أصابت الدهشة أوساطا عراقية رسمية وشعبية جراء مطالبات بالتعويض عن الممتلكات أطلقها يهود إسرائيليون ينحدرون من أصول عراقية. الدهشة زادت بعدما نجحت إحدى اليهوديات في استعادة ما قيل إنه منزلها المصادر وسط بغداد على خلفية نزاع قانوني. كما جاء ذلك الأمر متزامنا مع عزم جهات حكومية ترميم مبان دينية يهودية مختلفة. وفي حديثه للجزيرة نت قال ثامر حسان المدير في دائرة عقارات الدولة وهي الجهة المسؤولة عن الأملاك المصادرة ومن بينها أملاك اليهود, "كان الاعتقاد سائدا بأن السيدة التي كسبت دعوى استرداد منزلها تعتنق الديانة المسيحية، إلا أنها ادعت بعد ذلك أنها يهودية وأن منزلها الذي يقع في منطقة البتاوين (وسط بغداد) كان صودر في وقت سابق". ولم يكشف المسؤول اسم السيدة اليهودية التي ذكر أن عمرها يربو على الثمانين عاما. أما القاضي في هيئة حل نزاعات الملكية جبار عناد وناس فيقول للجزيرة نت إن "مصادرة أملاك اليهود تعود إلى سنوات سابقة لا تدخل ضمن المدة المحددة في قانون الهيئة التي تنظر فقط في حل النزاعات المثارة حول أملاك صودرت في الأعوام من 1968 ولغاية 2003". كما يرى أنه من الناحية القانونية ليس لليهود الذين تركوا العراق طواعية أي حقوق, غير أن من صودرت أموالهم عنوة بإمكانهم مراجعة الهيئة شأنهم شأن أي عراقي يقيم في العراق وليس في الخارج. ويقول أستاذ التاريخ بجامعة بغداد الدكتور محمود العاني للجزيرة نت إن "المطالبات التي يرددها الصهاينة عن حقوق مزعومة لا تستند إلى حقائق، فاليهود مواطنون عراقيون، حتى أن أول وزير مالية بين عامي 1921 و1958 كان يهوديا". وقبل ذلك فإن يهود العراق أسسوا أول مدرسة دينية في بغداد عام 1812 أعقبها إنشاء أول كلية دينية عام 1840 ثم مدرسة ابتدائية عام 1864 للصبيان وأخرى للفتيات عام 1893. وفي هذا السياق يقول العاني "هم عراقيون وقد اختاروا ترك بلادهم سعيا وراء تحقيق الحلم الصهيوني، ولذلك لا حقوق لهم في العراق شرعا وقانونا بعدما أسقطت عنهم الجنسية العراقية جراء تركهم البلاد طوعا". وفي مواجهة تلك الآراء, طالبت منظمة تمثل يهود العراق داخل إسرائيل تدعى "ناحوم" في بيان أصدره رئيسها موسى سليم دانيال بإعادة الأملاك والعقارات والحسابات "التي كانت مودعة في البنوك والأموال والمجوهرات لأجدادهم اليهود الذين ولدوا على أرض العراق منذ آلاف السنين". ويرى المحامي نعمان أبو الهيل أن تلك المطالبات "هراء وكلام بدون سند قانوني", قائلا إن يهود العراق هاجروا عن طواعية بعد قرار التقسيم وإعلان دولة إسرائيل عام 1948, وذكر أن معظم أملاك اليهود إما مباعة للغير من قبل أصحابها بالذات قبل هجرتهم إلى إسرائيل أو أنها موضوعة تحت إشراف دوائر الأوقاف والشؤون الدينية. وزارة الثقافة أما وزارة الثقافة العراقية فتخطط لإعادة ترميم أماكن دينية لليهود الذين يرجع وجودهم في العراق إلى الكلدانيين البابليين (612-359 ق.م) عندما دمر الملك نبوخذ نصر الثاني مملكة يهودا عام 587 ق.م والذين كانت أعدادهم تزيد عن 130 ألفا مطلع القرن الماضي، تبقى منهم 34 شخصا فقط عند احتلال العراق عام 2003 تم ترحيلهم مباشرة على طائرات أقلتهم إلى داخل إسرائيل في عملية لم تأخذ حيزها الإعلامي أثناء الاحتلال. ومن بين الأماكن اليهودية التي تجري الاستعدادات لترميمها كنيس يهودي في مدينة الفلوجة (60 كلم غرب بغداد) كان قد تُرك أمانة عند رجل مسلم من سكان المدينة يدعى الحاج رجب. ويقول المتحدث باسم وزارة الثقافة عبد الزهرة الطالقاني للجزيرة نت "نضع في الوقت الراهن الخطط لإعادة ترميم عدد من أماكن العبادة اليهودية، من بينها الكنيس في الفلوجة ومرقد النبي ذي الكفل وأماكن أخرى، وذلك ضمن حملة لترميم المعابد سواء كانت يهودية أو مسيحية أو غيرهما من الديانات السماوية".