الطقس المتوقع في مختلف المناطق حتى مساء اليوم الجمعة    طعن مغترب يمني حتى الموت على أيدي رفاقه في السكن.. والسبب تافه للغاية    استدرجوه من الضالع لسرقة سيارته .. مقتل مواطن على يد عصابة ورمي جثته في صنعاء    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    مليار دولار التكلفة الأمريكية لإحباط هجمات الحوثيين في البحر الأحمر    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    إنهم يسيئون لأنفسم ويخذلون شعبهم    نقطة أمنية في عاصمة شبوة تعلن ضبط 60 كيلو حشيش    طاقة نظيفة.. مستقبل واعد: محطة عدن الشمسية تشعل نور الأمل في هذا الموعد    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    الدوري الاوروبي ... ميلان وليفربول يودعان البطولة    الدوري السعودي ... الشباب يكتسح ابها بخماسية    "لا حل إلا بالحسم العسكري"..مقرب من الرئيس الراحل "علي صالح" يحذر من مخيمات الحوثيين الصيفية ويدعو للحسم    "طاووس الجنان" و"خادمة صاحب الزمان"...دعوة زفاف لعائلة حوثية تُثير الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب مافيها(صورة)    الحكومة تطالب بتحرك دولي لوقف تجنيد الحوثي للأطفال تحت غطاء المراكز الصيفية    شقيق طارق صالح: نتعهد بالسير نحو تحرير الوطن    نقل فنان يمني شهير للعناية المركزة    إصابة 3 أطفال بانفجار مقذوف شمالي الضالع    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة الى 33.970    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    لجنة الطوارئ بمأرب تباشر مهامها الميدانية لمواجهة مخاطر المنخفض الجوي    انطلاق أعمال الدورة ال33 للمؤتمر الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) لأفريقيا    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    مصرع وجرح عدد من العناصر الإرهابية على يد القوات الجنوبية بوادي عومران    سقوط 9 مدنيين في الحديدة بسبب الألغام ومخلفات الحرب خلال مارس الماضي مميز    الرئيس: مليشيا الحوثي تستخدم "قميص غزة" لخدمة إيران ودعم الحكومة سيوقف تهديداتها    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    إسقاط طائرة تجسس حوثية في شقرة بمحافظة أبين    قبل قيام بن مبارك بزيارة مفاجئة لمؤسسة الكهرباء عليه القيام بزيارة لنفسه أولآ    دراسة: اقتصاد العالم سيخسر 20% بسبب التغيرات المناخية    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    ركلات الترجيح تحمل ريال مدريد لنصف نهائي الأبطال على حساب السيتي    ليلة للتاريخ من لونين.. وخيبة أمل كبيرة لهالاند    أهلي جدة: قرار رابطة الدوري السعودي تعسفي    آية تقرأها قبل النوم يأتيك خيرها في الصباح.. يغفل عنها كثيرون فاغتنمها    فضيحة قناة الحدث: تستضيف محافظ حضرموت وتكتب تعريفه "أسامة الشرمي"    غرق شاب في مياه خور المكلا وانتشال جثمانه    بن بريك يدعو لتدخل إغاثي لمواجهة كارثة السيول بحضرموت والمهرة    "استيراد القات من اليمن والحبشة".. مرحبآ بالقات الحبشي    اليمن: الكوارث الطبيعية تُصبح ظاهرة دورية في بعض المحافظات الساحلية، ووزير سابق يدعو لإنشاء صندوق طوارئ    مأساة إنسانية: صاعقة رعدية تُفجع عائلتين في تعز    على رأسهم مهدي المشاط ...ناشطة حوثية تدعو إلى كسر الصمت حول قضية السموم الزراعية في اليمن    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    مفاجأة صادمة ....الفنانة بلقيس فتحي ترغب بالعودة إلى اليمن والعيش فيه    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    10 أشخاص ينزحون من اليمن إلى الفضاء في رواية    خطة تشيع جديدة في صنعاء.. مزارات على أنقاض أماكن تاريخية    وللعيد برامجه التافهة    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تراث الجنوب وفنه يواجه.. لصوصية وخساسة يمنية وجهل وغباء جنوبي    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    تخيل أنك قادر على تناول 4 أطعمة فقط؟.. شابة مصابة بمرض حيّر الأطباء!    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماجد المذحجي: فصائل الحراك المسيطر عليها من الرئيس لن تشكل وسيلة للحل عبر الحوار
نشر في براقش نت يوم 22 - 02 - 2013

