تهيئة لمهمة قادمة.. سياسي بارز يكشف عن تحركات رئاسية وإقليمية جادة بشأن ''أحمد علي''    أول رد للحكومة الشرعية على حملة الاختطافات الحوثية المسعورة ضد موظفي المنظمات    يورو 2024.. هذه قيمة الأموال التي سيجنيها اللاعبون والمنتخبات المشاركة    الرئيس الإقليمي للأولمبياد الخاص الدولي يدعو برامج المنطقة لزيادة عدد الألعاب والمسابقات والاهتمام بصحة اللاعبين    السفن المرتبطة بالكيان تحترق من الضربات اليمنية    إخراج امرأة من بطن ثعبان ضخم ابتلعها في إندونيسيا    Motorola تطلق منافسا جديدا لهواتف سامسونغ    وزير الخارجية يهنئ نظيره البرتغالي    كيف يستقبل المواطنين في الجنوب المحتل العيد    منتخب الدنمارك يقهر نظيره النرويجي بقيادة هالاند    حفل مهيب لاختتام الدورات الصيفية بالعاصمة صنعاء والمحافظة    عالم آثار مصري شهير يطالب بإغلاق متحف إنجليزي    منظمة الصحة العالمية تدعو للاستعداد لاحتمال تفشي وباء جديد    مداهمة منزل مهجور شرقي اليمن عقب تحركات مريبة والعثور على مفاجأة صادمة    في الذكرى الثالثة لوفاته.. عن العلامة القاضي العمراني وجهوده والوفاء لمنهجه    غضب قيادات مؤتمرية بصنعاء لرفض الحوثيين السماح لهم بمرافقه "الرزامي" لاداء فريضة الحج    السلطة المحلية بحضرموت تنعي وكيل أول المحافظة الشيخ عمر فرج المنصوري    جامعة عمران تدشن امتحانات القبول والمفاضلة للطب البشري    الافراج الشرطي وبالضمانات ل89 سجينا بصنعاء    فريق بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق السويد يزور موانئ الحديدة    عشرات الاسر والجمعيات المنتجة في مهرجان عيدنا محلي بصنعاء    القرصنة البرتغالية في جزيرة سقطرى .. بودكاست    اصدار النسخة الثانية (صرخة غريب ) للكاتبة مروى المقرمي    السيد القائد : النظام السعودي يتاجر بفريضة الحج    أحب الأيام الى الله    وزير النقل: هناك عراقيل مستمرة لتقليل عدد المسافرين عبر مطار صنعاء    روسيا تعلن بدء مبيعات مضاد حيوي جديد يعالج العديد من الالتهابات    ما علاقة ارتفاع الحرارة ليلا بزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية    بعد قرارات البنك المركزي بعدن .. تعرف على بوادر ازمة وشيكة وغير مسبوقة في مصارف صنعاء !    النهاية تقترب.. تفاهمات سعودية إيرانية للإطاحة بالحوثيين والجماعة ترضخ وهذا ما يحدث تحت الطاولة!    النفحات والسنن في يوم عرفة: دلالات وأفضل الأعمال    قوى 7-7 لا تريد ل عدن أن تحصل على امتيازات العاصمة    انضمام مشائخ من كبار قبائل شبوة وحضرموت للمجلس الانتقالي الجنوبي    الحوثيون يعترفون بنهب العملة الجديدة من التجار بعد ظهورها بكثرة في مناطقهم    من 30 الى 50 بالمية...قيادي بالانتقالي الجنوبي يتوقع تحسنًا في سعر الصرف خلال الفترة القادمة    لا حلول لأزمات اليمن والجنوب.. ولكن استثمار    نادي ظفار العماني يهبط رسميا للدرجة الأدنى    الرفيق "صالح حكومة و اللجان الشعبية".. مبادرات جماهيرية صباح كل جمعة    سياسة حسن الجوار والأزمة اليمنية    وديا ... اسبانيا تتخطى ايرلندا الشمالية بخماسية    بعد أشهر قليلة من زواجهما ...جريمة بشعة مقتل شابة على يد زوجها في تعز (صورة)    ما حد يبادل ابنه بجنّي    "لن نفتح الطريق"...المقاومة الجنوبية ترفض فتح طريق عقبة ثرة وتؤكد ان من يدعو لفتحها متواطئ مع الحوثي    الحسناء المصرية بشرى تتغزل باليمن و بالشاي العدني    «كاك بنك» يتولى النسخة الثانية من فعالية العروض (DEMODAY)    أطباء بلا حدود: 63 ألف حالة إصابة بالكوليرا والاسهالات المائية في اليمن منذ مطلع العام الجاري    أطلق النار على نفسه.. مقتل مغترب يمني في أمريكا في ظروف غامضة (الاسم)    حاول التقاط ''سيلفي'' .. الفنان المصري ''عمرو دياب'' يصفع معجبًا على وجهه خلال حفل زفاف ابنه (فيديو)    الرئيس الإقليمي للأولمبياد الخاص الدولي : مصر من أوائل دول المنطقة التي أقامت ألعابا وطنية    البعداني: البرواني استعاد جاهزيته .. ولا يمكن تجاهل أي لاعب يبلي بلاءً حسنا    الحوثيون يمنحون أول باحثة من الجنسية الروسية درجة الماجستير من جامعة صنعاء    تعرف على شروط الأضحية ومشروعيتها في الشريعة الإسلامية    الوزير البكري يعزي في وفاة الكابتن علي بن علي شمسان    البنك المركزي يؤكد سريان قراراته ويحذر من تداول الشائعات    الحوثيون يعتقلون عشرات الموظفين الأمميين والإغاثيين في اليمن مميز    بينها دول عربية.. تسع دول خالفت السعودية في الإعلان عن موعد عيد الأضحى    ميليشيا الحوثي تهدد بإزالة صنعاء من قائمة التراث العالمي وجهود حكومية لإدراج عدن    خبراء صحة: لا تتناول هذه الأطعمة مع بعض الأدوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فضة اليمن وعقيقه هوية مهدّدة كما تذكارات الجدّات
نشر في براقش نت يوم 14 - 10 - 2012

تكاد لا تخلو أعناق اليمنيين ومعاصمهم وأصابعهم من قطع فضة مطعّمة بالعقيق، وقلما يغادر زائر اليمن من دون أن يحمل بين هداياه الفضّة والعقيق، لكن ليس كل ما يُلبس ويُهدى يمنياً أصيلاً.
