وزير التجارة يكشف أسباب تعافي الريال ويؤكد أن الأسعار في طريقها للاستقرار(حوار)    ردود أفعال دولية واسعة على قرار الكابينت الصهيوني احتلال غزة    السهام يقسو على النور بخماسية ويتصدر المجموعة الثالثة في بطولة بيسان 2025    واشنطن: استقلالية البنك المركزي اليمني ضرورة لإنقاذ الاقتصاد ومنع الانهيار    هبوط العملة.. والأسعار ترتفع بالريال السعودي!!    مليونية صنعاء.. جاهزون لمواجهة كل مؤامرات الأعداء    الفاو: أسعار الغذاء العالمية تسجل أعلى مستوى خلال يوليو منذ أكثر منذ عامين    إعلاميون ونشطاء يحيون أربعينية فقيد الوطن "الحميري" ويستعرضون مأثره    القبض على 5 متورطين في أعمال شغب بزنجبار    الأمم المتحدة تعلن وصول سوء التغذية الحاد بين الأطفال بغزة لأعلى مستوى    رباعية نصراوية تكتسح ريو آفي    200 كاتب بريطاني يطالبون بمقاطعة إسرائيل    الأرصاد يتوقع أمطار رعدية واضطراب في البحر خلال الساعات المقبلة    أبين.. مقتل وإصابة 5 جنود بانفجار عبوة ناسفة استهدفت دورية عسكرية بمودية    الشهيد علي حسن المعلم    المكتب الاعلامي للفريق السامعي يوضح حول شائعات مغادرته صنعاء    الذهب يسجل مستويات قياسية مدعومًا بالرسوم الجمركية الأمريكية    الإدارة الأمريكية تُضاعف مكافأة القبض على الرئيس الفنزويلي وكراكاس تصف القرار ب"المثير للشفقة"    صحيفة روسية تكشف من هو الشيباني    اشتباكات مسلحة عنيفة بين فصائل المرتزقة في عدن    بايرن ميونخ يكتسح توتنهام الإنجليزي برباعية نظيفة    تفشي فيروس خطير في ألمانيا مسجلا 16 إصابة ووفاة ثلاثة    فياريال الإسباني يعلن ضم لاعب الوسط الغاني توماس بارتي    اكتشاف معبد عمره 6 قرون في تركيا بالصدفة    ما سر قرار ريال مدريد مقاطعة حفل الكرة الذهبية 2025؟    دراسة تحذّر من خطر شاشات الهواتف والتلفاز على صحة القلب والشرايين!    الراجع قوي: عندما يصبح الارتفاع المفاجئ للريال اليمني رصاصة طائشة    باوزير: تريم فضحت تهديدات بن حبريش ضد النخبة الحضرمية    لماذا يخجل أبناء تعز من الإنتساب إلى مدينتهم وقراهم    في تريم لم تُخلق النخلة لتموت    إنسانية عوراء    يحق لبن حبريش قطع الطريق على وقود كهرباء الساحل لأشهر ولا يحق لأبناء تريم التعبير عن مطالهم    المحتجون الحضارم يبتكرون طريقة لتعطيل شاحنات الحوثي المارة بتريم    وتؤكد بأنها على انعقاد دائم وان على التجار رفض تسليم الزيادة    وسط تصاعد التنافس في تجارة الحبوب .. وصول شحنة قمح إلى ميناء المكلا    كرة الطائرة الشاطئية المغربية.. إنجازات غير مسبوقة وتطور مستمر    تغاريد حرة .. عندما يسودنا الفساد    القرعة تضع اليمن في المجموعة الثانية في تصفيات كأس آسيا للناشئين    إب.. قيادي حوثي يختطف مواطناً لإجباره على تحكيمه في قضية أمام القضاء    الرئيس المشاط يعزي في وفاة احد كبار مشائخ حاشد    كنت هناك.. وكما كان اليوم، لبنان في عين العاصفة    محافظ إب يدشن أعمال التوسعة في ساحة الرسول الأعظم بالمدينة    عصابة حوثية تعتدي على موقع أثري في إب    الصراع في الجهوية اليمانية قديم جدا    وفاة وإصابة 9 مواطنين بصواعق رعدية في الضالع وذمار    الفصل في 7329 قضية منها 4258 أسرية    جامعة لحج ومكتب الصحة يدشنان أول عيادة مجانية بمركز التعليم المستمر    خطر مستقبل التعليم بانعدام وظيفة المعلم    دراسة أمريكية جديدة: الشفاء من السكري ممكن .. ولكن!    أربع مباريات مرتقبة في الأسبوع الثاني من بطولة بيسان    هيئة الآثار تنشر قائمة جديدة بالآثار اليمنية المنهوبة    اجتماع بالمواصفات يناقش تحضيرات تدشين فعاليات ذكرى المولد النبوي    مجلس الوزراء يقر خطة إحياء ذكرى المولد النبوي للعام 1447ه    لا تليق بها الفاصلة    حملة رقابية لضبط أسعار الأدوية في المنصورة بالعاصمة عدن    رئيس الوزراء: الأدوية ليست رفاهية.. ووجهنا بتخفيض الأسعار وتعزيز الرقابة    من أين لك هذا المال؟!    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عضو فنية الحوار المستقيل ماجد المذحجي يكشف خفايا واسرار
نشر في المساء يوم 23 - 02 - 2013