*فصائل الحراك المسيطر عليها من الرئيس لن تشكل وسيلة للحل عبر الحوار

• مسؤولية الدولة أن تخلق بيئة إيجابية حاضنة للحوار وهذه البيئة تأتي عبر سلسلة إجراءات تخلق معطيات جديدة تبني الثقة حول مركز الدولة

• ما اتخذه رئيس الجمهورية من قرارات في ما يخص الأراضي في الجنوب مهزلة كبيرة، فهو كلف لجنتين مثلما تم تصميم اللجان في تاريخ اليمن وهي لجان سيئة السمعة عمرها الزمني مدته عام، وهذه القضايا يجب أن تحسم بشكل سريع

• اليمنيون الآن أمام تحدي تمييع الدولة وضياعها بالمعنى المباشر، بينما تبدو طاولة النقاش الوطني مشغولة الآن بحصة كل جماعة في طرح أسماء مراكز القوى.

• أسوأ شكل من المساهمة الدولية في العالم تتم مؤخراً في اليمن، نحن بلد خاضع للوصاية بالمعنى الحرفي والمباشر للكلمة، لكن هذه الوصاية لا تنصرف إلا لقدرٍ من عدم السماح للأمور بالتدهور أمنياً.

• أعطيت للرئيس صلاحيات غير منطقية ضمن اللجنة الفنية، يعني إعطاء الرئيس صلاحية وضع النظام الأساسي لمؤتمر الحوار الوطني، وكذا انتخابه لرئاسة مؤتمر الحوار مع أن هذين الأمرين من طبيعة اختصاص مؤتمر الحِوار نفسه.

• إذا كانت النخبة السياسية عجزت في إطار اللجنة الفنية عن الاتفاق في موضوع تمثيل الحصص، كيف سيتفقون في إطار مؤتمر الحوار الوطني على قضايا أكثر تعقيداً، هل سيلجأون إلى التفويض؟

-----------------------
براقش نت
اختير ماجد المذحجي عضوا في اللجنة الفنية للتحضير للحوار الوطني في يونيو 2012، كواحد من الوجوه الشابة والمستقلة، وصوت معبر عن تيار المدنية والحداثة. عمل بحس مسؤولية عالي ضمن أعضاء اللجنة الفنية، وهي المسؤولية التي دفعته لتعليق عضويته في اللجنة احتجاجاً على آلية اختيار نسب التمثيل للقوى السياسية في مؤتمر الحوار. وعندما لم تتراجع رئاسة اللجنة عن تفويض جمال بن عمر- المبعوث الأممي، لتحديد هذه النسب بطريقة جرّدت اللجنة من اختصاصها، قدم استقالته نهائياً من اللجنة مع زميلته رضية المتوكل. في هذا الحوار، يتحدث ماجد المذحجي ل"الأولى" عن قراءته لمشهد الحوار الوطني المرتقب وتطورات الوضع السياسي الراهن وتفاصيل أخرى تجدونها طي هذا الحوار.

حاوره/ أحمد شوقي أحمد:

-نبدأ من الحدث الأخير.. ما رأيك بتصريح اللجنة الفنية أن هناك فصيلين من الحِراك قدما أسماء ممثليهما للجنة، أو بالأصح لرئيس الجمهورية؟
هو واضح أن هذا التقرير تعبير عن المآل البائس للجنة، أولاً يبدو أنه انتزع من اللجنة الحق أو ولايتها بتقرير تمثيلية هؤلاء في الحراك، بدءاً من الأسماء المقدمة واضح أنه يتجه في مسار سياسي مغلق على تقدير وخيارات الرئيس. الجنوب، وتحديداً الجنوب السياسي وليس شباب الجنوب المستقل بين قوسين، الجنوب الآن يتم إنتاج طرف واحد فيه, ويتحكم به سياسياً المركز في صنعاء، يتحكم فيه الرئيس عبد ربه، ولذلك أعتقد أن هذه الفصائل التي قدمت الأسماء إن لم تُكوِّن هويتها، وهويتها هنا مهمة، ستشكل إضافة للمشكلة، لا وسيلة للحل في مؤتمر الحوار، حين يتم إنتاج حراك جنوبي محدد، مسيطر عليه، قريب من رئيس الجمهورية، في ظل مناخ الاحتقان الموجود في الجنوب، فلن تشكل هذه الفصائل وسيلة أو فرصة، للحل عبر مؤتمر الحوار، بل تشكل سبباً في مزيد من الاحتقان في الجنوب، وهذه الكارثة التي سيأتي بها المؤتمر.. فبدلاً من أن يشكل منصة لإعادة تسوية الأمور بين اليمنيين سيصبح منصة لتفجيرها.

