كشفت دوائر سياسية في العاصمة اليمنية صنعاء عن خلافات عميقة بين الرئيس علي عبد الله صالح ونائبه الفريق عبد ربه منصور هادي، الذي نقلت إليه الصلاحيات الرئاسية وفق ما نصت عليه المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية. وعلمت الجزيرة نت من مصادر محلية بعدن أن أسرة الفريق عبد ربه منصور هادي غادرت العاصمة اليمنية صنعاء أمس إلى منزلها في مدينة عدن، فيما اعتبر أنه يأتي في سياق اتساع الأزمة بين صالح ونائبه. وقال مصدر مطلع -للجزيرة نت- إن رقعة الخلافات بين صالح وهادي اتسعت مؤخرا بشكل استدعى تدخلا مباشرا من قبل الوسطاء الدوليين، لثني هادي عن قرار سبق أن اتخذه بمغادرة صنعاء احتجاجا على ما وصفه باستمرار تدخلات الرئيس صالح ورموز نظامه في صلاحياته. وكشف المصدر -الذي فضل عدم الكشف عن هويته- عن تلقي نائب الرئيس اتصالا هاتفيا من مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية يعتقد أنه مساعد الرئيس الأميركي، وسفراء خليجيين وأوروبيين عقب تهديده بترك منصبه، نجحت في تهدئة الأوضاع وثنيه عن قرار المغادرة إلى عدن. وأشار المصدر إلى أن الخلاف بين صالح وهادي بدأ مع تشكيل حكومة الوفاق الوطني، وزاد حدة مؤخرا مع اندلاع الاحتجاجات التي تكتسح مؤسسات الدولة للمطالبة بإقالة رموز النظام الموالين للرئيس صالح. وألمح المصدر إلى أن اتهامات بالتآمر مع أحزاب اللقاء المشترك وقائد اللواء المنشق عن الجيش اليمني اللواء علي محسن الأحمر، وجهت لهادي من قبل قيادات وصفت بالمتشددة في حزب المؤتمر الذي يتزعمه صالح، أثارت حفيظة الرجل ودفعت به إلى إعلان مقاطعته الاجتماعات التي يعقدها صالح ورموز نظامه. وكانت وسائل إعلام تناقلت أمس السبت أنباء حصول مشادات بين قيادات معتدلة في حزب المؤتمر الشعبي العام وأخرى متشددة معروفة بموالاتها للرئيس صالح، أثناء اجتماع للحزب قبل أيام تناول قضية الاحتجاجات التي تكتسح مؤسسات الدولة للمطالبة بإقالة رموز النظام. مخاوف ويخشى ناشطون وسياسيون في اليمن من أن يمثل اتساع هذا الخلاف الذي ما زال قائما بين صالح ونائبه حجر عثرة أمام نجاح المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية. واتهم القيادي البارز في تكتل أحزاب اللقاء المشترك المعارض في اليمن محمد قحطان، الرئيس علي عبد الله صالح وحلفاءه بمحاولة إفشال المبادرة الخليجية. وأشار -في تصريح للجزيرة نت- إلى أن صالح وأفراد عائلته يشجعون الخطاب المتشدد تجاه المبادرة الخليجية سعيا منهم لإفشالها، على حد وصفه. من جهته قلل الباحث في العلوم السياسية بجامعة صنعاء عبد الله الفقيه -في حديث للجزيرة نت- من تداعيات الأزمة بين صالح ونائبه على إنفاذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية. وألمح الفقيه إلى أن المبادرة الخليجية ماضية نحو التنفيذ، وأن هناك الكثير من المؤشرات التي تؤكد تنفيذها أهمها ما تحظى به من تأييد وإجماع دولي وإقليمي. واعتبر الفقيه أن الخلاف بين صالح ونائبه لا يعدو عن كونه رسالة للخارج ومحاولة من صالح للضغط على مجلس النواب لتمرير الحصانة له ولمعاونيه. وأضاف، لا يزال صالح وأفراد عائلته يمسكون بزمام القوة من خلال سيطرة عشيرته على قيادة الأمن المركزي والحرس الجمهوري وبإمكانهم إشعال الحرب في البلد، لكن هذا سيكون بمثابة الجنون ولا اعتقد بأن صالح يجهل معنى الإجماع الدولي. نفي وفي مقابل ذلك نفى أحمد الصوفي السكرتير الصحفي للرئيس اليمني الشرفي علي عبد الله صالح وجود أي خلافات، معتبرا الحديث عن ذلك محض شائعات لا أساس لها من الصحة. وقال الصوفي -في تصريح للجزيرة نت- "هناك تنسيق وانسجام وتشاور دائم بين الرئيس علي عبد الله صالح ونائبه عبد ربه هادي، وأعتقد أنهما شكلا فريق عمل ناجحا خلال المرحلة الماضية ولا صحة لما أشيع عن وجود حالة استياء من أي طرف". وحذر الصوفي في سياق حديثه مما وصفها بخروق واحتقانات سياسية تهدد بتقويض المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، متهماً أطرافا لم يسمها بعرقلة تنفيذ البند الثاني للمبادرة الذي ينص على مناقشة قانون الحصانة ومغادرة أطراف الأزمة البلاد بعد تشكيل الحكومة. تحذير وكان مركز أبعاد للدراسات والبحوث حذر أمس السبت -في بلاغ صحفي تلقت الجزيرة نت نسخة منه- من محاولات لإعادة الأوضاع في اليمن إلى مربع ما قبل توقيع المبادرة الخليجية. وقال المركز في تقريره الدوري إن تحركات الرئيس علي عبد الله صالح وأطراف متعددة بعضها ضمن المبادرة والبعض الآخر خارج المبادرة، تهدف لإسقاط حكومة الوفاق الوطني التي يترأسها محمد سالم باسندوة أهم معارضي نظام صالح خلال الفترة الماضية. واعتبر التقرير أن المعطيات على الواقع تدل على أن نظام صالح ما زال يتحكم في الأوضاع الأمنية والاقتصادية وإن ضعفت قبضته السياسية والعسكرية، وأن هذا التحكم إذا لم ينته بعد انتخابات الرئيس الجديد في 21 فبراير/شباط القادم فستفشل حتما مهام حكومة باسندوة. اخبارية نت / الجزيرة نت