استهوى التراث الحضرمي الملئ بمعالمه ومآثره الحضارية والتاريخية الكثير من الرحالة الأوربيين الذين سعوا للتعرف عليه واكتشافه وإعطاء صورة للمجتمع الأوروبي عنه . وكانت حضرموت إحدى أهم المحطات التاريخية لهؤلاء الرحالة خلال القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين ولعلى ذلك يعود إلى وقوعها على الطريق التجاري للبخور وانتائجها له وانفرادها بالفن المعماري الطين…ي المتميز وذيوع اسمها من خلال العلاقات التي نسجها الحضارمة مع شعوب شرق آسيا وشرق إفريقيا من خلال هجرتهم إلى تلك البقاع ودورهم في نشر الإسلام فيها بالإضافة إلى التسهيلات التي كانت تقدمها لهم حكومة الاحتلال البريطاني لجنوب اليمن آنذاك . وتعد فريا ستارك (1893-1993) أول امرأة رحالة أوربية يكون لها الشرف في الوصول إلى حضرموت سنة 1934م وهي انجليزية الجنسية , ألفت أكثر من ثلاثين كتابا وصفت فيها الرحلات التي قامت بها إلى عدد من أقطار الشرق الأوسط بين سنة 1927م وسنة 1983م . وفي أربعة من تلك الكتب ( البوابات الجنوبية لشبه الجزيرة العربية , The Southern Gates Of Arabia ) و (ساحل البخور , The Coast Of Incense ) و (مشاهد من حضرموت , Seen In Hadhramaut ) و ( شتاء في شبه الجزيرة العربية , Winter In Arabia ) تناولت فريا ستارك .وصفا لحياة المجتمع الحضرمي معتمدة في ذلك على مشاهداتها واحتكاكها بالسكان المحليين أثناء رحلتيها إلى حضرموت سنة 1934م وسنة 1937م حيث رصدت أحداث الحياة اليومية وخاصة الحالة الأمنية وما شهدته من صراعات قبلية ومحاولة الحكومة البريطانية فرض سلطة الدولة في الثلاثينات من القرن العشرين . والأجمل في ذلك وصفها للعادات والتقاليد التي تزخر بها حضرموت . كما حضيت حياة المرأة الحضرمية باهتمام كبير في كتابات فريا ستارك مقارنة ببقية الرحالة الأوربيين الذين كتبوا عن حضرموت ويرجع ذلك لكونها امرأة استطاعت الدخول إلى مجالس النساء والتحدث معهن عن قرب . ولم تكتف الرحالة باستخدام قلمها فقط لتصوير حياة المجتمع الحضرمي بل التقطت صورا فوتوغرافية أضفت جمالا على كتاباتها واكدة الحقائق لقرائها , أدرجت معظمها في كتاب " مشاهد من حضرموت " والعديد من هذه الصور تزين اليوم جدران ممرات متحف الآثار بسيئون الواقع بقصر السلطان الكثيري .