السلوك الذي يتبعه الحوثيون في التعاطي مع المبادرات السلمية التي تقودها الأممالمتحدة لوقف الحرب في اليمن، يعبر عن رغبة في إطالة أمد الأزمة واستمرار الحرب التي تشنها ميليشيات الجماعة منذ انقلابها على الشرعية في البلاد بسيطرتها على العاصمة صنعاء بقوة السلاح في سبتمبر/ أيلول من العام 2014. في الزيارة الأخيرة التي قام بها نائب مبعوث الأممالمتحدة إلى اليمن معين شريم إلى صنعاء ولقائه بمسؤولي جماعة الحوثي، أعطت ميليشيات الجماعة إشارات سلبية حيال التحركات التي تقودها الأممالمتحدة لوضع حد للمعاناة الإنسانية التي يعيشها اليمنيون بسبب الحرب، من خلال التهديد الصريح بتعطيل الحركة الملاحية في البحر الأحمر، وهو تهديد يضع الأممالمتحدة أمام مسؤولية أخلاقية قبل أن تكون قانونية، لأن التهديدات صدرت أثناء وجود ممثلها في اليمن لبحث عودة المسار السياسي المتوقف منذ مفاوضات الكويت العام الماضي. موقف دولة الإمارات العربية المتحدة من تصريحات الحوثيين جاءت متطابقة مع موقف التحالف العربي والحكومة اليمنية، حيث أكد أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، أن التهديدات الحوثية بتعطيل الملاحة في البحر الأحمر «توثيق جديد للطبيعة الإرهابية للميليشيا الحوثية»، ما يعني أن العالم أمام عصابة إرهابية مستعدة لفعل أي شيء يطيل أمد الحرب ويمنع مساعدة الشعب اليمني للخروج من الوضع المأساوي الذي يعيشه منذ سنوات بسبب البطش الذي يقوم به الحوثيون ضد خصومهم في الداخل، كان آخرها التخلص من حليفهم الرئيسي وهو الرئيس المغدورعلي عبد الله صالح في الرابع من ديسمبر/ كانون الأول الماضي. الحوثيون، المستمرون في استثمار أموال الشعب اليمني وتسخيرها لصالح حروبهم العبثية ضد شعبهم وجيرانهم، لا يكترثون للمأساة التي تسببوا فيها، ولذلك فإنهم مستعدون لمزيد من التصعيد، وهو ما أكده الناطق باسم تحالف دعم الشرعية في اليمن تركي المالكي، الذي أشار في مؤتمر صحفي إلى أن جماعة الحوثي تدرب عناصرها على استهداف حركة الملاحة، وأن ميناء الحديدة صار نقطة انطلاق لعمليات تهدد الملاحة البحرية من خلال استخدام رادارات لرصد القطع البحرية للتحالف العربي وللسفن المارة في البحر الأحمر، وعرض التحالف على الأممالمتحدة الإشراف على ميناء الحديدة حتى تمنع استغلال ميليشيات الحوثي للميناء واستخدامه لأغراض تتنافى والقرارات الأممية. لذلك كله توصد جماعة الحوثي كل الأبواب للوصول إلى حلول سلمية للأزمة في اليمن، وجاءت المواقف المتصلبة للجماعة أثناء لقاء قياداتها بنائب ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، وإصرارها على وضع شروط تتناسب مع مؤامراتها وخطابات المحرضين لها من الخارج، لاستئناف مسار السلام، لتعطي دلائل إضافية على عدم رغبة الجماعة في استئناف المفاوضات على قاعدة القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي، خاصة القرار 2216، الذي يدعو صراحة إلى سحب الجماعة لميليشياتها من العاصمة صنعاء وتسليم السلاح الذي استولت عليه من معسكرات الجيش إلى الدولة وتمكين السلطات الشرعية من استعادة إدارتها للمؤسسات والدوائر والأجهزة الحكومية، التي وقعت في أيدي الجماعة عند سيطرتها على العاصمة صنعاء بقوة السلاح.