اختير ماجد المذحجي عضوا في اللجنة الفنية للتحضير للحوار الوطني في يونيو 2012، كواحد من الوجوه الشابة والمستقلة، وصوت معبر عن تيار المدنية والحداثة.
عمل بحس مسؤولية عالي ضمن أعضاء اللجنة الفنية، وهي المسؤولية التي دفعته لتعليق عضويته في اللجنة احتجاجاً على آلية اختيار نسب التمثيل للقوى السياسية في مؤتمر الحوار. وعندما لم تتراجع رئاسة اللجنة عن تفويض جمال بن عمر- المبعوث الأممي، لتحديد هذه النسب بطريقة جرّدت اللجنة من اختصاصها، قدم استقالته نهائياً من اللجنة مع زميلته رضية المتوكل. في هذا الحوار، يتحدث ماجد المذحجي ل"الأولى" عن قراءته لمشهد الحوار الوطني المرتقب وتطورات الوضع السياسي الراهن وتفاصيل أخرى تجدونها طي هذا الحوار.

حاوره- احمد شوقي احمد

-نبدأ من الحدث الأخير.. ما رأيك بتصريح اللجنة الفنية أن هناك فصيلين من الحِراك قدما أسماء ممثليهما للجنة، أو بالأصح لرئيس الجمهورية؟
هو واضح أن هذا التقرير تعبير عن المآل البائس للجنة، أولاً يبدو أنه انتزع من اللجنة الحق أو ولايتها بتقرير تمثيلية هؤلاء في الحراك، بدءاً من الأسماء المقدمة واضح أنه يتجه في مسار سياسي مغلق على تقدير وخيارات الرئيس. الجنوب، وتحديداً الجنوب السياسي وليس شباب الجنوب المستقل بين قوسين، الجنوب الآن يتم إنتاج طرف واحد فيه, ويتحكم به سياسياً المركز في صنعاء، يتحكم فيه الرئيس عبد ربه، ولذلك أعتقد أن هذه الفصائل التي قدمت الأسماء إن لم تُكوِّن هويتها، وهويتها هنا مهمة، ستشكل إضافة للمشكلة، لا وسيلة للحل في مؤتمر الحوار، حين يتم إنتاج حراك جنوبي محدد، مسيطر عليه، قريب من رئيس الجمهورية، في ظل مناخ الاحتقان الموجود في الجنوب، فلن تشكل هذه الفصائل وسيلة أو فرصة، للحل عبر مؤتمر الحوار، بل تشكل سبباً في مزيد من الاحتقان في الجنوب، وهذه الكارثة التي سيأتي بها المؤتمر.. فبدلاً من أن يشكل منصة لإعادة تسوية الأمور بين اليمنيين سيصبح منصة لتفجيرها.

- هو واضح – وكما لاحظت من بيان مجلس الأمن الأخير – أن المجلس مع الرئيس عبد ربه ومع خيار تمثيل الجنوب عبر عبد ربه، يعني انتقاد مجلس الأمن لعلي سالم البيض يمكن اعتباره دعماً لعبد ربه وخياراته.. أنت كيف ترى هذه المسألة؟!