- هو واضح – وكما لاحظت من بيان مجلس الأمن الأخير – أن المجلس مع الرئيس عبد ربه ومع خيار تمثيل الجنوب عبر عبد ربه، يعني انتقاد مجلس الأمن لعلي سالم البيض يمكن اعتباره دعماً لعبد ربه وخياراته.. أنت كيف ترى هذه المسألة؟!

لا أسوأ من البيان الرئاسي لمجلس الأمن في هذا التوقيت، توقيت سيء للقضية الجنوبية، وهو مجحف بحق علي سالم البيض، أياً يكُن تقييمنا لعلي سالم البيض. الآن البيان جعل من الحوار الوطني بمثابة معركة مع الحراك، حين يتم وضع أحد القادة السياسيين للحراك في الزاوية، وخصوصاً رجلاً بحجم علي سالم البيض أياً كان اختلافنا في تقييمه، سيجعل كل المشهد السياسي المحتدم في الجنوب، يقع خلف هذا الرجل، وبالتالي فرص أن تدفع المعتدلين في وسط الحراك إلى القدوم إلى صنعاء للتباحث السياسي، في ظل استهدافك لواحد من الرموز السياسية الجنوبية ستنخفض حتى حدود الصفر. أنت الآن تخلق جبهة مفتوحة في الجنوب، لاحظ الأداء الرسمي الإعلامي، يعيد التفكير تماماً بما حدث في عهد علي عبد الله صالح؛ قادة حراكيون جنوبيون يرفعون علم الوحدة في مناسبة بيان مجلس الأمن! يعني لم يرفع القادة الحراكيون العلم بسبب إجراءات على الأرض بل رفعوه بسبب تلويح بعصا مجلس الأمن في هذا الموضوع!

- (مقاطعاً) طيب.. عبد ربه هو جنوبي قبل كل شيء، وله ثقله السياسي وثقله الجهوي داخل الجنوب.. أيضاً القرارات الأخيرة التي اتخذها عبد ربه تقول بأنه يركز أو يعزز من حضور الجنوب داخل بنية نظام الحكم, فكيف يمكن النظر لعبد ربه بأنه قد يعمل على إقصاء الجنوبيين في مؤتمر الحوار الوطني؟!

هل يعزز عبد ربه الجنوبيين في صيغة السلطة, أم يعزز شكلاً من العصبية السياسية المحسوبة عليه؟ أنا أعتقد أنه يجب التمييز؛ يبني عبد ربه قاعدة تحالفات وولاءات تنتمي إلى دائرة خياراته السياسية الموثوقة ولا تنتمي إلى إطاره الجغرافي كجنوبي، هناك فرق جوهري في المسألة، عبد ربه يعيد إنتاج صيغة الحكم بنفس الطريقة التي أداها معظم الرؤساء السابقين بإنتاج صيغة حكم مبنية على التحالفات المحسوبة عليه، هذه البنية من التحالفات التي يكرسها عبد ربه لا تتعلق بالجنوب بقدر ما تتعلق برجل يبدو لي الآن أنه يكرس نفسه في موقع الرئاسة بغض النظر عن استحقاقات الصفة المطلقة عليه كرئيس توافقي انتقالي، ينظر عبد ربه إلى مُعطى الجنوب الذي يحتكره الآن كوسيلة ضامنة لتكريس نفسه في المرحلة الجديدة، ولذلك المشكلة هنا, يتم تداخل، يتم انتحال اسم الجنوب في التعيينات بينما يتم تأكيد تعيينات ذات طابع عصبوي خاص.

- (مقاطعاً) طيب, الجنوبيون أصلاً هم رافضون المشاركة في الحوار من أساسه، سواء كان قبل هذه الاختيارات أو بعدها..

يجب، وهذه كانت مسؤولية الدولة ومسؤولية اللجنة الفنية للحوار؛ أن تخلق بيئة تساعد الجنوبيين على المشاركة في الحوار، لا يمكن إجبار الجنوبي على القدوم، وهنا لا أتحدث عن حالة ملق، أو استرضاء بمعنى آخر، وإنما مسؤولية الدولة أن تخلق بيئة إيجابية حاضنة للحوار، وهذه البيئة تأتي عبر سلسلة إجراءات تخلق معطيات جديدة تبني الثقة حول مركز الدولة، حين تبدأ هذه الإجراءات بالعمل، سيتم بسهولة إضعاف بنية الخطاب المتطرف في الحراك.