تركيا، إيطاليا، الهند، الصين وغيرها، وجدت في شهرة الفضة والعقيق اليمني وحرص الناس على اقتنائهما، فرصةً غير عادية لتسويق فضة وعقيق يحملان هويتها وبأسعار منافسة لأسعار الحلي اليمنية الأصلية. وما يزيد من رواج هذه المصوغات غير اليمنية، والمصنوعة من الفضة والعقيق، ليس رخص أثمانها مقارنة بمثيلاتها اليمنية فحسب، بل تماشيها مع العصر، وظهورها بألوان متعددة، وبأحجام وأشكال لا تتوافر كثيراً لدى الصاغة اليمنيين، ناهيك بخفة أوزانها.
المركز الوطني لتطوير الحرف اليدوية، في مدينة صنعاء القديمة، مركز حكومي مقرّه مبنى يعرف ب«سمسرة النحاس». هناك توجد المحلات والمعامل التي تصوغ الفضة والعقيق، ولا تتجاوز مساحة أي منها المترين ونصف المتر المربع، لكنها تزخر بالمشغولات الفضية المطعمة بالعقيق. واللافت أن هذه المحلات لا تبيع الفضة والعقيق اليمنيين فقط، بل تخصص مساحات أساسية للفضة والعقيق المستوردين!
يطلق الصائغ محمد جابر تنهيدة قبل أن يقول: «في السابق كانت قطع الفضة والعقيق مقتنيات للعمر، تتوارثها الأجيال، لكنها الآن أكسسوار وقتي... كل ما ترينه هنا ليس يمنياً مئة في المئة». الأساور والخواتم التي صاغها محمد بيديه مصنوعة من الفضة اليمنية، غير أن فصوص العقيق المتعدد الألوان مصدره تركيا أو إيطاليا أو الهندي، وطبعاً العقيق الصيني الأكثر انتشاراً، ذلك أن الزبائن، كما يقول، ما عادوا يهتمون بشراء المصوغات التقليدية القديمة، ما اضطر صاغة الفضة إلى تطعيمها بعقيق «مستورد» تلبية لطلب الناس عليها، يضاف إلى ذلك تناقص أعداد الحِرَفيين الذين يجيدون الآلات اللازمة لتقطيع العقيق، فيما الفصوص الجاهزة تأتي بأحجام مختلفة وتغري بألوانها عيون الشباب خصوصاً.
يقول محمد: «في الماضي كان وزن قلادة الفضة يصل إلى 600 غرام، أما شابات اليوم فيبحثن عما هو أخفّ، وصارت القلادة لا تتجاوز 15 غراماً، ويشترين قلادة لكل فستان. هي موضة».



تذويب القديم لمصلحة الموضة
بالتأكيد لم تغلق معامل صياغة الفضة والعقيق في «سمسرة النحاس» أبوابها، وأن قلّ إنتاجها، لكن المشكلة أنها لم تعد «محمية» كمكان يحافظ على الهوية اليمنية. ولا ينكر محمد جابر ذلك: «يحز في أنفسنا ضياع هذا التراث القيم... هنا يُذوّب القديم من الفضة ويعاد تصنيعه بما يتناسب والموضة الجديدة. بلّغْنا المسؤولين، وناشدناهم إنشاء متحف لهذه المصوغات وتعويض مالكيها، لكن مطالبنا لم تُلبّ». ويتابع: «الفضة النقية تشح ويجب تعويضها بالتنقيب وبلادنا غنية بالمعادن، لكن الناس تتمسك بأراضيها وتتملك الجبال، ولا خبرات كافية في التعدين لدعم السوق بالفضة، لذا نضطر لتذويب القديم وإعادة صوغه».