لا أسوأ من البيان الرئاسي لمجلس الأمن في هذا التوقيت، توقيت سيء للقضية الجنوبية، وهو مجحف بحق علي سالم البيض، أياً يكُن تقييمنا لعلي سالم البيض. الآن البيان جعل من الحوار الوطني بمثابة معركة مع الحراك، حين يتم وضع أحد القادة السياسيين للحراك في الزاوية، وخصوصاً رجلاً بحجم علي سالم البيض أياً كان اختلافنا في تقييمه، سيجعل كل المشهد السياسي المحتدم في الجنوب، يقع خلف هذا الرجل، وبالتالي فرص أن تدفع المعتدلين في وسط الحراك إلى القدوم إلى صنعاء للتباحث السياسي، في ظل استهدافك لواحد من الرموز السياسية الجنوبية ستنخفض حتى حدود الصفر. أنت الآن تخلق جبهة مفتوحة في الجنوب، لاحظ الأداء الرسمي الإعلامي، يعيد التفكير تماماً بما حدث في عهد علي عبد الله صالح؛ قادة حراكيون جنوبيون يرفعون علم الوحدة في مناسبة بيان مجلس الأمن! يعني لم يرفع القادة الحراكيون العلم بسبب إجراءات على الأرض بل رفعوه بسبب تلويح بعصا مجلس الأمن في هذا الموضوع!

- (مقاطعاً) طيب.. عبد ربه هو جنوبي قبل كل شيء، وله ثقله السياسي وثقله الجهوي داخل الجنوب.. أيضاً القرارات الأخيرة التي اتخذها عبد ربه تقول بأنه يركز أو يعزز من حضور الجنوب داخل بنية نظام الحكم, فكيف يمكن النظر لعبد ربه بأنه قد يعمل على إقصاء الجنوبيين في مؤتمر الحوار الوطني؟!

هل يعزز عبد ربه الجنوبيين في صيغة السلطة, أم يعزز شكلاً من العصبية السياسية المحسوبة عليه؟ أنا أعتقد أنه يجب التمييز؛ يبني عبد ربه قاعدة تحالفات وولاءات تنتمي إلى دائرة خياراته السياسية الموثوقة ولا تنتمي إلى إطاره الجغرافي كجنوبي، هناك فرق جوهري في المسألة، عبد ربه يعيد إنتاج صيغة الحكم بنفس الطريقة التي أداها معظم الرؤساء السابقين بإنتاج صيغة حكم مبنية على التحالفات المحسوبة عليه، هذه البنية من التحالفات التي يكرسها عبد ربه لا تتعلق بالجنوب بقدر ما تتعلق برجل يبدو لي الآن أنه يكرس نفسه في موقع الرئاسة بغض النظر عن استحقاقات الصفة المطلقة عليه كرئيس توافقي انتقالي، ينظر عبد ربه إلى مُعطى الجنوب الذي يحتكره الآن كوسيلة ضامنة لتكريس نفسه في المرحلة الجديدة، ولذلك المشكلة هنا, يتم تداخل، يتم انتحال اسم الجنوب في التعيينات بينما يتم تأكيد تعيينات ذات طابع عصبوي خاص.

- (مقاطعاً) طيب, الجنوبيون أصلاً هم رافضون المشاركة في الحوار من أساسه، سواء كان قبل هذه الاختيارات أو بعدها..

يجب، وهذه كانت مسؤولية الدولة ومسؤولية اللجنة الفنية للحوار؛ أن تخلق بيئة تساعد الجنوبيين على المشاركة في الحوار، لا يمكن إجبار الجنوبي على القدوم، وهنا لا أتحدث عن حالة ملق، أو استرضاء بمعنى آخر، وإنما مسؤولية الدولة أن تخلق بيئة إيجابية حاضنة للحوار، وهذه البيئة تأتي عبر سلسلة إجراءات تخلق معطيات جديدة تبني الثقة حول مركز الدولة، حين تبدأ هذه الإجراءات بالعمل، سيتم بسهولة إضعاف بنية الخطاب المتطرف في الحراك.