- ما هي هذه الإجراءات؟

الإجراءات تتم على الأرض؛ المسرحون، الأراضي، إطلاق المعتقلين، في معظم الإجراءات وهي ممكنة. ما اتخذه رئيس الجمهورية من قرارات في ما يخص الأراضي في الجنوب مهزلة كبيرة، فرئيس الجمهورية قام بتقييم لجنتين مثلما تم تصميم اللجان في تاريخ اليمن وهي لجان سيئة السمعة، لجان عمرها الزمني مدته عام، وهي وضعت للتهيئة، هذه القضايا يجب أن تحسم بشكل سريع، وأنا لا أصطنع تعجيزاً، لأن هناك تأتي إمكانية فنية لازم تعود إليها.

ثانياً: اللجان ذات طابع استشاري ليست لها أي صلاحيات، اللجان تقوم بعمل تقارير أو بعمل ذي طابع استشاري، ترفع هذه التقارير إلى رئيس الجمهورية، رئيس الجمهورية وحده من يقرر الأخذ بهذه التقارير أو لا، العمل بها أو لا، وهنا تقدير رئيس الجمهورية تقدير سياسي لا تقدير حقوقي كما يفترض أن اللجان تقوم به.

- المسألة الآن في نظر المجتمع الدولي وحتى في نظر المجتمع المحلي، أن الحوار يجب أن يتم في أسرع وقت ممكن, وهذه المسألة مسألة طويلة أعتقد أنها معقدة, ومعالجة أضرار سنوات الحرب الطويلة أيضاً بحاجة إلى سنوات حسب اعتقادي.. كيف تنظر أنت إلى هذه المسألة؟


للأسف صممت المبادرة الخليجية بطريقة حمقاء، لنقل ذلك، أغلق مسار السياسة على طريق واحد، وهو إذا أردت الوصول إلى انتخابات، إذا أردت الوصول إلى صياغة شكل النظام السياسي... الخ، فلا حل لك إلا المرور عبر طريق الحوار الوطني، إذا فشل هذا الطريق لا يوجد حل آخر.. الآن يفترض أن يشكل المؤتمر اللجنة الدستورية، وكل هذا التشوش واضح وحقيقي، أنا خشيتي أن هذا المؤتمر لا يمتلك أي فرصة ليقدم أي معالجات على مستوى الأرض، لا يمتلك أي فرصة لأنه من حيث صيغة تصميمه، شكل التمثيل القائم فيه، شكل النزاع والأولويات على طاولته، كلها لا تنتمي إلى دائرة الخيارات الأساسية لليمنيين، اليمنيون الآن أمام تحدي تمييع الدولة وضياعها بالمعنى المباشر، بينما تبدو طاولة النقاش الوطني مشغولة الآن بحصة كل جماعة في طرح أسماء مراكز القوى.

- طيب سواءً أكان الحديث عن المبادرة الخليجية أو الحوار الوطني وطريقة التمثيل فيه والتهيئة له، الأمران تما بإشراف دولي، وأنت سابقاً قلت إن تصميم المبادرة الخليجية تمّ بطريقة حمقاء، هل معقول أن الإشراف الدولي لهذه الدرجة من الحمق من وجهة نظرك؟

أسوأ شكل من المساهمة الدولية في العالم تتم مؤخراً في اليمن، نحن بلد خاضع للوصاية بالمعنى الحرفي والمباشر للكلمة، لكن هذه الوصاية لا تنصرف إلا لقدرٍ من عدم السماح للأمور بالتدهور أمنياً، لا تنصرف إلى تحسين شروط فرص السياسة أمام اليمنيين, وبالتالي تحسين فرص حياة، يترك إدارة حقل السياسة لذات الأدوات القديمة, وهنا تعبث كل مراكز القوى بفرص مستقبل اليمن، ولا يتدخل الفاعل الدولي إلا لعدم انفلات الأمور فقط.

- هل معنى هذا أن القوى السياسية الحيّة في اليمن هي عاجزة سياسياً أم أنها مستعجزة؟

لا أدري كيف يمكن توصيف الحال، لكن الكلّ يستجيب لشروط رديئة من اللعبة في ما بينهم.. لكن هذه هي الخبرة الوحيدة المتاحة لهم، هي خبرة إدارة الشأن السياسي بهذه الطريقة التقليدية السيئة.

