، وهذه الجبال هي جبال حدودية سعودية مطلة على الأراضي اليمنية، هم أرادوا أن يفتحوا جبهة مع السعودية لاستقطاب التعاطف معهم، كما كانوا يتصورون من أبناء محافظة صعدة؛ لأنهم في هذه الحرب السادسة لا يوجد أي تعاطف مع الحوثيين من أبناء محافظة صعدة، ومن الشعب اليمني عموما، كان هناك بعض اللبس حول الحرب في المواجهات السابقة، لكن في هذه المرة يوجد تعاطف كامل مع الدولة؛ لأن أبناء صعدة تضرروا جدا من هذه الحرب، تضرروا ودفعوا ثمنا غاليا من معيشتهم من مزارعهم من استقرارهم من أمنهم، هم يريدون من الدولة أن تحسم الموقف نهائيا، وبالتالي اعتقد الحوثيون أنهم بفتح جبهة مع السعودية سيستطيعون استقطاب تعاطف شعبي معهم من داخل المحافظة، لكنهم فوجئوا أن شيئا من هذا التعاطف لم يحدث. كما أن الموضوع له ارتباطات إقليمية، يجب أن يكون واضحا أن العملية لها ارتباطات إقليمية.

* يعني هل تقع ضمن المواجهة بين السعودية وإيران؟
- ليس بالضبط مواجهة بين السعودية وإيران، لكن ضمن مخطط، وأنا أقولها بصراحة ضمن مخطط إيراني لإشاعة الفوضى في المنطقة؛ لأن هناك متطرفين اليوم يديرون السلطة في إيران ويؤمنون بأن الفوضى في هذه المنطقة ستساعد وتهيئ الأجواء لظهور ما يعتقدونه بالمهدي المنتظر، أو الإمام المهدي الغائب، وهذه الفوضى يجب أن تمتد إلى اليمن.

* هل لديك دليل على هذا، خاصة وأن إيران ما انفكت تقول عبر وسائل إعلامها بأن الأزمة في اليمن هي أزمة داخلية؟
- إذن فأنت لا تتابع. لم تتابع أحاديث رئيس البرلمان الإيراني، لم تتابع أحاديث وزير الخارجية، لم تتابع خطبة خطيب جمعة طهران التي تعتبر رسمية، تعبّر عن موقف الدولة والمرشد، والتي ندد فيها بالنظام في اليمن، وقال إنه يقتل الشيعة بينما لا يوجد عندنا شيعة في اليمن، ليس لدينا في اليمن شيعة. ثلث الشعب اليمني من الزيدية، وهم لا يتعاطفون مع الحوثيين.

* وهل يبرر هذا للدولة أن تستعين بالسعودية؟
- الدولة لم تستعن بالسعودية. الحوثيون اعتدوا على السعودية، والسعودية هي التي تدافع عن أراضيها.

* وماذا عن دخول القوات السعودية للأراضي اليمنية؟
- لم تدخل. هذا غير صحيح، ومن يقول هذا الكلام عليه أن يثبت، أن يعطي الدليل، السعودية لم تدخل شبرا واحدا في الأراضي اليمنية.
* ولا حتى الأجواء اليمنية، أشارت تقارير كثيرة إلى ذلك؟
- ولا حتى الأجواء اليمنية. الحوثيون موجودون في أراضٍ سعودية، اليوم في جبال سعودية يعتدون على أراضي السعودية، وبالتالي السعودية معنية بالدفاع عن أراضيها، نحن في اليمن نقوم بالتعامل مع الحوثيين داخل المناطق اليمنية، ابتداء من حرف سفيان إلى جبهة الملاحيظ إلى جبهة مثلث برط وغيرها، هذه الجبهات كلها تدور فيها المعارك بانتظار حسمها.

* أنت أشرت في كتيب اسمه (التمرد الحوثي من الشباب المؤمن حتى مشروع الدويلة)، إلى أن الزيدية في اليمن -والحوثيون يعني هم ينتمون في
النهاية إلى الزيدية التي هي تختلف عن المذهب الشيعي الموجود في إيران المذهب الإثنا عشري حتى إنهم يسمونها سنة الشيعة- إذا هذا يعني إقحام الموضوع الطائفي في المشكلة في صعدة، ألا يوظّف من قبل الدولة؟
- أنا أؤكد لك في هذا أن هناك من يريد في إيران زج اليمن في مشكلة ذات طابع طائفي؛ لأنهم يتحدثون إذا تابعت الأحاديث التي تتردد في إيران أنه في اليمن يتم قتل الشيعة يتم استهداف الشيعة بينما لا يوجد لدينا شيعة، هؤلاء متمردون حملوا السلاح في وجه الدولة، وكان بعض منهم أعضاء في الحزب الحاكم، لم تكن هناك مشكلة، لكنهم عند ما قرروا حمل السلاح من أجل تحقيق أغراض سياسية أصبحوا متمرّدين.

