نحن أمام فانتازيا هستيرية دفعت بأجنحة الانقلاب الأول، والانقلاب المضاد إلى واجهة المشهد، حيث تبنى يوسف الفيشي قبل أسابيع الهجوم العلني على إيران بصفحته على فيسبوك، متهماً إياها باستغلال معاناة اليمنيين، وإدارتها للحرب وفق مصالحها الاستراتيجية في المنطقة، وبطريقة ابتزازية! ويُعبر صوته عن عشرات من قيادات الحمائم أمثال محمد عبدالسلام، وصالح الصماط، وحسين العزي، وآخرين، وقد كان هؤلاء أبرز الوجوه الغائبة عن الإعلان الأول للانقلاب في فبراير 2015م، إلا أن سُلطة الأمر الواقع فرضت عليهم معادلة جديدة خاضوا غمارها لإثبات بقائهم متماسكين، غير أن صيحات أبطال الجيش الوطني والمقاومة التي باتت على بعد كيلومترات من العاصمة صنعاء، أخرجتهم عن سكوتهم الطويل، ودفعت تململهم الطويل إلى حركة جديدة، تشابه حركة توكل كرمان المثيرة للسخرية في خضم الاحتجاجات الشبابية في 2011م، بإعلانها مجلساً سياسياً لإدارة البلد، سرعان ما أخذته الرياح إلى ذاكرته البلهاء. سيتقاتل الاخوة الأصدقاء بداخل جماعة الحوثيين البغيضة في قادم الأيام، بعد أن تعلو أصواتهم، وتحتدم خلافاتهم، وكل ما علينا هو التقدم إلى العاصمة صنعاء، ومراقبتهم، فمن شروط المجلس الجديد الذي تم الإعلان عنه في إحدى أقبية صالح الأمنية، أن يكون سلطة أعلى لإدارة ما تبقى من البلاد، غير أن الرجل أدرك أنه وقع في مأزق آخر، فلم يشأ أن يورط أسماءه الكبيرة في هذا المجلس، ودفع بأسماء باهتة من داخل حزبه إلى مشاركة الانقلابيين الجدد، وربما تكون هذه الحسنة الوحيدة لكل هذا الضجيج الفاشل. ينبغي على عقلاء المؤتمر الشعبي العام أن يفهموا أخيراً أن هذا المجلس انتحارٌ جماعي قاده صالح ليذهب بهم إلى قاع مجهول، فقد أيقظ حماسة المحاربين العقديين من أمثال أبوعلي الحاكم ويوسف المداني وعبدالكريم الحوثي وعبدالخالق الحوثي الذين يرونه مسؤولاً عن مقتل قائدهم حسين في 2004 م، ويعتبرون هذا المجلس انقلاباً عليهم وعلى إعلانهم القديم، وقد تُزهق روح صالح جزاءً بما كسب. أما عبدالملك الحوثي، فقد صار ممثلاً مملاً لأتفه أدوار الكومبارس، تُملى عليه الخطابات من هذا الطرف أو ذاك، فيظهر لأدائها وترديدها من دون أن يملك سلطة حقيقية في تحديد مسارات الأطراف المميتة. كانت يدي على قلبي خوفاً من تبعات المجلس الجديد، إلا أن ما حدث وما سيحدث يجعلني أقهقه ضاحكاً، وأدرك المثل الشعبي الشهير القائل «التم المتعوس على خايب الرجا»، حدث هذا فعلاً في صنعاء، اضحكوا معي بأعلى ما تستطيعون.