- يعني أنت تتفق أن الحالة السياسية الراهنة ليست تعبيراً عن وعي معرفي وثقافي بقدر ما هي فهلوة؟!

هي ليست تمثيلاً لحالة ثقافية ولا لمصالح الناس ولا احتياجاتهم، هي تصبح رهناً لمصالح وتقديرات نخب ربما تسير..

- (مقاطعاً) هل نقول مصالح ناس، أو مصالح طبقات..؟

لا طبعاً، مصالح الناس بمختلف طبقاتهم..

- لكن على اعتبار وجود فرز مُعيَّن، هناك جماعات سياسية محسوبة على شرائِح مُعينة، مشايخ، رجال دين، رجال أعمال، شرائح فئوية أو جهوية... الخ. هناك مصالح عابرة في الأخير، هي المصالح اليومية والمعيشية للناس..

- لكن لا تتوفر فيها مصالح شرائح أخرى..

أوكيه، على الأحزاب أن تتحيز للكتلة الأكبر، هي كتلة فقيرة ومحتاجة ومحرومة من التمثيل.. هذه الكتلة أو الشريحة الأكبر هي الكتلة التي يجب الاهتمام بها، أما مصالح الفئة المستفيدة، فهم قد استفادوا من دماء اليمنيين على مدى فترة طويلة.. أقصد يجب الانصراف قليلاً لتمثيل هذه الفئات المتضررة..

- وهل تعتقد أنهم سيقبلون التخلي عن مصالحهم لصالح تمثيل هذه الفئات..

هم غير مهتمين، ويبدو لي أن مؤتمر الحوار هو صيغة لإعادة إنتاج مصالح هؤلاء الأقوياء فقط.

- نعود لمسألة سيطرة الرئيس على مؤتمر الحوار، أنت قلت لي قبل التسجيل, إن الرئيس تقريباً هو مسيطر على مؤتمر الحوار..

(مقاطعاً) رئيس الجمهورية أوكل له عدد من المهام من قبل اللجنة الفنية وباتفاق القوى السياسية تجعله الرجل المسيطر كلياً على مؤتمر الحوار..

- كيف ذلك؟

أعطيت للرئيس صلاحيات غير منطقية ضمن اللجنة الفنية، يعني إعطاء الرئيس صلاحية وضع النظام الأساسي لمؤتمر الحوار الوطني، وكذا انتخابه لرئاسة مؤتمر الحوار مع أن هذين الأمرين من طبيعة اختصاص مؤتمر الحِوار نفسه وليس من صلاحيات رئيس الجمهورية أو اللجنة الفنية لمؤتمر الحوار الوطني..

الأمر الآخر، كيف يمكن ونحن نريد تحرير مؤتمر الحوار من سيطرة السلطة التنفيذية، لأنه يجب أساساً أن يناقش صلاحيات السلطة التنفيذية عبر نقاش شكل نظام الحكم وصلاحياته ومدى حضوره وتمثيليته للقوى السياسية اليمنية، كيف يمكن أن يكون مؤتمر الحوار حُراً، ما دام رئيس الجمهورية هو رأسه، كيف يمكن لمؤتمر الحوار أن يكون حُراً ما دام هذا المؤتمر يفترض أن يناقش شكل النظام، بما فيه شكل النظام السياسي الحالي، الذي هو شكل نظام سياسي رئاسي يكفل صلاحيات شبه مطلقة لرئيس الجمهورية، وسيأتي رئيس الجمهورية ذاته ليكون رئيساً لهذا المؤتمر، فهل سيسمح رئيس الجمهورية بأي نقاش يمسّ صلاحيات سلطات يمتلكها، وهو رئيس لمؤتمر الحوار؟!

هناك شكل من تضارب المصالح, هائل بين تولي رئيس الجمهورية لموقع رئاسة المؤتمر، وبين فرص هذا المؤتمر لإنجاز نقاش حقيقي يمسّ شكل هذا النظام...

- لكن هذا رئيس انتقالي..

لا يبدو كذلك.. لا يبدو عبد ربه رئيساً انتقالياً حتى الآن..

