النظام الذي يتشكل في اليمن الآن يعد مسخاً مشوهاً للنظام الإيراني، فلا هو بالنظام الجهوري، ولا بالجمهورية الإسلامية، ولا هو نظام ملكي أو إمامي كما كان سائداً قبل ثورة 26 سبتمبر 1962م في اليمن، وإذا ما تحدثنا عن جزئية دور عبدالملك الحوثي في هذا النظام سنعرف مدى الارتباك وغياب الرؤية بل والتخبط في مشروع النظام الجديد، فهو نظام يحمل ايدلوجية دينية، لكنه لا يجرؤ على صياغة نظام الحكم على أساسها، ولفهم طبيعة النظام الذي بدأ في التشكل سأنقل لكم عدد من الفقرات التي كتبتها في صفحتي على الفيس بوك عن تلك الإشكالية: وفقاً للاتفاق الذي بموجبه خرج المجلس السياسي الأعلى وحكومة بن حبتور الى الواجهة فقد اُلغي نظرياً وعملياً الاعلان الدستوري الحوثي، وعاد مجلس النواب الذي حله الحوثيين للعمل، وعاد العمل بالدستور الأصلي للبلد، فمن أين يستمد عبدالملك الحوثي صفة قائد الثورة بعد اسقاطها؟، وبأي حق تتصدر أخباره المواقع والصحف الرسمية الصادرة في صنعاء؟، الا إذا كان بصفته الولي الفقيه في صعدة فهذا شأن آخر، لكن على الأقل يجب تعديل الدستور والنص على منصبه كما هو منصوص على منصب المرشد الأعلى للثورة في الدستور الإيراني. عبدالملك الحوثي عملياً هو رئيس صالح الصماد، أي أنه رئيس الرئيس، ذلك ليس من وحي خيالي أو من بنات أفكاري وتحليلاتي، ذلك واقع عملي، ومن يطالع غلاف صحيفة الثورة الرسمية الصادرة بتاريخ 30 نوفمبر 2016م يلحظ خبر عن (السيد) عبدالملك بالبنط العريض، وخبر تحته عن صالح الصماد الذي من المفترض أنه رئيس الجمهورية الحوثية، (السيد) هنا يسبق ويعلو على الرئيس مع أنه لا منصب رسمي له، هنا الإمامة تنتصر على الجمهورية؛ وان كانت تتوارى تحت عباءتها؛ هنا تتجلى ولاية الفقيه في أبهى صورها، لكنها ولاية فقيه أسوأ وأخطر من الموجودة في ايران لأنها لا تستند الى أي نص دستوري، وهذا يجعل العلاقة بين الرئيس ورئيسه غير شرعية. هل يعتبر عبدالملك الحوثي نفسه أكبر من الجمهورية ومن منصب الرئيس؟، لذلك لا يسعى لشغل أي منصب رسمي، فسلطته في إدارة اليمن مستمدة من القرآن بحسب ما يعتقد، سلطة ولاية الأمر بنظرة لا تحتاج الى مادة في الدستور، طالما هي مستمدة من أية الولاية في القرآن بحسب تفسيره لها. عبدالملك الحوثي شخص رائع على المستوى الشخصي، وودود للغاية، ومضياف الى أبعد الحدود، ولا يمكن لزائرة الا أن يحبه أو يحترمه بالحد الأدنى، أحدثكم من واقع لمسته أنا شخصياً، مشكلتنا معه أن يقتل أصحابه وهو يعتقد أنه يرسلهم الى الجنة، ويقتل خصومه اليمنيين وهو يعتقد أنهم منافقين وعملاء ويرسلهم الى النار بناء على رغبة الله، ويدمر اليمن ويفتته ويمزق نسيجه الاجتماعي وهو يعتقد أنه يحرره. تخيلوا رئيس الوزراء بن حبتور أو أي وزير مؤتمري يهمس في إذنه المشرف الحوثي المسؤول عليه قائلاً له: (نحن في حرب وعدوان سعودأمريكصهيوني ويجب عمل كذا وكذا، وهذه رغبة السيد حفظه الله، ونحن دائماً نقول للسيد أنك شخص جيد وواقف بقوة ضد العدوان وصامد بأقوى ما لديك)، طبعاً غصباً عن أمه بن حبتور أو أي وزير سينفذ تلك الأوامر، لأن المشرف الحوثي يملك قدرة على كسر رأسه داخل مكتبه، فأمن رئاسة الوزراء وكل الوزارات والمؤسسات تحت سلطة مليشيات #أنصار_كيري (أنصار الله) وبلباس رسمي. لماذا لا يُعين عبدالملك الحوثي في منصب رسمي؟ مثلاً: يتم تعيينه رئيس رئيس المجلس السياسي الأعلى، لأنه حقيقة يُمارس هذا الدور، لسنا ضد تولي الصديق عبدالملك أي منصب رسمي، ففي النهاية هو مواطن يمني يحق له شغل أهم المناصب، لكن نريد أن يشغل هذا المنصب بشكل رسمي وواضح، ونرفض أن يدير البلد من وراء حجاب.