دعا المخرج اليمني حميد عقبي جميعَ مؤسسات المجتمع المدني وحقوق الإنسان في اليمن والعالم العربي والمؤسسات الدولية سرعةَ التدخل لحمايته وأسرته من فتوى إهدار دمه في أعقاب اتهامه بالترويج لزواج المثليين من خلال مقالٍ نقدي عن فيلم "حين ميسرة" للمخرج خالد يوسف. وقال عقبي - لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) عبر الهاتف من مقر إقامته في باريس- إن تصريحاته "الرافضة لتكفيره" أثارت ضده المزيد من الجماعات الدينية المتشددة في اليمن، ما أدى إلى اتساع الحملة ضده، والتي باتت تهدد عائلته أيضا في مدينة بيت الفقيه بمحافظة الحديدة. ووجه حميد عقبي مناشدةً إلى جميع مؤسسات المجتمع المدني وحقوق الإنسان في اليمن والعالم العربي والمؤسسات الدولية لسرعة التدخل وحمايته وحماية أسرته من بطش المتشددين الذين يسعون إلى قتله بسبب رأيٍ أطلقه. وأوضح "لا يمكن مناقشة أي موضوع فكري أو مجتمعي بهذه الطرق البدائية والوحشية، ولا أقبل استغلال عبارة واحدة في مقالي يعتبرونها دليل إدانة أستحق عليها الموت أنا وعائلتي، هذا أمر غير منطقي ولا شرعي ولا إنساني". وأضاف عقبي أن عائلته وأقرباءه يعيشون حاليا ظروفا صعبة، و"تواجههم يوميا تهديدات كثيرة بسبب منشورات"، قال إنها توزع على نطاق واسع بمدينته والمحافظة التي ينتمي إليها وعدد من المدن اليمنية الكبرى، مضيفا أن تلك المنشورات تضم فتاوى تجيز لأي شخص قتل "السينمائي حميد عقبي" حسب ما ورد في أحدها والذي أرسلته إليه أسرته. كان عقبي تطرق في مقالٍ نشر له بصحيفة "الثقافية" الحكومية اليمنية التي تم إغلاقها بسبب المقال إلى تناول المخرج المصري خالد يوسف لموضوع المثلية الجنسية، وضرورة فهمها والتعامل معها بطرق حضارية، وهو الرأي الذي تم فهمه على أنه إباحة للزواج المثلي. وتناول البرلماني عن حزب الإصلاح الديني، محمد بن ناصر الحزمي، الموضوع في خطبةٍ له ومقالة كفّر فيها المخرج السينمائي، وطالب بمحاكمته، كما تمت مناقشة الأمر في البرلمان اليمني. وقال عقبي ل(د.ب. أ) إنه لم يطالب بما ذهب إليه المتشددون على الإطلاق "ولكن يبدو أن الحملة أخذت شكلا آخر، حيث تحولت أخيرا إلى منشورات توزع وتبرع البعض لتداولها بشكل دعائي، بحيث أصبحت مادة رئيسة للحديث في المساجد ليتم بعد كل صلاة الدعاء على المخرج حميد عقبي، باعتباره مرتدا حلالا دمه ولا يعاقب قاتله، بل ينال الثواب والأجر الكبير في مخالفة قانونية وإنسانية واضحة". وأضاف عقبي: "اكتشفت فجأة أنني المسئول عن كل أزمات بلادي، وأن قتلي أو استحلال دمي سيخلص كل يمني من كل مشكلاته، وأن اليمن ليس فيها أي معوق للتقدم إلا وجودي رغم أني لا أقيم في اليمن أصلا، لكن معظم من يهاجمونني لا يفهمون ذلك". وتابع: "يظهر أن الجماعات الدينية بكل أطيافها توحدت ضدي وهي متحمسة لهذا الموضوع، لكن اللجوء لتوزيع المنشورات وإطلاق خطب المساجد عقب كل صلاة في كثير من المساجد أمر غير قانوني، وعلى سلطات الأمن أن تتخذ إجراء عاجلا لمنع هؤلاء". مناشدة لوزير الداخلية وناشد عقبي وزير الداخلية اليمني اللواء الركن مطهر رشاد المصري سرعةَ التدخل وحماية عائلته من أي أذى قد يصيبهم بفعل هذه الفتاوى المستمرة ، مشيرا إلى أنه ليس من حق أي إنسان أن يحل دم إنسان مثله بغض النظر عن التهمة الموجهة إليه. وتابع: "هذا أمر لا يحله القانون ولا الشرع ولا الدستور، وهم يطالبون بمحاكمتي فليحاكموني أولا قبل أن يصدروا أحكامهم، وأنا مستعد للوقوف أمام محكمة عادلة كي أدافع عن نفسي، وأشرح وجهة نظري، وما قصدته من المقال الذي تناول الفيلم المصري حين ميسرة بالتحليل"، على حد قوله. وأضاف أنه لم يقصد من المقال أو يدعو كما يقولون لإباحة اللواط والسحاق ولا الزواج المثلي، "أنا لست رجل دين ولا مفتيا، كما أنني لست مثليا ولم أقصد الترويج للمثلية الجنسية، بل كان قصدي ضرورة الدعوة لتطوير القانون المدني لمزيد من الحرية الاجتماعية وليس الإباحية، وطرح موضوع المثلية الجنسية للنقاش وفهم هذه الظاهرة، "وهذا ليس كفرا" . وأوضح عقبي أنه تأكد بعد تلك الواقعة أن الجماعات الدينية المتشددة في اليمن سيطرت على الشارع اليمني، "وأصبحنا لا نسمع رأيا معتدلا أو وسطيا". وشدد على أن هذه الحملة هدفها مكسب سياسي بالأساس؛ "كون حزب الإصلاح الديني ينوي أن يثبت قوته في الشارع اليمني، وأنصحهم أن يتجهوا لمحاربة الفساد وسرقة المال العام والغش وجشع التجار وغيرها من المشاكل التي تخنق المواطن اليمني، بينما من المعروف أن بعض كوادر الحزب متورطة مع الجماعات الدينية الأخرى التي تسعى لإحداث بلبلة وتخويف الشارع للسيطرة عليه". وأضاف عقبي أن هناك أصواتا من حزب الإصلاح نفسه يعرفونني وتربطني بهم علاقات ودية، وهؤلاء الآن يحاولون التخفيف من الحملة البشعة ضدي، لأنني كنت في سابق الأيام أحد كوادر الحزب ومن مؤسسيه في مدينتي "بيت الفقيه". وتابع: "أتمنى من قيادات الحزب فهم الموضوع، والتوجيه لكوادرهم في كافة أنحاء اليمن بضرورة التحلي بالحكمة.. فدم أي إنسان حتى لو كان سفاحا ليس حلالا مباحا، ولا يسفك أي دم إلا بحكم شرعي وبعد محاكمة عادلة".