-ما هي هذه الإجراءات؟

الإجراءات تتم على الأرض؛ المسرحون، الأراضي، إطلاق المعتقلين، في معظم الإجراءات وهي ممكنة. ما اتخذه رئيس الجمهورية من قرارات في ما يخص الأراضي في الجنوب مهزلة كبيرة، فرئيس الجمهورية قام بتقييم لجنتين مثلما تم تصميم اللجان في تاريخ اليمن وهي لجان سيئة السمعة، لجان عمرها الزمني مدته عام، وهي وضعت للتهيئة، هذه القضايا يجب أن تحسم بشكل سريع، وأنا لا أصطنع تعجيزاً، لأن هناك تأتي إمكانية فنية لازم تعود إليها.

ثانياً: اللجان ذات طابع استشاري ليست لها أي صلاحيات، اللجان تقوم بعمل تقارير أو بعمل ذي طابع استشاري، ترفع هذه التقارير إلى رئيس الجمهورية، رئيس الجمهورية وحده من يقرر الأخذ بهذه التقارير أو لا، العمل بها أو لا، وهنا تقدير رئيس الجمهورية تقدير سياسي لا تقدير حقوقي كما يفترض أن اللجان تقوم به.

- المسألة الآن في نظر المجتمع الدولي وحتى في نظر المجتمع المحلي، أن الحوار يجب أن يتم في أسرع وقت ممكن, وهذه المسألة مسألة طويلة أعتقد أنها معقدة, ومعالجة أضرار سنوات الحرب الطويلة أيضاً بحاجة إلى سنوات حسب اعتقادي.. كيف تنظر أنت إلى هذه المسألة؟


للأسف صممت المبادرة الخليجية بطريقة حمقاء، لنقل ذلك، أغلق مسار السياسة على طريق واحد، وهو إذا أردت الوصول إلى انتخابات، إذا أردت الوصول إلى صياغة شكل النظام السياسي... الخ، فلا حل لك إلا المرور عبر طريق الحوار الوطني، إذا فشل هذا الطريق لا يوجد حل آخر.. الآن يفترض أن يشكل المؤتمر اللجنة الدستورية، وكل هذا التشوش واضح وحقيقي، أنا خشيتي أن هذا المؤتمر لا يمتلك أي فرصة ليقدم أي معالجات على مستوى الأرض، لا يمتلك أي فرصة لأنه من حيث صيغة تصميمه، شكل التمثيل القائم فيه، شكل النزاع والأولويات على طاولته، كلها لا تنتمي إلى دائرة الخيارات الأساسية لليمنيين، اليمنيون الآن أمام تحدي تمييع الدولة وضياعها بالمعنى المباشر، بينما تبدو طاولة النقاش الوطني مشغولة الآن بحصة كل جماعة في طرح أسماء مراكز القوى.

- طيب سواءً أكان الحديث عن المبادرة الخليجية أو الحوار الوطني وطريقة التمثيل فيه والتهيئة له، الأمران تما بإشراف دولي، وأنت سابقاً قلت إن تصميم المبادرة الخليجية تمّ بطريقة حمقاء، هل معقول أن الإشراف الدولي لهذه الدرجة من الحمق من وجهة نظرك؟

أسوأ شكل من المساهمة الدولية في العالم تتم مؤخراً في اليمن، نحن بلد خاضع للوصاية بالمعنى الحرفي والمباشر للكلمة، لكن هذه الوصاية لا تنصرف إلا لقدرٍ من عدم السماح للأمور بالتدهور أمنياً، لا تنصرف إلى تحسين شروط فرص السياسة أمام اليمنيين, وبالتالي تحسين فرص حياة، يترك إدارة حقل السياسة لذات الأدوات القديمة, وهنا تعبث كل مراكز القوى بفرص مستقبل اليمن، ولا يتدخل الفاعل الدولي إلا لعدم انفلات الأمور فقط.

- هل معنى هذا أن القوى السياسية الحيّة في اليمن هي عاجزة سياسياً أم أنها مستعجزة؟

لا أدري كيف يمكن توصيف الحال، لكن الكلّ يستجيب لشروط رديئة من اللعبة في ما بينهم.. لكن هذه هي الخبرة الوحيدة المتاحة لهم، هي خبرة إدارة الشأن السياسي بهذه الطريقة التقليدية السيئة.

- يعني أنت تتفق أن الحالة السياسية الراهنة ليست تعبيراً عن وعي معرفي وثقافي بقدر ما هي فهلوة؟!

هي ليست تمثيلاً لحالة ثقافية ولا لمصالح الناس ولا احتياجاتهم، هي تصبح رهناً لمصالح وتقديرات نخب ربما تسير..

