دخلت قضية أمن الشحن الجوي في العالم منعطفا جديدا بعد أن أعلن عدد من الدول إمكانية فرض إجراءات صارمة على هذا القطاع، في الوقت الذي أقرّت فيه وزيرة الداخلية البريطانية بوجود تداعيات اقتصادية ومالية هائلة لهذا الإجراء على خلفية كشف الطرود الطائرة التي كانت في طريقها إلى أمريكا قادمة من اليمن. وقالت وزيرة الداخلية البريطانية تيريسا ماي إنه تجري مراجعة الإجراءات الأمنية المتعلقة بكل أشكال الشحن الجوي الدولي القادم إلى بريطانيا بعد العثور على طرد ملغوم أرسل من اليمن على متن طائرة. من جانبه، قال اتحاد الطيارين البريطانيين إن التركيز العالمي على أمن الرحلات الجوية للمسافرين يترك الباب مفتوحا أمام شن هجمات على طائرات الشحن. على صعيد التحقيقات, قالت الولاياتالمتحدة إن الطردين المفخخين اللذين أرسلا إلى أراضيها جوا، أحدهما عبر دبي على متن طائرة ركاب تابعة للخطوط القطرية، صنعهما على الأرجح خبير المتفجرات الذي صنع القنبلة التي استخدمت في محاولة تفجير طائرة رحلة أمستردام – ديترويت يوم عيد الميلاد الماضي. لمزيدا من التفاصيل: أعلن جون برينان مستشار الرئيس الأمريكي باراك أوباما لمكافحة الإرهاب أمس، إنه "ليس هناك أي مؤشرات بوجود (طرود مفخخة) أخرى" بعد العثور الجمعة على طردين مفخخين كانا مرسلين من اليمن إلى الولاياتالمتحدة. وقال برينان، خلال برنامج عبر شبكة إن بي سي "حتى الآن، لا نملك أي مؤشر بوجود طرود أخرى"، موضحا أن الحكومة اتخذت التدابير الضرورية في حال تم العثور على أي طرد آخر. وعثر الجمعة على طردين مفخخين معدين للانفجار داخل طائرتين في بريطانياودبي. وتم إرسال هذين الطردين من اليمن عبر شركتي "فيد يكس" و"يو بي إس"، وعثر عليهما بفضل معلومات قدمتها السعودية. من جهتها، ذكرت صحف أمريكية أن هذه القضية تثبت أن القاعدة يحسن باستمرار قدراته على ضرب الأراضي الأمريكية، موضحة أن التحقيق يركز على خبير متفجرات في التنظيم في اليمن. وقال عبد الرحمن برمان المسؤول في منظمة "هود" لوكالة الأنباء الفرنسية "هناك أكثر من علامة استفهام. نحن نعرف أن القاعدة لا تترك بصمات. يستحيل أن تكون هي ذهبت ووضعت اسمها ورقم تلفونها". وأوقفت السلطات اليمنية البارحة الأولى شابة يشتبه بأنها أرسلت الطردين المفخخين الموجهين إلى الولاياتالمتحدة، واللذين كان من المحتمل أن ينفجرا في الجو لو لم يتم اعتراضهما في مطاري دبيوبريطانيا. وأعلنت وزارة الدفاع اليمنية أن قوات الأمن أوقفت امرأة يشتبه بأنها أرسلت قنابل في طرود موجهة إلى الولاياتالمتحدة. وقال مصدر أمني إنه تم القبض عليها وعلى والدتها في حي سكني في منطقة مذبح في ضواحي صنعاء، مشيرا إلى أن والدها مهندس نفطي يعمل في حضرموت شرق اليمن. وأوضح المصدر أيضا أن أجهزة الأمن وجدت رقم هاتف الفتاة على بوليصة شحن الطردين المفخخين. وقال برمان إن المعتقلة اسمها حنان السماوي، وعمرها 22 عاما، وهي طالبة في كلية الهندسة في قسم الحاسوب، موضحا أن والدتها التي اعتقلت معها مريضة جدا. وذكر أنه "بحسب معلومات من زملائها في الجامعة فإن حنان لا علاقة لها بأي تنظيم سياسي أو بأي مجموعة متطرفة". وأضاف "حسب معلوماتنا، تم اعتقال كل موظفي شركتي البريد الأمريكيتين "فيديكس" و"يو بي إس"" في صنعاء و"لا معلومات حول ما إذا تم الإفراج عنهم". من جانبها، ذكرت الصحف الأمريكية الرئيسة أن المتفجرات الموضوعة في الطردين المفخخين المرسلين من اليمن، على درجة من التطور تدل على مستوى "احترافي عال"، موضحة أن المحققين يرون فيها بصمات خبير المتفجرات في تنظيم القاعدة في اليمن. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين لم تحددهم، أن هذه القنابل تشكل برهانا جديدا على أن رجال القاعدة في اليمن يطورون باستمرار قدراتهم على ضرب الأراضي الأمريكية. وقال المحققون الذين نقلت الصحيفة تصريحاتهم، إن المتفجرات التي عثر عليها في دبي كانت مخبأة في طابعة مكتبية من نوع هوليت باكارد. وأضافوا أن المتفجرات شديدة الانفجار وضعت في إحدى عبوات الطابعة لتجنب كشفها بأجهزة المسح (سكانر). ونقلت نيويورك تايمز عن أحد المحققين قوله إن "أسلاك ربط المتفجرات تدل على أنها من صنع محترفين" وكانت "معدة بطريقة تبدو فيها كل قطع الطابعة عادية