* لماذا لم يستطع الحزب أن يبقيهم معه ويدفعهم إلى اللجوء إلى إيران؟
- الدولة منذ 2004 إلى أغسطس 2009 بذلت كل ما تستطيع لأجل استيعابهم وإعادة تهيئتهم، تم إجراء حوارات فكرية معهم من قبل علماء دين تم إطلاقهم من المعتقلات، وأغلب من أطلقوا من المعتقلات ذهبوا ليستعدوا لخوض حرب جديدة.

* ولكن هناك أحزاب أيضا يمنية كانت في حالة تحالف مع الحكومة، وهذه حالة الود أفسدت مع التجمع اليمني للإصلاح وأحزاب كثيرة؟
- هذا شيء طبيعي السياسة هكذا، نعم، لا مشكلة فيها طالما الجميع يعملون في الإطار السياسي لا يحملون السلاح ضد بعضهم البعض، هم اليوم قد يختلفون وغدا سيتفقون، هناك أجواء إيجابية الآن. تجري تهيئة لإجراء حوار وطني وتم الاتفاق قبل أيام بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة على وقف الحملات الإعلامية المتبادلة بينهما.

* تقصد أحزاب اللقاء المشترك؟
- أحزاب اللقاء المشترك مع الحزب الحاكم تم الاتفاق فيما بينها على وقف الحملات الإعلامية، تهيئة لخلق أجواء صحية للحوار الذي يفترض أن يبدأ قريبا ففي إطار العمل السياسي، كل شيء ممكن لا توجد مشكلة. اليوم نتفق وغدا نختلف، طالما نحن في إطار العمل السياسي.
* كيف يمكن أن تنتهي الأزمة في الشمال مع الحوثيين. أنت ربطتها بأبعاد إقليمية، فهل يعني إذا حصل هدوء على الجبهات الإقليمية سينعكس على الجبهة في إيران -حسب تحليلك ورأيك؟
- نحن لا يعنينا البُعد الإقليمي. الحل بيد الحوثيين إذا قبلوا بتنفيذ النقاط الست التي طُرحت عليهم، وبدأوا بتنفيذها فورا، أنا أؤكد لك أن الحرب ستقف.

* طيّب من طرف الحكومة؟
- هذه دولة لا يمكن أن تقبل بمن يحمل السلاح ويتمرد ضدها.. في أي بلد في العالم لا توجد دولة تحترم نفسها تقبل بوجود من يحمل السلاح ضدها من أبنائها.

* ولكنها أيضا تتفهم أبناءها وتتعامل معهم؟
- طبعا بدليل أنها أصدرت عفوا عاما مرتين عنهم وأجرت فترات هدنة طويلة.. أنا أخبرك أن آخر فترة هدنة استمرت عاما كاملا، وبدأت الدولة بالبناء والتعويضات وصرفت التعويضات وبدأت في بناء المؤسسات الحكومية التي تم تهديمها.. ماذا تريد من الدولة أن تفعل؟ ثم يصر هؤلاء على حمل السلاح، ثم يصر هؤلاء على الحوار بالسلاح.. فهل تريد من الدولة أن تترك لهم المجال؟

* وجود السلاح في تلك المنطقة في وسط اليمن وشماله هذه ظاهرة لا تقتصر على الحوثيين فقط؟
- السلاح موجود في اليمن كلها، لكن الناس لا يقاتلون.. السلاح بالنسبة لهم مثلما في الولايات المتحدة الأميركية مجرد حاجة شخصية للحماية الشخصية، وليس للتمرّد على الدولة.