- (مقاطعاً) هل نقول مصالح ناس، أو مصالح طبقات..؟

لا طبعاً، مصالح الناس بمختلف طبقاتهم..

- لكن على اعتبار وجود فرز مُعيَّن، هناك جماعات سياسية محسوبة على شرائِح مُعينة، مشايخ، رجال دين، رجال أعمال، شرائح فئوية أو جهوية... الخ. هناك مصالح عابرة في الأخير، هي المصالح اليومية والمعيشية للناس..

- لكن لا تتوفر فيها مصالح شرائح أخرى..

أوكيه، على الأحزاب أن تتحيز للكتلة الأكبر، هي كتلة فقيرة ومحتاجة ومحرومة من التمثيل.. هذه الكتلة أو الشريحة الأكبر هي الكتلة التي يجب الاهتمام بها، أما مصالح الفئة المستفيدة، فهم قد استفادوا من دماء اليمنيين على مدى فترة طويلة.. أقصد يجب الانصراف قليلاً لتمثيل هذه الفئات المتضررة..

- وهل تعتقد أنهم سيقبلون التخلي عن مصالحهم لصالح تمثيل هذه الفئات..

هم غير مهتمين، ويبدو لي أن مؤتمر الحوار هو صيغة لإعادة إنتاج مصالح هؤلاء الأقوياء فقط.

- نعود لمسألة سيطرة الرئيس على مؤتمر الحوار، أنت قلت لي قبل التسجيل, إن الرئيس تقريباً هو مسيطر على مؤتمر الحوار..

(مقاطعاً) رئيس الجمهورية أوكل له عدد من المهام من قبل اللجنة الفنية وباتفاق القوى السياسية تجعله الرجل المسيطر كلياً على مؤتمر الحوار..

- كيف ذلك؟

أعطيت للرئيس صلاحيات غير منطقية ضمن اللجنة الفنية، يعني إعطاء الرئيس صلاحية وضع النظام الأساسي لمؤتمر الحوار الوطني، وكذا انتخابه لرئاسة مؤتمر الحوار مع أن هذين الأمرين من طبيعة اختصاص مؤتمر الحِوار نفسه وليس من صلاحيات رئيس الجمهورية أو اللجنة الفنية لمؤتمر الحوار الوطني..

الأمر الآخر، كيف يمكن ونحن نريد تحرير مؤتمر الحوار من سيطرة السلطة التنفيذية، لأنه يجب أساساً أن يناقش صلاحيات السلطة التنفيذية عبر نقاش شكل نظام الحكم وصلاحياته ومدى حضوره وتمثيليته للقوى السياسية اليمنية، كيف يمكن أن يكون مؤتمر الحوار حُراً، ما دام رئيس الجمهورية هو رأسه، كيف يمكن لمؤتمر الحوار أن يكون حُراً ما دام هذا المؤتمر يفترض أن يناقش شكل النظام، بما فيه شكل النظام السياسي الحالي، الذي هو شكل نظام سياسي رئاسي يكفل صلاحيات شبه مطلقة لرئيس الجمهورية، وسيأتي رئيس الجمهورية ذاته ليكون رئيساً لهذا المؤتمر، فهل سيسمح رئيس الجمهورية بأي نقاش يمسّ صلاحيات سلطات يمتلكها، وهو رئيس لمؤتمر الحوار؟!

هناك شكل من تضارب المصالح, هائل بين تولي رئيس الجمهورية لموقع رئاسة المؤتمر، وبين فرص هذا المؤتمر لإنجاز نقاش حقيقي يمسّ شكل هذا النظام...

- لكن هذا رئيس انتقالي..

لا يبدو كذلك.. لا يبدو عبد ربه رئيساً انتقالياً حتى الآن..

- يعني أنت تتوقع أن عبد ربه يكرس نمط علي عبد الله صالح في الحكم؟

أعتقد أن عبد ربه يستخدم مؤتمر الحوار الوطني لإعادة تجديد شرعيته في موقع الرئاسة؛ ولذلك مؤتمر الحوار الوطني بدلاً من أن يقدم حلولاً حقيقية، سيقدم خدمة لعبد ربه من ناحية أنه سيعفيه من تبعات التصويت التوافقي عليه، ليصبح رئيساً صاعِداً من مؤتمر حوار وطني جمعت فيه مختلف القوى السياسية الوطنية، وبالتالي هنا سيحظى بشرعية غير مسبوقة هو يريد الاستفادة منها.

