" بيت أبو محنقة " قرية من قرى منطقة الحداء بمحافظة ذمار لا وجود لها على الخريطة, يقال فيها " عليك وعلى فلان " إذا ضاقت بك السبل ولم يبق إلا شخص واحد هو القادر على المساعدة فيتم إرشادك إليه كآخر ملجأ بعد الله. وقبل شهر تقريبا جاء صحفي درجة حرارته مرتفعة كتنور خبازة , وهو " يتنطط" من بقعة إلى بقعة أمام أمين عام مؤتمر الحوار الوطني الدكتور أحمد عوض بن مبارك وفي يده ورقة يريد منه إيجاد حل سريع وعاجل لها, فسأله ماذا تريد فقال ( عندنا مشكلة كبيرة قوي في حارتنا وهي الصرف الصحي, إذا لم يلحقنا مؤتمر الحوار بحلها الآن فستحل علينا كارثة أشد من كارثة تشرنوبل وسيموت الناس بسببها ولم آت إليك إلا بعد أن قالوا لي " عليك وعلى بن مبارك ", وها أنا قد جئتك من حارتنا بقضية فحلها يابن مبارك ). بن مبارك حاول ما استطاع إقناع الصحفي المجتهد مع حارتهم بأن ذلك ليس من اختصاصه وقال له يا أخي هذا عمل الحكومة وهي التي تبت في هذه المواضيع وليس أنا, وربما أن بن مبارك لولا استعجاله للمرور بفرق العمل لشرح لابن جلدتنا ورفيقنا الصحفي النظام الداخلي لمؤتمر الحوار والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقرارات مجلس الأمن المتعلقة باليمن حتى يقتنع , لكن الصحفي لم يقتنع وطلب إفادة خطية فكتب له إفادة خطية, وربما أنه اعتراف بأن الحكومة اليمنية ماتزال على قيد الحياة, كما كتب له عنوانها ومحل إقامتها الدائم في حارة العجمي بصنعاء. بعد انصراف الصحفي قلت لابن مبارك " اقترح عليكم أن تفتحوا فرعا في مؤتمر الحوار للصرف الصحي والكهرباء وآخر لحل المشاكل الزوجية وقضايا الطلاق والرجعة ومشاكل العنوسة والأمومة والطفولة والحمل والولادة, وثالثا لقضايا القتل وحوادث المرور", فقال أحسن لك ياصاحب ذمار اتركني في حالي, فقلت له لست من ذمار بل أنا لاجئ من خولان في ذمار وهذا يعني أن لدينا قضيتان القضية الذمارية والقضية الخولانية وعليكم أن تناقشوهما وإلا فالوجه من الوجه أبيض وبيننا " الخط الأسود ". ولو كان الأمر بيدي لعملت لكل حارة ممثلا في مؤتمر الحوار وخمسة لكل قرية وألف لكل مديرية وعشرة آلاف لكل محافظة ونجتمع كلنا وكل واحد يحكي للآخر مأساته ويروي قصصه ومغامراته ونضع ستارة سوداء أو نقف خلف شباك في قاعة الحوار كما هو حاصل في الكنائس عند المسيحيين ليعترف كل واحد بجرائمه التي ارتكبها والفيد الذي تفيده وماذا قال لجاره قبل أن يقتله أو ينهب أرضه أو بيته أو يختطف ابنه أو يتقطع للمسافرين ويخفف عنهم حمل السفر, وسنكتشف أننا نحن اليمنيين نصفنا مظلوم والنصف الآخر ظالم. أما لو كنت الشيخ بن مبارك أو سمح لي باستخدام اسمه شهرين فقط, لتركت مؤتمر " الحواريين" هذا واشتغلت عرافا أو طبيبا شعبيا, واشتريت سيخا وموقدا لكي المرضى ووضعت يافطة كبيرة تقول من يعاني من فقر دم في الوطنية فالكيلو عندنا بعشرين ريالا, وللجبناء حبوب الشجاعة, ومن تعاني من انعدام الخلفة أو من يشكو من الايدز وحمى الضنك والفقر وغلاء الإيجار وانخفاض الراتب وضعف الانترنت وانعدام الماء والكهرباء وخفة وزن الرغيف فعلاجهم عندي. ومن لم يمرض بعد, فحبوب وقايته وصيانته لمدة عام كامل عندي مع الضمان, ومن أراد صبغة شعر قوية تبقيه وزيرا مدى الحياة فلدي الصبغة المناسبة ومن يشكو من ظلم أو من قهر شيخ أو مسؤل أو نهبت أرضه وسرقت جبال منطقته وتم السطو على سماء مدينته وشفط ماء جربته أو قام حزب بتحزيب مسجده وتسييس سجادة صلاته أومن يطالب بحقوقه كرجل من أخته المرأة, أو لم يجد عملا في مملكة غوانتانامو أو إمارة باغرام الخيرية أو سجون الترفيه الوطنية أو يعاني عقما وعز عليه الولد, وفرنا له العمل ومنحناه فيزة الحلم والأمل وأزلنا عنه الكبت والشلل, وجنبناه النقاش الساخن والجدل, وأجرنا له الولد المناسب من جماعة " أيتام الله " للتبني بشرط أن يرده لنا عند بلوغه سن الرشد لأننا سنسترشد به في مكافحة الفساد وتسميد القات, ومن يدري فقد يصبح واحدا من رجال أعمال منطقة ذباب والمخاء لاستيراد ألعاب الأطفال وبنادق الصيد الكاتمة للموت.. والخلاصة من يريد الحياة التي لا يجدها لدى " حكومة العجمي " فسيجدها عندنا بإذن الله وتوفيقه.