* هذا التمرّد وصفته أنت بأنه محاولة لإنشاء دويلة والعودة إلى حكم الإمامة. في لقاء مع الحوار يحيى الحوثي أشار إلى الفساد الإداري الموجود في الدولة، وعدم وجود استقرار سياسي، التي ربما تعني بأن النظام في مرحلة الزيدية كان أو الإمامة كان استقراره السياسي لا يختلف كثيرا عن حالة عدم الاستقرار السياسي التي تعيشها الجمهورية اليمنية؟
- أنا أتمنى أن تشاهد بعض الأفلام القديمة التي صوّرها رحالة غربيون لليمن في الثلاثينيات، والأربعينيات، والخمسينيات من القرن الماضي لتكتشف كيف كان يعيش هذا الشعب، وفي أي حالة بائسة، فلا يجب المقارنة بين حالة شعب كان خارج العصر، وكان خارج التاريخ، حتى عام 1962 وبين حاله الآن، حتى لو كان هناك اليوم فساد أو يوجد اختلالات، لكن هناك اليوم حياة عصرية في اليمن، هناك طرقات، هناك آلاف المدارس، هناك اليوم أكثر من عشرة ملايين طالب يدرسون، ويتلقون التعليم في المدارس الأساسية والثانوية والجامعات، فلا يوجد مقارنة.

* يعني هذا الذي تذكره أستاذ نصر هو من مقومات الدولة الحديثة!!
هل تمن السلطة في اليمن على شعبها بأن بنت مدارس؟
- لا أقصد ذلك بالطبع. أنا أريد أن أوضح لك الفارق ما بين اليمن في العهد الجمهوري من بعد 1962، وما كان عليه في عهد الإمامة قبل 1962 فقط. هذا واجب الدولة طبعا وكان واجب الأئمة أن يفعلوا ذلك، لكنهم لم يفعلوا، كان هناك مدرسة واحدة في العاصمة صنعاء، كان هناك مستشفى واحد ليس مستشفى كان خرابة، يسمى مستشفى في اليمن.

* على كل ذلك تاريخ -كما قلت- هذه أيام ربما كانت لها ظروفها المختلفة الآن، الحقيقة أن الاقتصاد اليمني الآن ضعيف، والبعض يصفه بأنه متدهور.. ما السبب في حالة عدم الاستقرار الاقتصادي على مستوى اليمن. البعض يربطه مرة أخرى بالفساد الموجود في السلطة، واستئثار الثروات في أيدي عدد قليل من المتنفذين في الدولة؟
- والله شوف لا تخلو دولة من الفساد. أصلا أنا لا أقول إنه لا يوجد فساد. كل بلاد الدنيا وبالذات في العالم الثالث تعاني من فساد بشكل أو بآخر، لكن في اليمن بالرغم من الفساد الموجود إلا أن هناك تنمية كبيرة حدثت خلال الفترة الماضية، أيضا، لكن يجب أن يكون واضحا أن الموارد في اليمن شحيحة جدا يكاد الاقتصاد اليمني -وهذا خطأ طبعا تتحمله الحكومات اليمنية المتعاقبة- يعتمد بنسبة أكثر من 75 بالمائة من موازنة اليمن على صادراته من النفط، وهي موارد شحيحة تكاد تصل إلى ثلاثمائة ألف برميل في اليوم، وهي لا شيء، ومع ذلك اللوم الذي يمكن أن يقع على الحكومات المتعاقبة أنها لم تبحث عن موارد أخرى لم تنمِ الموارد الضريبية لم تنم الموارد الجمركية.
هذه مسألة أخرى لا علاقة لها بالفساد. مشكلة الاقتصاد في اليمن أننا لم نستطع أن نجذب الاستثمارات كما يجب بسبب ضعف الخبرات، والإمكانات، والقدرات الإدارية الحكومية، لكن التدهور الاقتصادي الموجود هو ناتج عن شحة الموارد، وشحة الدعم الخارجي، وهذا ما أدى إلى أن تنمو مثل هذه الحركات المتطرفة هنا وهناك، وأدى إلى أن المجتمع الدولي اليوم والمحيط الإقليمي من حولنا يدركان بأن ترك اليمن أسيرا للفقر وللبطالة....

* سيجعله ملاذا للقاعدة؟
- طبعا.. طبعا، ليس ملاذا للقاعدة فقط بل ملاذا لكل أشكال التطرّف التي تجعله يعاني من المتاعب.

