استغرب محللون سياسيون ما نُسب لتنظيم القاعدة بجزيرة العرب من تأييد لما سمي "الحراك الجنوبي" الذي يقوده معارضون يناهضون السلطة، ويدعون إلى انفصال الجنوب اليمني، في وقت اعتبرت مصادر حكومية أن ما يربط الطرفين هو "العنف والإرهاب". وقال مدير معهد تنمية الديمقراطية في صنعاء أحمد عبد الله الصوفي للجزيرة نت إن "القاعدة لا تستطيع أن تدافع عن نفسها، فهي مطاردة وملاحقة من قبل أجهزة الأمن اليمنية، فكيف يمكنها دعم غيرها؟". واعتبر أنه من المستغرب أن تكون القاعدة ذات طبيعة جهوية وجنوبية، لأن هذا خارج العرف وليس مألوفا من فكر تنظيم القاعدة، وشكك في التصريح الذي نسب لأبي بصير ناصر الوحيشي زعيم القاعدة في اليمن والسعودية الذي بثه موقع على شبكة الإنترنت الأربعاء. وأكد الصوفي أن مشروع تنظيم القاعدة لا يغري أحدا إلا من يرغب في الموت، وأضاف أنها تضرب أهدافا بريطانية وأميركية، لكنها لا تتعدى على وحدة بلد عربي وإسلامي، فهي تريد توحيد أفغانستان والعراق، فهل تقوم بدعم حركات انفصالية وتشارك في مخطط تقسيم اليمن؟ تأجيج الصراع أما الباحث سعيد الجمحي فلفت إلى أن للقاعدة أطرا عامة رسمتها مجموعة من المرجعيات الدينية لها مرتكزات عقلية لا تقبل الجدل، من ضمنها أنها لا يمكن أن تتحالف مع الأعداء، وفي نظر القاعدة هناك عدوان يتقاتلان (السلطة والحراك) ومن مصلحتها أن تؤجج الصراع وتصب مزيدا من الزيت عليه. واعتبر في حديث للجزيرة نت أن بيان زعيم القاعدة اليمني أبو بصير الوحيشي يعني سعي القاعدة لاستغلال الفوضى في مناطق التوتر والاضطرابات لطرح مشروع القاعدة بديلا أمام مجاميع المسلحين الذين يقومون بالعنف في جنوب اليمن. ورأى أن القاعدة بإعلانها دعم "الحراك الجنوبي"، من الواضح أنها تريد أن تتمدد بتواصل نفسي مع الجنوبيين للوصول إلى غاياتها، وبالتالي يبدو أن القاعدة في اليمن بدأت تدخل في إطار اللعبة السياسية، وتضع نفسها على أنها الخيار الأفضل لمناهضة النظام، والوثوب إلى السلطة. ولفت الجمحي إلى أن "الحراك الجنوبي" بشخوصه وهيئاته المختلفة -بخلفياتهم الاشتراكية- لا يوجد لهم أي تواصل فكري أو عقدي مع فكر القاعدة، وإن كان قد انضم إليهم مؤخرا الشيخ طارق الفضلي -الذي التقى زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن إبان الجهاد ضد السوفيات بأفغانستان- فذلك لا يعني أن الحراك الجنوبي اصطبغ بالفكر الجهادي أو فكر القاعدة. انضمام الفضلي ورأى الجمحي أن الفضلي انضم ل"الحراك الجنوبي" بوصفه وريثا لسلطنة الفضلي التي كانت قائمة كمثيلاتها بجنوب اليمن إبان الاحتلال البريطاني، وهو يخوض في اللعبة السياسية مستغلا هالة كونه "ابن سلطان"، بعيدا عن ارتباط جماعات جهادية به. وأشار الجمحي إلى أن العناصر التي تنتمي للجهاد ولا تزال متحالفة مع الشيخ الفضلي لا يمكن اعتبارها جزءا من القاعدة، لأنهم أثبتوا عمليا أنهم يخالفون القاعدة فكرا وممارسة. لكن الصوفي رأى أن ثمة رابطا بين إعلان القاعدة وبين انضمام الفضلي إلى "الحراك الجنوبي" مؤخرا، مشيرا إلى أن الفضلي عرف عام 1989 بأنه يقود أعمالا عسكرية ضد الحزب الاشتراكي الذي كان يحكم الشطر الجنوبي من اليمن قبل الوحدة، وكان وقتها عائدا من أفغانستان حيث شارك خلالها مع بن لادن في قتال السوفيات. وكان تنظيم القاعدة في جزيرة العرب قد أعلن دعمه لما يسمى الحراك جنوبي في اليمن وتأييده لسكان تلك المحافظات في "محاولتهم رفع الظلم ومناهضة الظالم والدفاع عن النفس". وقال ناصر الوحيشي (أبو بصير) -في تسجيل صوتي منسوب له بث على شبكة الإنترنت- إن ما يقوم به سكان الجنوب ليس دعوة إلى الانفصال بقدر ما هو دعوة إلى رفع الظلم والقهر حسب وصفه.