- ماذا عن دور الأحزاب السياسية في هذه المسألة..

الأحزاب عاجزة، واضح أن الأحزاب عاجزة، الكل يبحث عن حصص هامشية في إطار التمثيل السياسي، المشكلة أن العسكر يستعيدون دورهم التقليدي في حُكم هذا البلد، هل العسكري قادم من الجنوب أو قادم من الشمال لم تعد هذه هي المشكلة، لأن بنية الأداء العسكري، هي بنية أداء قتالي، عبد ربه قادم من هذه البنية. أقول لَّك شيئاً: لا يصنع المستبد إلا في ظلّ العجز وفي ظلّ التملق، وهذان الشيئان متوفران الآن، هناك تملق لصورة المخلّص عبد ربه, وهناك عجز في مواجهة عبد ربه الذي يبدو أنه يحظى بدعم استثنائي أعمى ولا يميِّز من المجتمع الدولي.

- هل تعتقد بأن القوى التقليدية في الشمال ستسمح بهذا، أعني بتولي عسكري جنوبي للسلطة؟

لا مشكلة لدى القوى التقليدية في الشمال مع عسكري قادم من الجنوب، مشكلة القوى التقليدية في الشمال أو في أي مكان هو المسّ بمصالحها، إذا وصلت إلى تسوية تكفل فيها تناغم مصالحها مع مصالح هادي أو مع أي طرف آخر ستمر الأمور بسلام..

- طيب.. ماذا عن الخلافات بين الرئيس عبد ربه وبين اللواء علي محسن وما يتردد بهذا الخصوص في وسائل الإعلام..

بالأخير هي صراعات أقوياء على اقتسام حصة من النفوذ، وكيفية إدارة البلد بالطريقة التي تناسبهم..

- بس هذا يرجح أنهم قد يعملون على إقصاء عبد ربه..

كل الاحتمالات واردة، بس في الأخير ما هو الصراع الموجود؟ هو صراع على سلطة، وليس صراعاً على تحسين شروط حياة اليمنيين، سواء أُقصي عبد ربه أم لم يقصَ, لم يعد يهمنا هذا، لأن هنا الآن مجموعة من المتغولين على مستقبل البلد وحياته، يتصارعون على مواقع النفوذ وكيفية إدارة البلاد. لا يحدث الصراع بين علي محسن وعلي عبد الله صالح وعبد ربه منصور على تحسين شروط حياة اليمنيين, يحدث الصراع على كيف يكرس كل واحد منهم نفوذه وقوته في مركز الحُكم فقط.

- هناك تمثيل لهذه القوى الأخرى، قوى الغالبية الساحقة، وإن كان تمثيلاً إلى حدٍ ما محدوداً داخل مؤتمر الحوار، لماذا لا يدافع هؤلاء عن مصالحهم داخل مؤتمر الحوار، وهم ممثلون فيه؟

من هي هذه القوى؟

- نفترض مثلاً قوى اليسار، والأحزاب المدنية، وممثلو الجهويات والفئات الاجتماعية المتضررة، المستقلون.. إلخ.

ما هو حجمها؟

- تقصد على الواقع أو داخل المؤتمر؟

داخل المؤتمر.. أنا أتحدث بالمعنى التقني المباشر (565)، عدد المستقلين 120، هؤلاء ال (120) إذا افترضنا نقاءهم كلهم باعتبارهم مستقلين، على واقع 9 لجان، كم سيكون كل واحد في كلّ لجنة، كانوا سيكونون بحدود ال 9 أشخاص، أو 8 أو 10، من أصل (70) في كل فريق. ما هي قدرتهم على إحداث فرق في كل فرقة عمل، هذا إذا كانوا كلهم مستقلين.. وبالتالي هذا كلام فاضي، لا يمكن لهم أن يفعلوا شيئاً.

- دعنا نعود إلى مسألة استقالتك.. هل ممكن توجز لي أسبابها..