- يعني أنت تتوقع أن عبد ربه يكرس نمط علي عبد الله صالح في الحكم؟

أعتقد أن عبد ربه يستخدم مؤتمر الحوار الوطني لإعادة تجديد شرعيته في موقع الرئاسة؛ ولذلك مؤتمر الحوار الوطني بدلاً من أن يقدم حلولاً حقيقية، سيقدم خدمة لعبد ربه من ناحية أنه سيعفيه من تبعات التصويت التوافقي عليه، ليصبح رئيساً صاعِداً من مؤتمر حوار وطني جمعت فيه مختلف القوى السياسية الوطنية، وبالتالي هنا سيحظى بشرعية غير مسبوقة هو يريد الاستفادة منها.

- ماذا عن دور الأحزاب السياسية في هذه المسألة..

الأحزاب عاجزة، واضح أن الأحزاب عاجزة، الكل يبحث عن حصص هامشية في إطار التمثيل السياسي، المشكلة أن العسكر يستعيدون دورهم التقليدي في حُكم هذا البلد، هل العسكري قادم من الجنوب أو قادم من الشمال لم تعد هذه هي المشكلة، لأن بنية الأداء العسكري، هي بنية أداء قتالي، عبد ربه قادم من هذه البنية. أقول لَّك شيئاً: لا يصنع المستبد إلا في ظلّ العجز وفي ظلّ التملق، وهذان الشيئان متوفران الآن، هناك تملق لصورة المخلّص عبد ربه, وهناك عجز في مواجهة عبد ربه الذي يبدو أنه يحظى بدعم استثنائي أعمى ولا يميِّز من المجتمع الدولي.

- هل تعتقد بأن القوى التقليدية في الشمال ستسمح بهذا، أعني بتولي عسكري جنوبي للسلطة؟

لا مشكلة لدى القوى التقليدية في الشمال مع عسكري قادم من الجنوب، مشكلة القوى التقليدية في الشمال أو في أي مكان هو المسّ بمصالحها، إذا وصلت إلى تسوية تكفل فيها تناغم مصالحها مع مصالح هادي أو مع أي طرف آخر ستمر الأمور بسلام..

- طيب.. ماذا عن الخلافات بين الرئيس عبد ربه وبين اللواء علي محسن وما يتردد بهذا الخصوص في وسائل الإعلام..

بالأخير هي صراعات أقوياء على اقتسام حصة من النفوذ، وكيفية إدارة البلد بالطريقة التي تناسبهم..

- بس هذا يرجح أنهم قد يعملون على إقصاء عبد ربه..

كل الاحتمالات واردة، بس في الأخير ما هو الصراع الموجود؟ هو صراع على سلطة، وليس صراعاً على تحسين شروط حياة اليمنيين، سواء أُقصي عبد ربه أم لم يقصَ, لم يعد يهمنا هذا، لأن هنا الآن مجموعة من المتغولين على مستقبل البلد وحياته، يتصارعون على مواقع النفوذ وكيفية إدارة البلاد. لا يحدث الصراع بين علي محسن وعلي عبد الله صالح وعبد ربه منصور على تحسين شروط حياة اليمنيين, يحدث الصراع على كيف يكرس كل واحد منهم نفوذه وقوته في مركز الحُكم فقط.

- هناك تمثيل لهذه القوى الأخرى، قوى الغالبية الساحقة، وإن كان تمثيلاً إلى حدٍ ما محدوداً داخل مؤتمر الحوار، لماذا لا يدافع هؤلاء عن مصالحهم داخل مؤتمر الحوار، وهم ممثلون فيه؟

من هي هذه القوى؟

- نفترض مثلاً قوى اليسار، والأحزاب المدنية، وممثلو الجهويات والفئات الاجتماعية المتضررة، المستقلون.. إلخ.

ما هو حجمها؟

- تقصد على الواقع أو داخل المؤتمر؟

داخل المؤتمر.. أنا أتحدث بالمعنى التقني المباشر (565)، عدد المستقلين 120، هؤلاء ال (120) إذا افترضنا نقاءهم كلهم باعتبارهم مستقلين، على واقع 9 لجان، كم سيكون كل واحد في كلّ لجنة، كانوا سيكونون بحدود ال 9 أشخاص، أو 8 أو 10، من أصل (70) في كل فريق. ما هي قدرتهم على إحداث فرق في كل فرقة عمل، هذا إذا كانوا كلهم مستقلين.. وبالتالي هذا كلام فاضي، لا يمكن لهم أن يفعلوا شيئاً.

- دعنا نعود إلى مسألة استقالتك.. هل ممكن توجز لي أسبابها..

