فرقت قوات الأمن والدرك الأردنية بالقوة ظهر اليوم الجمعة مسيرة لتنسيقية حراك الشمال في مدينة إربد (81 كلم شمال عمّان)، فيما جاءت رواية الأمن العام الأردني مغايرة، حيث بررت فض المسيرة بوقوع اشتباك بين مسيرتين واحدة تطالب بالإصلاح وأخرى "مناوئة لها" وفق ما جاء في بيان رسمي. وأصيب العشرات من المتظاهرين -من بينهم عدد من قيادات الحركة الإسلامية ومنهم د.أحمد الكوفحي ود.علي العتوم وسالم الفلاحات ود.محمد البزور- بإصابات طفيفة نقل بعضهم على أثرها إلى المستشفى. ومنعت قوات الأمن بالقوة وصول المتظاهرين إلى ميدان الشهيد وصفي التل وسط إربد، وبينما كانت قيادات المسيرة تتفاوض مع مدير شرطة إربد، بدأ التدافع بين القوات الأمنية والمشاركين بالمسيرة ليبدأ بعدها الأمن بإطلاق الغاز المدمع على المتظاهرين قبل تفريقهم بالقوة واعتقال عدد منهم. واللافت أن المسيرة التي حملت اسم "رفض 21″ جاءت وفق منظميها ردا على قمع قوات الأمن لمسيرة أخرى قبل أسبوعين. احتفال بالنصر وبينما منعت قوات الأمن المتظاهرين -وهم من حراكات الشمال والحركة الاسلامية وقوى شبابية- من الوصول لميدان وصفي التل، احتفل العشرات ممن يوصفون ب"البلطجية" بفض مسيرة المعارضين وسط هتافات مؤيدة لملك الأردن عبد الله الثاني، كما أطلقوا الألعاب النارية ابتهاجا بالمشهد. وحمّل الأمين العام للمجلس الأعلى للإصلاح في الحركة الإسلامية سالم الفلاحات الذي شارك في المسيرة رئيس الوزراء عبد الله النسور مسؤولية ما وصفه "بالاعتداء على كرامة الأردنيين في إربد اليوم". موالون للملك يحتفلون بعد فض الأمن لمسيرة المعارضين وأضاف الفلاحات للجزيرة نت أن رئيس الوزراء يقول إنه يقود الأجهزة الأمنية والمخابرات وهي لا تقوده، ونحن كنا نتفاوض مع مدير شرطة إربد وإذا بقرار يصدر من جهة أخرى بقمع المسيرة. وعن الرسالة من المسيرة قال الفلاحات إنها رد على رفض النظام للإصلاح، مضيفا أن الفساد يستشري في النظام نفسه. وتساءل الفلاحات عما قدمه النظام من إصلاحات غير ما أسماها التعمية على الفساد والمفسدين والمستبدين والمزيد من "الارتماء في الأحضان هنا وهناك". أما الناشط في حراك الشمال سهل المسالمة فقال للجزيرة نت إننا مستمرون بالمطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد واسترداد موارد البلد المنهوبة، مشيرا إلى أن مسيرة اليوم رد على الاعتداء على المسيرة التي كانت قبل أسبوعين وتم فيها اعتقال عدد من الأحرار، وأكد أن مدينة إربد لم تنكسر للفاسدين وستبقى مستمرة في حراكها السلمي المطالب بإصلاح النظام ومحاربة الفاسدين. وشكلت المسيرة أول مواجهة بين الأمن ومتظاهرين بعد نقل اللواء توفيق الطوالبة من منصبه السابق مديرا لقوات الدرك إلى منصبه الجديد مديرا للأمن العام خلفا للفريق حسين المجالي الذي عين وزيرا للداخلية في حكومة النسور الوليدة. وفي بيان له تحدث الأمن العام الأردني عن فض اشتباك بين مسيرتين واحدة للمعارضة تطالب بالإصلاح وأخرى "مناوئة لها"، وتحدث عن 11 إصابة منها ست إصابات بين رجال الأمن. لكن المشهد خلا من أي اشتباك بين المعارضين والمناوئين لهم، حيث كان المشهد مقتصرا على قيام الأمن والدرك بفض المسيرة المطالبة بالإصلاح. انتقادات للملك سياسيا وجهت المسيرة انتقادات حادة للملك وذكّرته بمصير الرؤساء المخلوعين في مصر وتونس وليبيا واليمن، وعندما وصل الهتاف لسوريا حيا المتظاهرون بقوة الثورة السورية وهتفوا: "بشار انخلع وتده.. جهز حالك ياللي بعدو". كما كان لافتا أن المسيرة خيرت الملك بين "الإصلاح أو الرحيل"، حيث هتف المشاركون غير مرة "لوح بايدك لوح لوح.. يا بتصلح يا بتروّح"، كما رددوا هتافات أخرى اتهمت النظام "بحماية الفساد". ورغم الهدوء الذي ساد المشهد الأردني ميدانيا منذ مطلع العام الجاري، فإن مسيرة إربد اليوم شكلت منعطفا توقف أمامه المراقبون والمحللون، وذلك عبر طرح تساؤل عن وجود سياسة جديدة للدولة في التعامل مع الحراك المطالب بالإصلاح والرافض للخطة التي أعلنها عبد الله الثاني، والتي انتهت بانتخابات برلمانية وإعادة تكليف النسور بتشكيل حكومة ستبدأ إجراءات نيل ثقة البرلمان الأسبوع المقبل. لكن سياسيين آخرين يرون عدم حدوث تغيير في سياسة الدولة بالتعامل مع الحراك وقواه الرئيسية ولا سيما الحركة الإسلامية، بينما تثور تساؤلات عن رد الإسلاميين والحراكيين الذين بدؤوا مبكرا الإعداد لمسيرات كبرى قادمة. اخبارية نت – الجزيرة نت