في محل آخر في «سمسرة النحاس»، لم يَبْدُ أحمد عبدالله اليريمي أكثر تفاؤلاً، فالشاب العشريني يرى أن الناس أكثر إقبالاً على المصوغات المستوردة التي يزخر بها محله، كما المحلات الأخرى: «لم يعد الناس يتزينون بالقديم إلا في مناسبات الأعراس أو الولادة، أو عند التقاط الصور التذكارية. الموضة الآن الخفيف والمتعدد الألوان، حتى إن لم يكن يمنياً أصلياً، كما أن غير اليمني يقلد الصياغة اليمنية، وفي أحيان كثيرة يباع على أنه يمني».
ويؤكد أحمد أن «أمانة البائع» أو «خبرة المشتري» هي فقط ما يُعتمد عليه في معرفة أصالة ما يباع، مشيراً إلى أن انتشار محلات بيع المستورد على أنه يمني أثّر في سمعة اليمني، لكنه لم يمنع عنه زبائنه الخاصين، إذ يقول التاجر الشاب عماد محمد عبدالعزيز، في المحل المجاور لمحل «أحمد» (وكلاهما ورث تجارة الحلي اليمنية عن ذويه): «يأتي المغتربون اليمنيون ويطلبون مصوغات قديمة... جاءتني مرة سيدة يمنية مغتربة في الخليج، تحمل صورة امرأة تضع الفضة المطعّمة بالعقيق اليمني من رأسها حتى أخمص قدميها، طالبة أن أصوغ لها مثل ما ترتدي جدّتها في الصورة... هو حنين مَن ولدوا وتربّوا في الخارج».
وهناك أيضاً الزوار من غير اليمنيين الذين يسألون عن العقيق والفضة الأصليين، بعضهم ينشد تذكاراً أصيلاً، والبعض الآخر يعتقد بقدرة العقيق اليمني على درء «عين الحسد» و «السِّحر» أو جلب الرزق والحب، وهذا ما يسمّيه عماد «عقيق الروحانيات» الذي يطلبه العرب أكثر من غيرهم، وغالباً ما يذهبون به إلى شيوخ معروفين لفحص أصالته.
وإذا كان أصحاب الطلبات الخاصة على الفضة والعقيق اليمني دائمي الحضور في «سمسرة النحاس»، لا سيما في مواسم الصيف والمناسبات الدينية، مثل شهر رمضان، فإن «العقيق المصور» يجد رواجاً أكبر بين الزوار والمقيمين. وتطلق تسمية «العقيق المصور» على كل قطعة عقيق تحمل «صورة» أو «كتابة» تكونت بداخلها وفق التغيرات الطبيعية التي تعرض لها الحجر، غير أن أسعارها مرتفعة للغاية، والعمل على صوغها يتطلّب من الصاغة والنحاتين وقتاً وجهداً كبيرين.
ولأنه ليس للعقيق سعر محدد، حاله حال الفضة، فإن السعر يُتفق عليه بين البائع والشاري، ويتوقف على أمانة الأول وخبرة الثاني.


تصاميم بأسماء صاغتها
وفي محاولة للحفاظ على القديم وأصالته، يحاول الصاغة والبائعون في «سمسرة النحاس» تخفيف وزنه، بانتزاع بعض القطع وإبقاء أخرى، أو تغيير الحجم من دون تشويهه أو الاضطرار إلى تذويبه، علماً أن الأمر يتوقف على طلب الزبون ذلك من الصائغ. غير أن غالبية قاصدي «سمسرة النحاس» يأتونها حاملين الفضة القديمة، أملاً في بيعها بسعر اليوم للاستفادة من الفرق، وكذلك الأمر مع العقيق.
وخلال الحديث مع الباعة، رأينا سيدة أربعينية تدخل أحد المحلات. أخرجت صرّة صغيرة فيها قطعتا عقيق أَمِلَتْ في بيعهما بسعر جيد، لكن البائع أخبرها بأن ما تحمله ليس سوى «عقيق هندي»، وحين استسلمت للواقع طلبت منه صياغته لها في خاتم، فنصحها بالعقيق اليمني، لكنها رفضت وغادرت المحل.
ما زالت «سمسرة النحاس» تعمل وتنتج الجديد، وبعض ما تنتجه يسمى باسم صائغه. لكن غياب الرقابة يحول دون ضبط هذه المسألة وتعميمها بما يضمن حقوق المبدع، لتعود المصوغات إلى اليمن بعد أشهر... بهوية أخرى.
وعلى رغم إقفال بعض معامل «السمسرة»، قبل الأزمة التي عصفت باليمن العام الماضي وخلالها... ومع أن السوق غارق في المستورد، والناس يشترونه، فيما لا يحظى اليمني الأصلي سوى بزبائنه الخاصين، فإن الفضة والعقيق اليمنيين لم يفقدا بريقهما، والصاغة لا يتوانون عن تقديم التنازل تلو الآخر للمحافظة على بقائه مميزاً... في انتظار دعمهم رسمياً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.