الأسباب تتعلق بمستويين، أولاً: عدم وجود تهيئة حقيقية على مستوى الأرض وعجز اللجنة عن القيام بذلك، مما أدى إلى هذا المُخرج الرديء، حيث مؤتمر الحوار وظيفة شكلية وإنجاز شكلي، والثاني: هو التدخل في أعمال اللجنة وتحت صلاحياتها، لصالح بن عُمر أولاً، الذي خوِّل بشكل أساسي بمسألة تحديد النسب وصادر على اللجنة حقهم وصلاحياتهم..

- لكن هذه ميزة كما يبدو، لأنه لو كان تم التحديد من قبل اللجنة كانت لتتم محاصصة بين القلة المسيطرة والكثرة المُهمشة.. وبالتالي ربما بن عمر ساعد على التخفيف من هذا..

لا لا لا.. ما حدث هو تكريس المحاصصة عبر إشراف دولي، ما تم هو تقاسم، مفاوضات سياسية، استبعدت منها القوى المستقلة، على مدى أسبوع، بعد ما تم الموضوع من اللجنة، أجرى بن عُمر تشاوراً سياسياً واسعاً وكل وسائل الإعلام شهدته، مع علي عبد الله صالح، مع عبد ربه، مع قادة الإصلاح والاشتراكي والناصري، مع علي محسن الأحمر، وحين اتفقوا قرر تلك النسب، من استُبعد من تلك المشاورات؟ نحن الذين كنا نفترض أن نمثل خيارات القوى المستقلة والمدنية، وببساطة وبعد ما أنهى مشاوراته، راح يحلف يمين للجنة الفنية، وأعلن بن عُمر ذاته الحصص قبل أن تعلن اللجنة الفنية الحصص في مؤتمر صحفي، وغادر اليمن سعيداً بانتصاره.

ما يحدث أن بن عُمر حريص على ألا يمسّ نجاحه الوظيفي، ولذلك مستعد أن يهدر أي شكل من المبادئ الأساسية الحاكمة التي يفترض أن تلتزم بها الأمم المتحدة، هل يصحّ برأيك أن يلعب المبعوث الدولي – كما يلعب الآن – دوراً بالغ السوء في تقرير، أو في الإصرار على إنتاج قانون للعدالة الانتقالية، لا يستجيب للحدّ الأدنى من المواصفات الدولية، يصمت بن عُمر رسمياً، وهناك تجاوزات في مشروع قانون العدالة الانتقالية الذي أعد بالشراكة مع وزارة الشؤون القانونية وهو أمر مؤسف ومخزٍ في حق وزير الشؤون القانونية القادم من خلفية حقوقية وقانونية، ثم شارك بتمرير واحد من أسوأ قوانين العدالة الانتقالية، الذي يكتم أصوات الضحايا ويحول العدالة الانتقالية إلى خطّ دفاع متقدم عن مجموعة من منتهكي حقوق الإنسان على مدى 60 سنة.

- دعنا نعود إلى مؤتمر الحوار.. ما هي الأجندة التي يمكن طرحها على مؤتمر الحوار الوطني القادم؟

هناك تسعة عناوين أساسية، هي القضية الجنوبية، قضية صعدة، شكل الدولة والنظام السياسي، حقوق الإنسان وغيرها من القضايا، الآن المشكلة في تقديري أن هذا النقاش سيكون مُسيطراً عليه، ما دام ابتدأ مسار القرار السياسي الذي يسيطر على مُخرجات الحوار من اللجنة الفنية كما حدث في مسألة الحصص والمقاسمات وغيره، وسُحب قرار اللجنة إلى خارجها، سيتم سحب أي قرارات داخل المؤتمر إلى خارجه. لقد تم التحجج بأن اللجنة الفنية عاجزة عن اتخاذ القرار في موضوع الحصص، ولذلك برروا مسألة تفويض بن عُمر، قل لي بالله عليك، واللجنة الفنية هي تمثل كل الطبقات السياسية في اليمن، أمناء عموم الأحزاب، القيادات من الصفّ الأول.. إذا عجز هؤلاء في إطار اللجنة الفنية، عن الاتفاق السياسي على موضوع تمثيل الحصص.. كيف سيتفقون في إطار مؤتمر الحوار الوطني على قضايا أكثر تعقيداً، منها مستقبل البلد كنظام، هل سيلجأون إلى التفويض؟

- الواضح أنه كذلك..

الواضح إذن أنه ستعقد صفقات سياسية خارج المؤتمر، وتفاهم بين الأقوياء وسيتم تمريره عبر مؤتمر الحوار، وكأنك يا بو زيد ما غزيت.

