لا زلنا نعيب نظام الرهائن الذي كان ساريا أيام الإمام قبل أكثر من 50 عاما، بينما هذا النظام المهين للكرامة الإنسانية والمتعارض مع أبسط قواعد العدالة ومبادئ حقوق الإنسان، لا يزال ساري المفعول إلى اليوم ويطبق تطبيقا قبيحا. تابعوا تصريحات المسئولين الأمنيين.. يقولون: تم القبض على والد الجاني.. تم التحفظ على ثلاثة من أقارب القاتل.. تم إيداع ثلاثة في الحبس الاحتياطي إلى أن يقوم مرتكب الجريمة بتسليم نفسه.. وتقرأ تصريحات لمشايخ يقولون: قد سلمنا الدولة ثلاثة أو أربعة أو خمسة من أبناء القبيلة إلى حين تسليم الفاعل الحقيقي.. يعني الغريم هارب أو ما قدرنا عليه، إذا نحبس ابن عمه.. يعني رهينة! في نظام الرهائن هذا يعامل الإنسان البريء كما تعامل سلعة أو نقد أو متاع.. يعتقل أو يسلم لقسم الشرطة لضمان حضور الجاني، تماما كما تستلف مبلغا من المال من بنك أو شخص وترهن لديه وثيقة ملكية أو حلي ضمان لاستعادة المبلغ وعندها تستعيد المرهون. جرم كبير أن تتحول أجهزة الضبط القضائي إلى أجهزة مرتهنة، تمسك بأبرياء وتودعهم السجن بجريرة أن أشخاصا من قراباتهم ارتكبوا جرائم وفروا.. الإنسان ليس سلعة أو ماعونا يرهن.. لا يجوز إخافة المجرم وتعذيبه، فما بالكم عندما يؤخذ بريء إلى السجن رهينة عرضة للتهديد والمساومة بمصيره. هذا الإجراء غير دستوري ولا قانوني، ويتعارض مع شرائع الأرض والسماء، التي تقرر أن المسئولية الجنائية شخصية، وأن لا يحمل الإنسان وزر غيره، وأن كل امرئ بما كسب رهين.. الجاني يساءل على الجناية التي ارتكبها، ولا يساءل عن جنايته شخص غيره. أن تقبض أجهزة الأمن على واحد بريء لمجرد أنه من قرابة القاتل أو السارق أو مرتكب جرم يعاقب عليه القانون، لكي تضغط على المجرم ليسلم نفسه، فهذا يدل على عجز هذه الأجهزة التي تعوض عجزها بالمساومة بحريات الأبرياء ومصائرهم.. ابني أو أبي أو أخي أو ابن عمي مثلا، قتل وهرب.. وبدلا من أن تقوم وزارة الداخلية، وهي من هي، بملاحقته والقبض عليه - لاحظوا قبح هذا السلوك والمنطق أيضا- تلجأ إلى إجراء غير دستوري ولا قانوني، وهو القبض علي، وهي تعلم أني بريء، كأنها ترتهنني لأقوم بالملاحقة نيابة عنها وأنا رهينة، أو ترتهنني لتقول للجاني: إذا استمررت في الهروب لدينا هذا البريء ينوب عنك، فكن رحيما به وسلم نفسك!!