أفاد وزير الداخلية الفنزويلي باعتقال ستة أشخاص لضلوعهم في "محاولة اغتيال" الرئيس نيكولاس مادورو. وقال الوزير، نيستور ريفرول، إن المعتقلين كانوا جزءا من جماعة حمّلت طائرتين من دون طيار بالمتفجرات وأطلقتهما أثناء احتفال عسكري في العاصمة كاراكاس. وقد توعد مادورو الضالعين في العملية بأنهم سيواجهون "عقابا شديدا لا رحمة فيه". واتهم مادورو كولومبيا بالضلوع في هذه المحاولة، لكنه لم يقدم أي أدلة إدانة لها، بينما نفت كولومبيا هذه الاتهامات قائلة إنها "لا أساس لها". ووجهت الحكومة الفنزويلية أصابع الاتهام إلى المعارضة أيضا، وهو ما يثير مخاوف كثيرين من حملة قمع حكومية جديدة ضد المعارضة. وقد غادر العديد من قادة المعارضة البلاد مشتكين من "المضايقة الحكومية"، وذكرت تقارير أن ثمة أكثر من 200 سجين سياسي في السجون الفنزويلية. وفي غضون ذلك أعلن وزير الدفاع، فلاديمير بادرينو لوبيز، في التلفزيون الوطني الرسمي عن تأييده وولائه غير المشروط للرئيس مادورو. وقال "نحن مصممون، مصممون على الدفاع عن وطننا ودستورنا وديمقراطيتنا ومؤسساتنا". ويقول مراسلون إن مادورو يعتمد بشدة على القوات المسلحة في بقائه في سدة الحكم وسط أزمة اقتصادية وأوضاع سياسية مضطربة. ماذا نعرف عن الهجوم المزعوم؟ وقعت الحادثة عندما كان مادورو يلقي خطابا أثناء احتفال عسكري بمناسبة الذكرى الواحدة والثمانين لتأسيس الجيش الفنزويلي "الحرس الوطني". وسُمع دوي انفجار في الوقت الذي ظهر فيه الرئيس في شريط فيديو سجل خطابه وهو ينظر إلى الأعلى فجأة وهرول عشرات الجنود تاركين أماكنهم في الاحتفال. وقال وزير الإعلام، خورخي رودريغيز، إن ما حدث كان بسبب انفجار طائرتين بدون طيار تحملان متفجرات بالقرب من المنصة الرئيسية. وقالت السلطات الفنزويلية أن سبعة جنود جرحوا في الحادث. وفي وقت لاحق، قال مادورو في خطاب للأمة إن الحادث قد قوى من عزيمته وإصراره. وأضاف :"أنا بخير، وعلى قيد الحياة، وبعد ما حدث اليوم أصبحت أكثر إصرارا مما مضى على مواصلة طريق الثورة". وتابع "العدالة! العقاب الشديد! ولن تكون هناك رحمة". وقال وزير الداخلية إن ستة "إرهابيين وقتلة مأجورين" قد اعتقلوا كما دهمت قوات الأمن بعض الفنادق، وصادرت عددا من السيارات. من يمكن أن يكون وراء ذلك؟ اتهم مادورو كولومبيا وعناصر في الولاياتالمتحدة بتحريك "مؤامرة يمينية" لقتله. ونفت الحكومة الكولومبية أي دور لها فيما يجري في فنزويلا، وقالت "مزاعم مادورو لا أساس لها". ونفى مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون أي ضلوع للولايات المتحدة في الحادث، مضيفا إنه "قد يكون ذريعة دبرها النظام بنفسه". في الوقت نفسه، اتهم وزير الإعلام الفنزويلي المعارضة اليمينية بتنفيذ الهجوم. وقال "بعدما خسروا الانتخابات، ها هم قد أخفقوا مرة أخرى". وكان بذلك يشير إلى الانتخابات الرئاسية التي جرت في مايو/ أيار، وفاز فيها مادورو بفترة ثانية من ست سنوات. لكن قياديا شابا بالمعارضة، يُدعى هاسلر إنغلاسياس، قال لبي بي سي: "لم ندر ما الذي كان يحدث. من الصعب تصديق أن المعارضة تقوم بالمحاولة بينما لم تقم بمحاولة بهذا الأسلوب منذ 20 عاما". وفي غضون ذلك، أعلنت جماعة صغيرة غير معروفة تسمى" جنود بقمصان قصيرة الاكمام (تي شيرت)" في مواقع التواصل الاجتماعي أنها وراء الهجوم المزعوم. ولم تدعم الجماعة المذكورة زعمها بأي دليل، ولم ترد على أي طلب من وسائل الإعلام للتعليق على الحادث أو توضيح مبرراته. وأفادت تقارير صحفية أن فرق الإطفاء التي كانت في موقع الحادث قدمت رواية مختلفة عن الرواية الرسمية، الأمر الذي زاد في تعقيد ملابسات الحادث. ونقلت عن ثلاثة من رجال الإطفاء فضلوا عدم ذكر اسمائهم قولهم إن ماوقع بالفعل كان انفجار خزان غاز داخل شقة، ولم يعطوا أي تفاصيل أخرى. من هو الرئيس نيكولاس مادورو؟ تسبب زعيم فنزويلا، نيكولاس مادورو، الذي انتخب في مايو/ أيار الماضي رئيسا لفترة ولاية ثانية مدتها ست سنوات، في انقسام البلاد تقريبا بالقدر نفسه الذي تسببه فيه سلفه الراحل، هوغو تشافيز. وخلال النصف الأول من ولايته في رئاسة فنزويلا، تمكنت المعارضة من استعادة سيطرتها على البرلمان، ووحدت جهودها للإطاحة به من منصبه. وعلى الرغم من أنه يفتقر إلى الجاذبية التي أضفاها أنصار تشافيز على الرئيس الراحل، يتمتع مادورو بمكانة بارزة في بلده. ومنذ توليه السلطة في 2013، كانت إدارته عرضة لكثير من الإدانات الدولية الواسعة النطاق بسبب مزاعم بتقويض الديمقراطية وانتهاك حقوق الإنسان في فنزويلا. ويصفه معارضوه بأنه مستبد قاس، يعتقل خصومه السياسيين بتهم قاسية بإفراط يصدرها القضاء الخاضع لسيطرة حزبه، ويقول أنصاره إنه يحمي البلاد من انقلاب آخر. وجاءت إعادة انتخابه وسط أزمة اقتصادية كبيرة، أثرت على مئات الالآف من الفنزويليين في تلك البلاد الغنية بالنفط. وعلى الرغم من ذلك، ما زالت ثمة نواة بين الشعب الفنزويلي من المؤيدين لمادورو وحزبه، الحزب الاشتراكي الموحد، ترى أن مشكلات البلاد ليست ناجمة عن سياسة الحكومة الفنزويلية، بل تحركها قوى خارجية مثل الولاياتالمتحدة.