عند مرورها في آلة المسح". وأشارت إلى أن المتفجرات التي اكتشفت في بريطانيا كانت في عبوة طابعة أيضا. وقال مسؤول لم تذكر صحيفة واشنطن بوست اسمه "إن خبير المتفجرات بالتأكيد أحد الذين نركز عليهم". وفي صنعاء التي طلبت منها الولاياتالمتحدة "تعاونا وثيقا" في مكافحة الإرهاب كرر الرئيس علي عبد الله صالح البارحة الأولى، أن اليمن يجدد تعهده حيال المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب. من جهته، أعلن وزير الداخلية الألماني توماس دي مايزيير البارحة الأولى، أن برلين تمنع، اعتبارا من أمس، إدخال الطرود المرسلة من اليمن إلى الأراضي الألمانية. كما أعلنت الإدارة العامة للطيران المدني في فرنسا، تعليق خدمات الشحن الجوي انطلاقا من اليمن، في حين طالبت بلجيكا ب "مزيد من اليقظة" للرحلات من اليمن وإليها ولتلك المتجهة إلى الولاياتالمتحدة. ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال أمس الأول عن حاخام كنيس في شيكاغو كان يستهدفه أحد الطردين المفخخين المرسلين من اليمن، أن مستخدما للإنترنت في مصر زار الموقع الإلكتروني لمجموعته 80 مرة في يوم واحد. وقال الحاخام ميخائيل زيديك من جمعية عمانوئيل في شيكاغو، إن أربع قنابل وليس اثنتان كما أعلن رسميا من قبل، كانت تستهدف الكنس في شيكاغو. وفي صنعاء، تظاهر نحو 500 طالبة أمس، للمطالبة بالإفراج عن زميلتهن المعتقلة بشبهة إرسال الطردين المفخخين إلى الولاياتالمتحدة قبل أن يضبطا في دبيوبريطانيا. ورفعت الطالبات لافتات تدعو إلى الإفراج عن الشابة. وفي الدوحة، أكدت الخطوط الجوية القطرية أمس، أن الطرد المفخخ الذي أرسل من اليمن وضبط في الإمارات قد نقلته إحدى طائراتها من الدوحة إلى دبي، إلا أنها نفت تحملها أي مسؤولية إزاء عدم الكشف عن محتويات الطرد. وقالت الشركة في بيان "إن الدولة التي تمر البضائع عبرها للترانزيت لا تتحمل مسؤولية فحص هذه البضائع بالأشعة السينية أو تفتيشها، وإنما هي مسؤولية البلد الذي انطلقت منه البضائع وذلك وفقا لاتفاقية شيكاجو". وأكدت الخطوط القطرية في بيانها "أن المتفجرات التي اكتشفت كانت متطورة جدا بحيث لم تتمكن أجهزة الأشعة السينية أو الكلاب المدربة على الشم من اكتشافها، وأنه لم يتم اكتشاف المتفجرات إلا بعد الحصول على معلومات استخباراتية". وفي بلفاست، أبطلت الشرطة في أيرلندا الشمالية أمس مفعول قنبلة في ساحة لانتظار السيارات في مطار بلفاست الدولي لتحبط بذلك ثاني محاولة هجوم خلال يومين. واستنفرت القوات الأمنية في أيرلندا الشمالية نتيجة أنشطة جماعات قومية منشقة تعارض عملية السلام التي بدأت مع بريطانيا عام 1998، وأبطلت أيضا أمس الأول مفعول قنبلة تركت تحت جسر للسكك الحديدية في ليرجان إلى الجنوب من بلفاست. وقال دنكان مكوسلاند مساعد قائد الشرطة "كان يمكن أن تسبب العبوتان إصابات وتلفيات. تركتا في مكانين يرتداهما الناس دون اعتبار للمواطنين." ومضى يقول "في الأيام الأخيرة كثفت الشرطة من إجراءاتها لمواجهة الخطر الذي يمثله أفراد وجماعات ضالة تسعى لإعادة البلاد إلى دائرة الضرر والبؤس". وقالت الشرطة إن القنبلة تركت في سيارة في ساحة انتظار لفترة طويلة في المطار على بعد نحو 30 كيلومترا خارج بلفاست، وكانت مثبتة في حاويات سائل قابل للاشتعال. وقال متحدث باسم مطار بلفاست إن الرحلات الجوية من وإلى المطار لم تتأثر، لكن عددا كبيرا من الركاب العائدين إلى أيرلندا الشمالية اضطروا لحجز أماكن في فنادق، أو الاستعانة بسيارات أجرة للتوجه إلى منازلهم بعد منعهم من الوصول إلى سياراتهم الموجودة في ساحة الانتظار. ودفع العثور على القنبلة المسؤولين إلى إخلاء المنازل القريبة وإلغاء خط السكك الحديدية الرئيس بين بلفاست ودبلن. ومنذ ذلك الحين سمح للسكان بالعودة إلى منازلهم واستؤنفت خدمة القطارات. وأحبطت الشرطة عددا من محاولات التفجير قامت بها جماعات منشقة تريد الوحدة بين أيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا. ويتفق أغلب المحللين على أن تلك الجماعات لا تشكل خطرا كبيرا على عملية السلام التي أنهت 30 عاما من الصراع بين القوميين، وأغلبهم من الكاثوليك، والوحدويين وأغلبهم من البروتستانت الذين يريدون أن تظل أيرلندا الشمالية جزءا من بريطانيا