* إذن، وكأنك أستاذ نصر تقول إن هذا يبرر الجبهة الجديدة التي فتحها اليمن قبل أسابيع مع مقاتلي القاعدة فيما سُمي ب"العمليات الإستباقية"، يعني الخطاب الذي يقوله اليمن ليس منفردا في المواجهة مع القاعدة مع التطرّف والوضع الاقتصادي في اليمن، ما أدى الوضع الحالي إلى
الانتباه الغربي إلى اليمن، وموضوع التنمية فيه. إذن هل أراد اليمن أن يفتح هذه الجبهة مع القاعدة من أجل لفت الانتباه الغربي إليه، وجعلها أن تكون أكثر تدخلا من أجل حسم هذه الملفات لصالح الدولة؟

- عند ما تكون عندك نسبة البطالة تتجاوز 25 بالمائة، توقّع أن يتم استقطاب هؤلاء الشباب من أي أطراف تستطيع أن تقدّم لهم المال أو تقدّم لهم أي إغراءات تضر باستقرار اليمن ووحدته، أو أمنه، فاليوم في هذا العصر لا يمكن أن يعيش بلد لوحده دون أي ارتباط مصالح مع الآخرين، حتى البلدان الغنية، البلدان الثرية، تستقطب كفاءات من خارجها، كما في دول الخليج، هي بلدان ثرية، لكنها تستقطب كفاءات من خارجها، وتنمِّي قدراتها، لا يوجد اليوم بلد يمكن أن يعيش لوحده كأنه جزيرة مستقلة خارجة عن الكون. فالدول يجب أن تكمل بعضها ويجب أن تدعم بعضها البعض.

* ولكن هل كانت الولايات المتحدة الأميركية بعيدة عن وضع اليمن الاقتصادي والاجتماعي ولا تعلم لماذا هذا التوقيت بالذات بعد أن أصبح العدو المشترك الآن في الأراضي اليمنية؛ العدو للولايات المتحدة الأميركية؟
- نحن كُنا ننبههم أننا نعاني من مشاكل الإرهاب.. ننبههم من تنامي مخاطر القاعدة في اليمن، لكنهم لم ينتبهوا إنه عند ما حدث تفجير المدمرة كول في عام 2000 من ذلك الحين بدأ التعاون الأمني اليمني - الأميركي تحديدا، واليمني - الأوربي عموما من عام 2000، وما حدث مؤخرا ليس أمرا جديدا، وموضوع إغلاق السفارات أبوابها، وما إلى ذلك هو ليس أمرا جديدا، هذه المسائل حدثت من قبل، لكن القاعدة فعلا يمكن أن تشكل خطرا حقيقيا على المصالح الأجنبية في اليمن، لكنها لا يمكن أن تشكل خطرا على استقرار النظام بشكل عام أو على وجود النظام.


* إذن لماذا يستدعي النظام الغرب والولايات المتحدة الأميركية، بريطانيا في الأسابيع الماضية أيضا أعلنت أنها هي والولايات المتحدة الأميركية ستنشئان وحدة أمنية خاصة بالتعاون مع الجيش اليمني من أجل مكافحة أو التصدي للقاعدة؟
- التعاون قائم من قبل.. التعاون موجود وهو ليس بشيء جديد.. التعاون الأمني موجود وقائم منذ عام 2000 تحديدا، والنظام لم يستدع أحدا.

* ولكنك قلت إن القاعدة لا تشكل تهديدا لاستقرار اليمن؟
- أنا قلت إنها لا تشكل خطرا على وجود النظام وعلى كيان الدولة، لكن الذي يمكن أن يشكل خطرا على كيان الدولة هو التمرّد الحوثي باعتباره يمتد على مساحة محافظة بأكملها.

* ومع ذلك لم ينتبه له الغرب؟
- نعم للأسف الشديد. الحراك الانفصالي اليوم هو الذي أصبح يشكل أيضا مظلة لنشاط القاعدة في المحافظات الجنوبية.. التمرّد الحوثي مع الحراك الانفصالي أديا إلى خلق أجواء مناسبة للقاعدة لتنتعش من جديد.. إذا لاحظت ستجد أن قرار القاعدة بتوحيد تنظيمها في اليمن وشبه الجزيرة العربية أعلن قبل عام من الآن، أي في أوائل 2009 بعد أن تطور نشاط الحراك الانفصالي وتطور التمرد الحوثي هم وجدوا في مثل هذه الأجواء غير المستقرة في اليمن مجالا بل أكثر من ذلك، ومن الغريب أن القاعدة تنظيم يقول إنه إسلامي، لكنه يؤيد الانفصال في الجنوب، وهذا من التناقضات الفكرية الملفتة للنظر.. أقول لك لماذا تؤيد الانفصال في الجنوب؛ لأنه يعتقد أن الانفصال لو حدث -لا سمح الله- أو التجزئة في الجنوب سيمكنه ذلك من إنشاء إمارة صغيرة أو دويلة تكون منطلقا له في نشاطه بالمنطقة؛ لأن ما سيحدث إذا حدث انفصال -لا سمح الله- أن البلد وبالذات المحافظات الجنوبية ستدخل في حالة فوضى شاملة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.