على الرغم من إدراكنا للحاجة الماسة و الضرورة الملحة لإحداث تغيير شامل و جذري في نظام الحكم في بلادنا حيث أن نظام الحكم العائلي قد أوصل بلادنا إلى حافة الانهيار في كافة المجالات ، و بالرغم من توفر كافة متطلبات التغيير إلا أننا تهيبنا التغيير طويلاً و ترددنا كثيراً قبل أن تنطلق هذه الثورة السلمية الشعبية الرائعة ، و يوم أن خرجنا إلى الساحات كانت أيادينا على قلوبنا خوفا على بلدنا الحبيب من حدوث أي فتن أو حروب قد تعصف به - لا سمح الله – . و كان ذلك الخوف ضروريا و منطقيا ، و له مبررات كثيرة ، أهمها أن النظام السابق قد زرع بؤر الصراع في كافة أرجاء الوطن الحبيب تارة باسم المذهبية و تارة باسم القبيلة و أحيانا باسم المناطقية و أوجد لنا مذهبية حوثية في صعدة و حراكا انفصاليا في الجنوب و قاعدة يتذرع بها لتفصية من يريد و حرب أهلية يهدد بها كلما شعر أن عرشه بدأ يهتز . و بقدر ما فشل خلال الفترة الطويلة من مرحلة حكمه في بناء أي نهضة أو تنمية في البلاد ، نجح في تسويقنا محليا و دوليا أن شعب جاهل و متخلف و غير قابل للرقى و لا يمكن أن يلتزم بأي نظام أو قانون حتى صدقه الكثير منا في طرحه و تسويقه الممجوج . و من هنا .. و من منطلق وطنيتنا كنا عندما نفكر في إحداث أي تغيير نخاف على وحدة بلادنا من الضياع و التشرذم و نخاف من انفجار أي حرب أهلية كما يروج النظام ، أما اليوم و قد خرج شعبنا إلى الساحات بالملايين و أعلن ثورته في كل الميادين و عاش الشعب في الساحات أكثر من ستة أشهر قصصاً من البطولة الشجاعة و دروساً في النظام و الحضارة و أياما من الحب و التسامح و التعاون و القبول بالآخر ألتقت فيها كل الأطراف الأحزاب و القبائل و المذاهب و رجال الأمن و الجيش و المثقفون و التجار و رجال الأعمال و العلماء و مختلف فئات الشعب من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب حتى استطاعت هذه الثورة أن تشد أنظار العالم إليها و تذهل المراقبين المحلين و الدوليين و أظهرت أصالة هذا الشعب و كم هو حضاري و عظيم و متسامح بالمقابل كشفت كم كان النظام جانياً و حاقداً على هذا الشعب و ظالم له و مفترياً عليه بل كشفت كم هو باغيا حين واجه الاعتصامات و المسيرات السلمية بترسانة عسكرية من الدبابات و القنابل و الغازات السامة و غيرها و كأنه في حرب عالمية . لقد أظهرت الثورة أن شعبنا أكثر مدنية و أخلاقا من حاكمه و أن بقاء فلول هذا النظام إلى اليوم لم يكن لقوته و لا لتفوقه و إنما هو بسبب أخلاق الثوار في الساحات و حرصهم على صون الوطن و الدم اليمني يجوز لنا اليوم أن نعلن للجميع أن الثورة قد انتصرت لأن الانتصار الحقيقي هو تجاوزنا لمرحلة الخوف الذي ملئ قلوبنا طويلاً و كسر حاجز الصمت الذي كنا نهابه كثيراً و قدرتنا على الصمود في الساحات و قبولنا ببعضنا ، فقد تجاوزنا المرحلة الصعبة و ما بقي لنا إلا اليسير فلنستمر في الثورة ، أهم شيء هو توحدنا في الساحات و نتسامى فوق الاختلافات و عدم الخوض في التفاصيل و الجزئيات التي من شأنها من أن تزرع الخلاف و الشقاق و أما النظام الذي خرجنا ننادي بإسقاطه فقط سقط عرشه في جمعة الكرامة حيث روت دماء أكثر من خمسين شهيد تراب الوطن الغالي و رحل بعد حادثة مسجد النهدين إلى غير رجعة و ما تبقى اليوم من هذا النظام فهي عصابة مارقة عن إرادة الشعب تريد أن تكمل مسلسل الدمار للوطن و لكن الشعب الذي أعتصم بالله و أسقط رأس النظام قادر بصموده و صبره أن يكمل بقية أهداف ثورته و يسقط بقايا النظام و يبني دولته المدنية المنشودة .