حذر الكاتب ديفيد غاردنر من تمهيد الانسحاب الأمريكي من سوريا، الطريق لعودة المتطرفين، فضلاً عن ترك فراغاً تتسابق روسياوإيرانوتركيا على ملئه، الأمر الذي يهدد المنطقة الأكثر اشتعالاً في العالم بالانفجار. في نهاية الحرب الأهلية التي دامت ثماني سنوات، ثمة تهديد بوقوع صراعين مريرين في سوريا، أولهما تهديد تركيا باستهداف الميليشيات الكردية في شمال شرق سوريا ب. أما ثانيهما فهو الصراع بين إسرائيل وإيران ويشير غاردنر، في مستهل مقاله ب "فايننشال تايمز"، إلى تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتدمير الاقتصاد التركي إذا هاجمت أنقرة المقاتلين الأكراد في شمال سوريا بمجرد انتهاء عملية انسحاب القوات الأمريكية التي أعلنها ترامب الشهر الماضي. وفي الوقت نفسه يؤدي وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو جولات في الشرق الأوسط لإبلاغ الحلفاء الأمريكيين بأن الولاياتالمتحدة ستعمل معهم لطرد جميع القوات الإيرانية من سوريا. ويزعم ترامب أن الخطر داعش دُحره بالكامل وكذلك دولته المزعومة في سورياوالعراق، معتبراً أن المهمة أنجزت. أخطاء فادحة وينتقد غاردنر نهج إدارة ترامب الذي يهدد منطقة الشرق الأوسط، الأكثر اشتعالاً في العالم، بالانفجار. ورغم الأخطاء الأمريكية الفادحة في الشرق الأوسط في هذا القرن وحده، خاصةً غزو جورج دبليو بوش للعراق في 2003، وإخفاق أوباما في فرض "الخطوط الحمراء" على استخدام الرئيس السوري بشار الأسد للأسلحة الكيماوية ضد شعبه، فإن ترامب يجعل الوضع المروع بالفعل، أكثر خطورة. ثلاث إشكاليات ويلفت كاتب المقال إلى المحور الشيعي الذي تسيطر عليه إيران في المنطقة ويمتد من جبال زاغروس إلى البحر المتوسط عبر العراق، وسوريا، إلى لبنان أين يتوفر لحزب الله نموذج شبه عسكري وسياسي لنشر النفوذ الإيراني. وفي هذا السياق حسب الكاتب، فإن قرار ترامب بالانسحاب من سوريا، إذا حدث فعلاً، سيقود إلى تفاقم ثلاث إشكاليات قائمة، أولها يتعلق بقدرة الولاياتالمتحدة على استخدام قوتها العسكرية لتشكيل الأحداث في المنطقة. وقد اقتربت الولاياتالمتحدة من خسارة مصداقيتها في هذا الأمر بسبب غزو العراق وإتاحة الفرصة لتقوية الجماعات المتشددة في سوريا، بدل الدعم المباشر للمعارضة السورية، ولذلك فإن انسحاب الولاياتالمتحدة سيترك فراغاً. وتتسابق روسيا، وإيران، وتركيا، التي تشعر بالحنين إلى الإمبراطورية المفقودة، على ملء الفراغ الذي يتركه الانسحاب الأمريكي بسبب مصالحها الحيوية، ورغم هشاشة هذا التحالف الثلاثي فإن هذه القوى الثلاث تضع بالفعل شروطاً على السلطة في سوريا، ومن العبث أن نتخيل أن الولاياتالمتحدة أو حتى روسياوتركيا، إذا كان ذلك في مصلحتهما، يمكنها تطهير سوريا من الوجود الإيراني. تهديدات تركيا وإسرائيل وتتمثل الإشكالية الثانية، حسب المقال، في أنه بنهاية الحرب الأهلية التي دامت ثماني سنوات، ثمة تهديد بصراعين مريرين في سوريا، أولهما تهديد تركيا باستهداف الميليشيات الكردية في شمال شرق سوريا بعد انسحاب الولاياتالمتحدة. ومع تخلي الأخيرة عن حلفائها الأكراد في محاربة داعش، سيبحث الأكراد على الأرجح عن ملاذ لدى نظام الأسد. أما ثانيهما فهو الصراع بين إسرائيل وإيران، إذ تواصل إسرائيل حربها الجوية ضد أهداف إيران وحزب الله في سوريا، وهددت منذ فترة بنشر الصراع في لبنان. وقد يؤدي الانسحاب الأمريكي من سوريا إلى إزالة القيود لتنفيذ تهديد إسرائيل. عودة الجماعات المتطرفة ويختتم الكاتب بأن الانسحاب الأمريكي يقود إلى الإشكالية الثالثة، وهي التهديد بعودة التنظيمات المتطرفة، خاصةً أن داعش ورغم خسارته لكل أراضيه تقريباً، فهو لا يزال يشكل تهديداً قوياً. والواقع أن تدمير معاقل داعش السابقة والممارسات الانتقامية للسلطات والميليشيات الشيعية في المدن السنية مثل الموصل، وكذلك جهود نظام الأسد، الذي ينتمي إلى الأقلية العلوية، لمنع عودة الملايين من اللاجئين العرب السنة إلى ديارهم، كلها أمور تؤدي إلى تفاقم اليأس، والتطرف الذي تنمو بفضله الجماعات الإرهابية.
