يبدو أن الآلة الإعلامية الجبارة التي يمتلكها الإخوان لم تعد فعالة كما يجب، أو ربما فقدت مصداقيتها بسرعة لم تكن تتوقعها بعد أن أصبح الإخوان _لأول مرة_ سلطة عقب عقود من المعارضة السرية والمتسترة والعلنية. الوسائل الإعلامية الإخوانية والمساندة للإخوانية انتقلت في بلدان الربيع العربي من "متارس" الهجوم إلى "خنادق" الدفاع بخبرة ضعيفة في فنون الدفاع وبأدوات صد مستخدمة ومجربة لعقود، ولذلك ينال منها الفشل في كل جولة تجبر على خوضها دفاعا عن الأنظمة الحاكمة. المشكلة الثانية التي تعصف بإعلام الإخوان في هذه الدول ومنها بلادنا والتي هزت بشكل كبير مصداقيتها عند المتلقي، التناقض الكبير والمستفز بين مواقفها من قضايا مجتمعية وتوجهات سياسية في الماضي القريب عندما كان الإخوان أسياد المعارضة وبين مواقفها الآن والمبررات التي تطرحها حول تلك القضايا نفسها رغم أن مشاكل المواطن العربي قبل الربيع هي نفس مشاكله بعد الربيع، ربما باستثناء موضوع الحريات في بعض الدول. لم يتغير شيء، فقر ، بطالة ، عدالة، مساواة، حرية، لذلك وجد الإعلام الإخواني نفسه في مأزق ولكنه مضطر للدفاع عن الجماعة حتى لو ارتكب نفس الحماقات التي كان يعيبها على إعلام الأنظمة السابقة. لكنه يفعل ذلك بغباء وحماس مشوه بسبب حداثة سنه في السلطة، أضف إلى ذلك الأحداث التي شهدتها وتشهدها مصر والتراجع المخيف لأحلام وطموحات الثوار، خاصة فيما يتعلق بالحريات والعدالة والمساواة والتي يشعر الشباب بأن ثمة قيوداً جبارة تدق على أيديها وأرجلها بإحكام وبطريقة أشد خطورة مما كانت عليه سابقا لأنها تُقيد _هذه المرة_ بقوانين ودساتير وشرائع فرضت من قبل الطرف المنتصر في الانتخابات ليؤمن بقاءه بالسلطة لأطول وقت ممكن . وهذا ما أصاب وسائل إعلام الإخوان سواء في مصر أو خارج مصر بصدمة مفاجئة وبارتباك وذبذبة كبيرة عندما وجدت نفسها مطالبة بالانتقال بسرعة الضوء من النقيض إلى النقيض دون أن تُمنح فرصة للتأقلم على الوضع الجديد. صدقوني لأول مرة أجد أبطال الإخوان في البرامج الفضائية المباشرة بحالة يرثى لها، إما في وضع دفاعي بائس أو في حالة صمت وإفحام وعجز عن الرد. حقيقة أشعر بالإشفاق عليهم وأتمنى ألا اضطر إلى مثل تلك المواقف.