- هل تعتقد أن هناك ما يُمكن إدراكه؟

أنا أعتقد أن السياق الفاسد ينتج نتيجة فاسدة.. وهذا ما يحدث.. تعرف ماذا سيحدث حين ينعقد مؤتمر الحوار، لا أنكر النجاح الشكلي، وهو ما سيحدث، لكنه نجاح شكلي.. بينما ستتم الإضافة ومفاقمة الاحتقانات الوطنية الحالية..

ترحيل للأزمة..

ليس ترحيلها فقط، الإضافة إليها وتكبيرها، ويمكن خلق أزمات جديدة..

- بحسب معلومات صحافية، فإن خيار المبعوث الدولي جمال بن عمر كان منحصراً لرئاسة مؤتمر الحوار على ثلاثة، عبد الكريم الإرياني وعلي ناصر محمد والرئيس عبد ربه منصور، وبالتالي نُظر لانتخاب عبد ربه باعتباره قطعاً للطريق أمام علي ناصر هل تنظر أنت للمسالة هكذا، وهل كان انتخاب عبد ربه معدٌ سلفاً؟

أنا سمعت هذه المعلومات لكن هذا لم يكُن حديثنا داخل اللجنة، كنا داخل اللجنة نقول إن المؤتمر هو من ينتخب رئاسته، في المؤتمر وليس في اللجنة الفنية، كان بعض الأعضاء معترضين على ذلك، لكن أنا شخصياً وعدد من زملائي كنا نقول إنه يجب أن يعطى للمؤتمر حق أن ينتخب رئيسه وليس اللجنة الفنية، طبعاً بعد خروجي أنا وزميلتي رضية المتوكل، حُسم الأمر. كان هناك عدد من أعضاء اللجنة غيرنا ممن يرون أن انتخاب رئاسة المؤتمر من حق مؤتمر الحوار وليس اللجنة الفنية، لكن يبدو بعد خروجنا أن سياق النقاشات اتخذ منحى آخر، وهو أن اللجنة الفنية هي التي تقرر لمن تؤول رئاسة مؤتمر الحوار.

- ما رأيك بالتصريحات الأخيرة لهيئة علماء اليمن والشيخ الزنداني والشيخ صادق الأحمر ومطالبتهم بحصتهم من مقاعد مؤتمر الحوار الوطني؟

واضح أن مؤتمر الحوار صار منصة يتقاسمها الأقوياء، فلذلك هؤلاء يشعرون في أنفسهم أنهم أصحاب حقّ في هذا التقاسم.. المفروض أن الزنداني وصادق وغيرهما أن يكون تمثيلهم بشكل بسيط وتلقائي عبر أحزابهم، والمفترض ألا يكون أي حزب مثقلاً بضرورة أن يأتي بالأسماء الكبيرة، أليس مفترضاً في كلّ حزب أن يكون رأسه السياسي قادراً على اتخاذ القرار في إطار تفويض له وفي إطار نقاش وطني؟ (طيب ليش كل حزب ضروري يجيب العفش حقه كله؟) ألا يثقون ببعضهم البعض؟ الأحزاب هي واجهة مزيفة لمصالح مراكز نفوذ متعددة داخل كل حزب، لذلك واضح أن هؤلاء لديهم مراكز نفوذ يريدون حمايتها، والمشكلة أنه لا يكفيهم التمثيل عبر الصيغة التقليدية للمؤتمر.

- حسناً.. بخصوص قضية العدالة الانتقالية.. ما هو توقعك بما سيخرج عنه مؤتمر الحوار بخصوص العدالة الانتقالية في ظل وجود تحفظ وتذمر لدى قطاع داخل الحزب الاشتراكي والتنظيم الناصري وبعض المستقلين بهذا الخصوص؟

الحزب الاشتراكي، تحديداً، وغيره، كل الأحزاب في اليمن شاركت في دورات الدَّم، وكلها لديها أطراف منها شاركت في القتل، ولذلك كلها تتحمل مسؤولية على فترات مختلفة من التاريخ السياسي اليمني.

- يعني أنها لن تطالب بتطبيق مشروع عدالة انتقالية منصف، لأنها متورطة؟

كل طرف سيحمي تاريخ الانتهاكات الخاص به


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.