الأسباب تتعلق بمستويين، أولاً: عدم وجود تهيئة حقيقية على مستوى الأرض وعجز اللجنة عن القيام بذلك، مما أدى إلى هذا المُخرج الرديء، حيث مؤتمر الحوار وظيفة شكلية وإنجاز شكلي، والثاني: هو التدخل في أعمال اللجنة وتحت صلاحياتها، لصالح بن عُمر أولاً، الذي خوِّل بشكل أساسي بمسألة تحديد النسب وصادر على اللجنة حقهم وصلاحياتهم..

- لكن هذه ميزة كما يبدو، لأنه لو كان تم التحديد من قبل اللجنة كانت لتتم محاصصة بين القلة المسيطرة والكثرة المُهمشة.. وبالتالي ربما بن عمر ساعد على التخفيف من هذا..

لا لا لا.. ما حدث هو تكريس المحاصصة عبر إشراف دولي، ما تم هو تقاسم، مفاوضات سياسية، استبعدت منها القوى المستقلة، على مدى أسبوع، بعد ما تم الموضوع من اللجنة، أجرى بن عُمر تشاوراً سياسياً واسعاً وكل وسائل الإعلام شهدته، مع علي عبد الله صالح، مع عبد ربه، مع قادة الإصلاح والاشتراكي والناصري، مع علي محسن الأحمر، وحين اتفقوا قرر تلك النسب، من استُبعد من تلك المشاورات؟ نحن الذين كنا نفترض أن نمثل خيارات القوى المستقلة والمدنية، وببساطة وبعد ما أنهى مشاوراته، راح يحلف يمين للجنة الفنية، وأعلن بن عُمر ذاته الحصص قبل أن تعلن اللجنة الفنية الحصص في مؤتمر صحفي، وغادر اليمن سعيداً بانتصاره.

ما يحدث أن بن عُمر حريص على ألا يمسّ نجاحه الوظيفي، ولذلك مستعد أن يهدر أي شكل من المبادئ الأساسية الحاكمة التي يفترض أن تلتزم بها الأمم المتحدة، هل يصحّ برأيك أن يلعب المبعوث الدولي – كما يلعب الآن – دوراً بالغ السوء في تقرير، أو في الإصرار على إنتاج قانون للعدالة الانتقالية، لا يستجيب للحدّ الأدنى من المواصفات الدولية، يصمت بن عُمر رسمياً، وهناك تجاوزات في مشروع قانون العدالة الانتقالية الذي أعد بالشراكة مع وزارة الشؤون القانونية وهو أمر مؤسف ومخزٍ في حق وزير الشؤون القانونية القادم من خلفية حقوقية وقانونية، ثم شارك بتمرير واحد من أسوأ قوانين العدالة الانتقالية، الذي يكتم أصوات الضحايا ويحول العدالة الانتقالية إلى خطّ دفاع متقدم عن مجموعة من منتهكي حقوق الإنسان على مدى 60 سنة.

- دعنا نعود إلى مؤتمر الحوار.. ما هي الأجندة التي يمكن طرحها على مؤتمر الحوار الوطني القادم؟

هناك تسعة عناوين أساسية، هي القضية الجنوبية، قضية صعدة، شكل الدولة والنظام السياسي، حقوق الإنسان وغيرها من القضايا، الآن المشكلة في تقديري أن هذا النقاش سيكون مُسيطراً عليه، ما دام ابتدأ مسار القرار السياسي الذي يسيطر على مُخرجات الحوار من اللجنة الفنية كما حدث في مسألة الحصص والمقاسمات وغيره، وسُحب قرار اللجنة إلى خارجها، سيتم سحب أي قرارات داخل المؤتمر إلى خارجه. لقد تم التحجج بأن اللجنة الفنية عاجزة عن اتخاذ القرار في موضوع الحصص، ولذلك برروا مسألة تفويض بن عُمر، قل لي بالله عليك، واللجنة الفنية هي تمثل كل الطبقات السياسية في اليمن، أمناء عموم الأحزاب، القيادات من الصفّ الأول.. إذا عجز هؤلاء في إطار اللجنة الفنية، عن الاتفاق السياسي على موضوع تمثيل الحصص.. كيف سيتفقون في إطار مؤتمر الحوار الوطني على قضايا أكثر تعقيداً، منها مستقبل البلد كنظام، هل سيلجأون إلى التفويض؟

- الواضح أنه كذلك..

