لو طُلب مني أن ألخِّص المشكلة الجنوبية وقضية صعدة في كلمة لأجبت الكذب ، ولو سُئلت عن الحل لأجبت الصدق. الكذب أن حسين الحوثي ادَّعى النبوّة، وبأنه ادعى الألوهية، وبأنه يريد إرجاع النظام الإمامي، وبأن بسالة المقاتلين في صعدة راجعة إلى السحر، وأن العلامة بدر الدين الحوثي اثنا عشري، وبأن المتعة حلال في صعدة.. والكذبة الكبرى أن علي محسن يدافع عن الثورة في صعدة، ويتصدى للمدِّ الفارسي.. ذلك وأمثاله من الكذب الذي لا يزال كثير منه مستمراً وسَّع المعركة من منطقة صغيرة في مران إلى أربع محافظات وشارك في مواجهاتها دولتان.. والمؤسف أنه لا زال بعض ذلك الكذب مصدراً للارتزاق الرخيص على حساب الوطن حتى الآن. أما المشكلة الجنوبية فكان أول الكذب تسمية التقاسم ديمقراطية، والوحدة اندماجية، مع احتفاظ كلّ طرفي الوحدة بجيش الشطر الذي كان يحكمه، وبقاء الزمرة خارج معادلة الحكم، قاد الكذب هايلوكسات الموت، ثم فجَّر حرب 94 وانتصرت الجماهير للوحدة على الانفصال، واستمر الكذب بأن جناح الضالع والحزب انفصالي، وبأن كل أبناء الجنوب في القوات المسلحة انفصاليون. تسمية مليشيات السلب والنهب، والأفغان العرب بالمجاهدين كذب، ووصف اعتداءات ملتحي الإصلاح على أنباء عدن أمراً بالمعروف ونهياً عن منكر كذب، والعفو العام الذي سمح في ظله بكل ما سبق كذب. القول بأن اشتراك قادة الزمرة في تقاسم المناصب والغنائم تمثيل عادل للجنوب كذب. تبعية الحراك للقادة التاريخيين في الخارج وادعاء أنه مسلح وعميل لإيران، وتبني المشترك للقضية الجنوبية في إعلامه بعد خسارة انتخابات 2006م والادعاء بأنه يمثل الحراك في مظاهرات 2011م واتفاق التسوية، كل ذلك كادعاء تمثيله في مؤتمر الحوار كذب لا يعدله زوراً إلا حرص محمد علي أحمد على الوحدة وضمان سفراء العشر بحماية الوحدة، ولا يوازيه سخفاً وعبثية إلا اعتذار باسندوة وأخبار الفضائية، وخطب سهيل والحراك الشمالي. كما أن من الكذب القول بإمكانية العودة بالأحوال إلى ما كانت عليه قبل 22 مايو، لقد كانت كل كذبة تزيد الطين بلة، والحلول تعقيداً، والشروخ عمقاً. اليوم نحن على وشك التشظي، وأقدامنا على شفير الهاوية، ولا زلنا نكذب بأن الحل في تشكيل لجان جديدة للتفاوض الثنائي أو بعودة محمد علي أحمد إلى مسوقين لنجاح الحوار بوضع شعاره على سروال ملاكم شعبي، ومعولين بالنجاة على تصريح لبنعمر، أو مباركة للزياني.
حل القضية الذي يزداد صعوبة كل يوم، ومشكلة صعدة التي تفاقمها المواجهات المسلحة والحشد الطائفي وفتاوى التكفير، يتمثل في وقف الكذب والعبث فوراً وتشكيل لجنتين من العقلاء ذوي الخبرة، بعيداً عن التمثيل الحزبي والمحاصصة السياسية، تلتقي كلٌّ منهما بالقيادات الجماهيرية الحقيقية على الأرض، وتناقشان معهم بشفافية وصدق المطالبة والحلول المتاحة وفقاً لمقدرات الدولة وإمكانياتها، ويصدر رئيس الجمهورية بما خلصت إليه اللجنتان قرارات تنفيذية على وجه السرعة وفق جدول زمني محدد. ثقوا أن الغالبية من أصحاب هاتين القضيتين وطنيون وعقلاء، وأنهم قريبون، فلا تذهبوا إلى الخارج للتفتيش عنهم، والبحث عمَّن يمثلهم، أوقفوا مؤتمرات الحوار، ومؤتمرات دعم مؤتمر الحوار، ومؤتمرات الحوار المكمِّلة والمرافقة، والمناوئة والموازية لمؤتمر الحوار.. أجِّلوا خطب الموفمبيك، وصفعات المتحاورين فيه، فالوقت لا يتسع ل"خرج بن علي، دخل بن عمر".