تصاعدت وتيرة المواجهات العسكرية بشكل غير مسبوق في منطقة نهم شرقي صنعاء بين قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من جهة وميليشيات الحوثي وقوات الرئيس السباق علي عبدالله صالح من جهة أخرى. ويأتي هذا التصعيد كردة فعل على إفشال الحوثيين مشاورات الكويت وسعيهم لفرض الأمر الواقع عبر إقرار مجلس سياسي لإدارة البلاد. وأكدت مصادر خاصة ل”العرب” سيطرة قوات الحكومة على منطقة المدفون وإحكام الحصار على قرن نهم وجبل القتب الاستراتيجي. وقال رئيس هيئة الأركان في الجيش الوطني محمد المقدشي في تصريحات صحافية إن مرحلة الحسم قد بدأت وإن قوات كبيرة مازالت في مأرب لم تلتحق بعد بجبهات القتال، مشيرا إلى أن عملية “التحرير موعدنا” التي تم إطلاقها الأسبوع الماضي مستمرة في كل الاتجاهات وأنها ستشمل قريبا مناطق أخرى مثل البيضاء وذمار وحتى صعدة. وواصل طيران التحالف العربي قصف مواقع الحوثيين وقوات الرئيس السابق في مختلف المناطق اليمنية، الأمر الذي يعيد إلى الذاكرة أجواء ما بعد الإعلان عن ”عاصفة الحزم”. وذكرت مصادر سياسية ل”العرب” أن الحكومة اليمنية والتحالف العربي عازمان أكثر من أي وقت مضى على الزحف صوب العاصمة صنعاء، لكنها لم تستبعد توقف العمليات في حال لم تحقق الأهداف المرسومة لها في وقت قياسي والاستفادة من عامل الوقت والغطاء السياسي الذي منحه المجتمع الدولي للتحالف والحكومة اليمنية عقب تعثر مشاورات السلام اليمنية في الكويت نتيجة لتعنت الجانب الحوثي. ولفت محللون سياسيون إلى أن العمليات العسكرية مازالت تدور في اتجاه تعزيز المسار السياسي، حيث تهدف في المقام الأول إلى الضغط على الانقلابيين ودفعهم لتقديم التنازلات والعودة إلى طاولة الحوار. وقال المحلل السياسي وعضو مؤتمر الحوار الوطني زيد السلامي إن قرار الحسم العسكري واستعادة الدولة اليمنية المختطفة من قبل ميليشيات الحوثي بقوة السلاح لم يتخذ بعد، معتبرا ما يجري عمليات محدودة للضغط على الميليشيات للتوقيع على اتفاق يفضي إلى إشراكها في الحياة السياسية، مقابل تسليم السلاح والانسحاب من المدن. واستدرك السلامي في تصريح خاص ل”العرب” بالقول “أعتقد أن هذا الأمر لن يتم، كون المعادلة في اليمن أضحت صفرية ولا بد من سلوك الخيار العسكري لاستعادة البلاد، بالنظر إلى أن الميليشيات لا تؤمن بالحلول والخيارات السياسية وعدم استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب بعمليات عسكرية سريعة سيدفع الشعب اليمني ثمنها باهظا في ظل استمرار الانقلاب”. وتتواصل ردود الأفعال على إعلان الحوثي- صالح عقد جلسة لمجلس النواب اليمني السبت المقبل، وهو ما استبعدت مصادر سياسية إمكانية حدوثه في ظل استئناف العمليات العسكرية على تخوم صنعاء، ومعاودة طيران التحالف العربي قصف مواقع الميليشيات في العاصمة. وتسبب إغلاق مطار صنعاء الدولي ومنع الطائرة التي تقل وفد الانقلابيين القادمين من الكويت عبر مسقط في إجهاض عقد جلسة البرلمان. وكشفت مصادر خاصة ل”العرب” عن أن الطائرة التي كان يفترض أن تقل الوفد الانقلابي المفاوض إلى صنعاء تأخرت في مسقط، فيما أشاع بعض إعلاميي الوفد أن ذلك التأخير جاء من أجل نقل عدد من الجرحى القادمين من الهند، بينما كان الهدف الحقيقي انتظار أعضاء مجلس النواب القادمين من الأردن ومصر وهو الأمر الذي تفطن له التحالف. يشار إلى أن جلسات مجلس النواب اليمني توقفت نهاية عام 2014، بفعل الأزمة الكبيرة التي بدأت بسيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء، ومن ثم سيطرتهم على محافظات أخرى. ويسيطر حزب صالح على معظم مقاعد مجلس النواب اليمني المكون من 301 من الأعضاء. وأكد وزير الخارجية اليمني عبدالملك المخلافي أن خيار الحرب ليس خيار الحكومة. وقال في مؤتمر صحافي الأربعاء إن الحكومة لا تزال تؤيد حل الأزمة من خلال المفاوضات وتدعم جهود الأممالمتحدة “إذا كان هناك استعداد مسبق لدى الانقلابيين للتوصل إلى اتفاق”. وأكد أن المجلس السياسي المعلن من قبل الحوثيين “باطل دستوريا”. وكان الحوثيون والرئيس السابق علي عبدالله صالح أعلنوا تشكيل مجلس سياسي بالمناصفة، وقالوا إنه يهدف إلى “إدارة شؤون الدولة سياسيا وعسكريا وأمنيا واقتصاديا وإداريا واجتماعيا وغير ذلك”. ودعا المخلافي أعضاء مجلس النواب “البرلمان”، إلى رفض جميع الإجراءات التي تشرعن ما أسماه ب”الانقلاب” الذي قام به الحوثيون وحزب المؤتمر الشعبي العام. وقال وزير الخارجية اليمني إن “من يحضر مجلس النواب عليه أن يتحمل التبعات القانونية، وسيعتبر جزءا من الانقلاب، وأي دعوة لانعقاد مجلس النواب لا تستند لمخرجات الحوار الوطني والتوافق تعد خيانة للقسم الذي أداه أعضاء المجلس”. وأوضح المخلافي أن لديهم تأكيدات من أغلب النواب بعدم مشاركتهم في الاجتماع الذي دعا إليه الحوثيون وحزب صالح، وطالب البرلمانيين العرب باتخاذ إجراءات بحق من يحضر ذلك الاجتماع.