ما لا شك فيه أن بلادنا تحترق..عنف..قتل ..طائفية..خلافات.. انعدام أمن..فقر.. جهل...مرض..برد..بؤس..لكن العيد أتى مصرا على إطلالته المعتادة يستقبله الأطفال بمشاعر مختلطة من الشعور بالفرح ،الانتظار والخذلان أيضا نظر لعدم وجود ما يعرفه الأطفال من أساسيات استقبال العيد وبينما يفتح له الكبار الباب كزائر ثقيل نظرا لحاجياته المكلفة التي تفوق ميزانية الموظف اليمني البسيط الذي بالكاد يستطيع التكفل بالمتطلبات الحياتية الضرورية و التي يحاول توفيرها بشق الأنفس مثل الحصول على مأوى من البرد وما يسد الرمق.. لكنه العيد !
يتسلل عبر الأحلام والنوافذ والجدران ،عبر الشوارع والحلوى..عبر الأغاني والأماني يتحدى كل ما يمر به الإنسان هذا العام يتحدى الخوف والحدائق المغلقة وغير الآمنة يتحدى كل شيء ويكافح للوصول ..
لكن لماذا يجب علينا أن نكون بهذه السلبية !.. كلما فكرنا أن العيد يجب أن يأتي ومعه ما نريد، ننسى أنه علينا أن نفكر أيضا فيما نستطيع أن نمنحه لهذا الزائر ..
الأطفال قد تكفيهم ابتسامة وقطعة صغيرة من الحلوى..أغنية يتشارك فيها الجميع بالرقص..
لنعلم أطفالنا أن الحرب لا تقتل العيد ..أولئك الذي فقدوا إبائهم لنكن لهم أباء يكفي فقط أن ندق على أبوابهم ونطلب منهم مشاركتنا في لعبة كره قدم يشترك فيها كل الأطفال في الحي..ما رأيكم بدوري مثلا!
نستطيع أيضا عمل معرض صغير في كل حارة .. يتولى أمر الشباب في كل حارة ..يجمعون الأطفال عصر أيام العيد ويجلبون بعض الأقلام الملونة والأوراق ويجمعونهم في مساحة يخصصونها بشريطه هدايا عريضة في الحي ..بنفسجية أو صفراء اللون .. ويتيحون الفرصة للأطفال ليرسموا على إيقاع موسيقى مبهجة .. "أجمل ألف مرة من المفرقعات الخطيرة التي بتنا لا نفرق أهي ألعاب نارية أم نيران أسلحة !" ..فليرددوا هذا لأهل الحي إن اشتكوا من الموسيقى لكن بالطبع لا أعني أن يكون الصوت عال جدا بحيث يزعج ما بجوارهم من البيوت !
وحينما ينتهون من الرسم .. فليتولى الشباب تعليقها على الشريطة المسوِّرة للمكان للعرض على أهل الحي وليصوروها والأطفال وإن بكاميرا هاتف محمول وسأكون ممتنة للغاية إن أرسلوها إلي ..!
من لديه حلوى فائضة وإن رخيصة الثمن .أخبروا الباعة أنها للأطفال المحتاجين .._بائعوا المتاجر بشر أيضا يشعرون ويفهمون ،ربما يخفضون لكم في السعر أو يمنحون القليل منها مجانا إن أقنعتموهم !_.
ما رأيكم أن تلصقوا عليها شرائط شعر ملونة للفتيات وتقومون بتوزيعها على الصغيرات في مخيمات النازحين وقد تضعون القليل منها في جيوبكم في حال صادفتهم متشردا ما ..
القليل من الكعك المصنوع منزليا للجيران لا يضر أيضا..
في مثل هذه الأوقات الصعبة التي تمر بها كل البلاد ما الفائدة في أننا نتقاسم سماء واحدة وأرضا واحدة إن لم نحاول إدخال البهجة إلى نفوس بعضنا البعض ولو بالقليل الموجود والمبتكر..
لنبتسم أحبتي.. لنحيي المشردين ..ونعطف على السائلين ..ونرأف بحال الأطفال ..بقلوب وأحلام بعضنا البعض ..
إنه العيد .. إن لم يأت إلينا الفرح طوعا.. جلبناه بأيدينا فنحن في الحقيقة كائنات خلاقة تدرك كيف تصنع الفرحة وكيف تقدره !
لنغنى بوسع حناجرنا ..
كل عام وأنتم بخير..كل عام وأنتَ بالسلام الذي نأمل أيها الوطن الحبيب..