الواضح إذن أنه ستعقد صفقات سياسية خارج المؤتمر، وتفاهم بين الأقوياء وسيتم تمريره عبر مؤتمر الحوار، وكأنك يا بو زيد ما غزيت.

- هل تعتقد أن هناك ما يُمكن إدراكه؟

أنا أعتقد أن السياق الفاسد ينتج نتيجة فاسدة.. وهذا ما يحدث.. تعرف ماذا سيحدث حين ينعقد مؤتمر الحوار، لا أنكر النجاح الشكلي، وهو ما سيحدث، لكنه نجاح شكلي.. بينما ستتم الإضافة ومفاقمة الاحتقانات الوطنية الحالية..

- ترحيل للأزمة..

ليس ترحيلها فقط، الإضافة إليها وتكبيرها، ويمكن خلق أزمات جديدة..

- بحسب معلومات صحافية، فإن خيار المبعوث الدولي جمال بن عمر كان منحصراً لرئاسة مؤتمر الحوار على ثلاثة، عبد الكريم الإرياني وعلي ناصر محمد والرئيس عبد ربه منصور، وبالتالي نُظر لانتخاب عبد ربه باعتباره قطعاً للطريق أمام علي ناصر هل تنظر أنت للمسالة هكذا، وهل كان انتخاب عبد ربه معدٌ سلفاً؟

أنا سمعت هذه المعلومات لكن هذا لم يكُن حديثنا داخل اللجنة، كنا داخل اللجنة نقول إن المؤتمر هو من ينتخب رئاسته، في المؤتمر وليس في اللجنة الفنية، كان بعض الأعضاء معترضين على ذلك، لكن أنا شخصياً وعدد من زملائي كنا نقول إنه يجب أن يعطى للمؤتمر حق أن ينتخب رئيسه وليس اللجنة الفنية، طبعاً بعد خروجي أنا وزميلتي رضية المتوكل، حُسم الأمر. كان هناك عدد من أعضاء اللجنة غيرنا ممن يرون أن انتخاب رئاسة المؤتمر من حق مؤتمر الحوار وليس اللجنة الفنية، لكن يبدو بعد خروجنا أن سياق النقاشات اتخذ منحى آخر، وهو أن اللجنة الفنية هي التي تقرر لمن تؤول رئاسة مؤتمر الحوار.

- ما رأيك بالتصريحات الأخيرة لهيئة علماء اليمن والشيخ الزنداني والشيخ صادق الأحمر ومطالبتهم بحصتهم من مقاعد مؤتمر الحوار الوطني؟

واضح أن مؤتمر الحوار صار منصة يتقاسمها الأقوياء، فلذلك هؤلاء يشعرون في أنفسهم أنهم أصحاب حقّ في هذا التقاسم.. المفروض أن الزنداني وصادق وغيرهما أن يكون تمثيلهم بشكل بسيط وتلقائي عبر أحزابهم، والمفترض ألا يكون أي حزب مثقلاً بضرورة أن يأتي بالأسماء الكبيرة، أليس مفترضاً في كلّ حزب أن يكون رأسه السياسي قادراً على اتخاذ القرار في إطار تفويض له وفي إطار نقاش وطني؟ (طيب ليش كل حزب ضروري يجيب العفش حقه كله؟) ألا يثقون ببعضهم البعض؟ الأحزاب هي واجهة مزيفة لمصالح مراكز نفوذ متعددة داخل كل حزب، لذلك واضح أن هؤلاء لديهم مراكز نفوذ يريدون حمايتها، والمشكلة أنه لا يكفيهم التمثيل عبر الصيغة التقليدية للمؤتمر.

- حسناً.. بخصوص قضية العدالة الانتقالية.. ما هو توقعك بما سيخرج عنه مؤتمر الحوار بخصوص العدالة الانتقالية في ظل وجود تحفظ وتذمر لدى قطاع داخل الحزب الاشتراكي والتنظيم الناصري وبعض المستقلين بهذا الخصوص؟

الحزب الاشتراكي، تحديداً، وغيره، كل الأحزاب في اليمن شاركت في دورات الدَّم، وكلها لديها أطراف منها شاركت في القتل، ولذلك كلها تتحمل مسؤولية على فترات مختلفة من التاريخ السياسي اليمني.

- يعني أنها لن تطالب بتطبيق مشروع عدالة انتقالية منصف، لأنها متورطة؟

كل طرف سيحمي تاريخ الانتهاكات الخاص به.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.