كنا نسمع من الناس الذين عاشوا قبل الثورة، وبالتحديد العصر الإمامي، أن الإمام كان يقوم بأخذ رهائن من أبناء القبائل ومن المشائخ والأعيان لأسباب مختلفة. هذه الظاهرة كانت تسيء إلى الناس وتزعجهم كونها تقيد حرياتهم بدون ذنب، وما أشبه اليوم بالبارحة، فلقد عادت حليمة لعادتها القديمة. فلأسف الشديد أنه بعد مضي أكثر من 46 عاماً على الثورة، وفي ظل وجود إمكانيات كبيرة للدولة وتطور أجهزتها الأمنية وتعددها، إلا أنها تقوم بأخذ رهائن كما كان في السابق وأسوأ. كانوا ينتقدون الإمام، وهاهم اليوم يقلدونه ويعودون بالثورة إلى الوراء. لكن في الحقيقة يوجد فرق كبير بين رهائن الإمام ورهائن الثورة، رهائن 2009. لقد كان الإمام يلجأ إلى هذه الطريقة أو الظاهرة لضمان ولاء القبائل وفرض سيطرته عليهم من أجل تثبيت نظام حكمه، فلم نسمع أنه أخذ في يوم رهينة في قضايا جنائية، بمعنى آخر كان يلجأ إلى هذه الطريقة لأسباب سياسية، وليس في قضايا جنائية، كما أن إمكانياته كانت محدودة مقارنة بإمكانات الدولة اليوم، إضافة إلى أن الرهائن لدى الإمام تعلموا القراءة والكتابة والقرآن وعلومه، وهم رهائن، ولم يتعرض لحقوقهم وممتلكاتهم وبيوتهم، أما اليوم فحكومتنا الرشيدة وأجهزتها الأمنية تقوم بأخذ رهائن في قضايا جنائية بحتة، يكون الجاني فيها معروفاً، فتقوم بترك الجاني وإلقاء القبض على أقارب الجاني أو من أهل قريته أو صهره ولا علاقة لهم بالموضوع، ولا ذنب لهم سوى أنهم من أقاربه ومن منطقته أو ان اسم أحدهم أو لقبه مشابه لاسم الجاني، فيزج به في السجن وتنتهك حرمة بيته دون أذن من الجهة المختصة، وتكون ممتلكاته عرضة للنهب والسلب وهذا كله باسم رهينة. ويبقى أياماً وشهوراً وهو سجين بدون أي تهمة، وأحياناً كثيرة لا يخرج إلا ويدفع لأجل حريته، فلا يجوز أن يعاقب شخص بدلاً عن شخص آخر، ولا يجوز شرعاً أو قانوناً وعرفاً مصادرة حرية شخص بريء، وانتهاك ممتلكاته بسب ذنب شخص آخر.
هذه الطريقة تدل على ضعف الدولة وعجزها في ضبط الجاني، فتلجأ إلى معاقبة الأبرياء، كما أن هذه الطريقة ستنتج ثغرة وفرصة لمن أراد افتعال مشكلة لأهله أو منطقته، ولاسيما ممن لا يخاف الله ولا يحب الوطن، فيجب على كل إنسان أخطأ أن يتحمل نتيجة خطأه وليس الآخرون، وإلا عمت الفوضى في المجتمع، فالشرع والقانون يحفظان للناس حقوقهم وحرياتهم، ويجب احترامها والعمل بموجبها.
وأخيراً أناشد القيادة والحكومة وكل من له علاقة بهذا الموضوع أن يغيروا من هذه السياسة السيئة، التي لم تعد صالحة في هذا الوقت، وعفا عليها الزمن، فلا يعقل ولا يمكن أن يعالج الخطأ بالخطأ، ويجب أن يعاقب من يستحق العقاب. وأن يضرب بيد من حديد كل مجرم، ولا دخل لأقربائه أو منطقته.. لأنكم مسؤولون أمام الله والناس والتاريخ.