من بين عشرات الصور التي وثقت أبرز لقطات فعاليات الهبة الشعبية في حضرموت لفتت انتباهي صورة لرجل مسن كان على ما يبدو ضمن فرق الحراسات الليلية في إحدى حارات مدينة المكلا. محيا الرجل شبه المألوف، جعلني اتفرس في ملامحه، وأقف طويلا أمام صورته، هل من المعقول أن يكون، هو، العم مبارك، بيده رشاش الي ، وخصره ملفوف بحزام رصاص، وحوله يتجمع عدد من الشباب، وكأنه قائدهم المظفر في ساحة الوغى. العم مبارك الرجل المسالم الذي يشكو دائما من إزعاج فرقعات الطماش التي يفجرها الأطفال الصغار أحيانا بالقرب منه؟!سؤال حائر داعب مخليتي للحظات، وسرعان ما قررت قطع حبل الشك باليقين، باتصالي بعدد من الزملاء اللذين لم تكن إجاباتهم شافية ولا قطعية، يمكن، تقريبا، على ما أظن، هكذا كانت الردود عاجزة على إشباع نهمي التواق لمعرفة الحقيقة التي لا أحد يمتلكها غير العم مبارك، ومن حسن حظي أنني تمكنت من الوصول إليه سريعا أول ما بدأ يمارس نشاطه اليومي في تصفح المواقع الإلكترونية على شبكة النت. العم مبارك، لك وحشة، وكل عام وانت بخير، عم مبارك هل تسمعني؟ أيوه اسمعك ياولدي بس الصوت يتقطع قليل النت عندنا ضعيف، قالوا كيبل احترق، مدري سرقوه الجماعة، البلاد فوضى،وعلى قولتهم يارايح كثر في الفضايح. ايش هذا ياعم مبارك كلاشنكوف مرة وحدة، والله حركات، كذك مع الهبة تو، انا شبهت بك من البداية قلت هذا الرجال من النوع المألوف ايوه مع الهبة من أول يوم لأخر يوم، بعدين واه هوذا من نوع الحلوف، ورانا كماك، ما ندري فين جالسلي، كل ما ساعة في مكان، تقول رأفت الهجان، ولا أدهم صبري. ياعم بس هذا سلاح ما هو لعبة، ما هو تعراض شو، كل من حمل سلاح ونزل للشارع! من تقصد، حدد، ولا تتلاعب بالألفاظ، انتظر انا برد عليك، خلنا شوي اضبط الميكرفون، ومعك للفجر، السلاح يابني حقنا، واحنا قده، ولا يغرك الكلام الحضارم طيبين، مسالمين، ما هم حق مشاكل، هذا كان زمان، اليوم الوضع أتغير، وما حد فينا أصبح يهاب الموت صدقني، خلاص تعبنا، لما متى بنظل ساكتين ونتفرج وهم يقتلوا فينا، بموت وأنا أوجه خصمي رافع الرأس، ولا أموت غدر وخيانه، أصحى، وقع رجال، خلك كما عزوتنا وتاج روؤسنا الشهيد الشيخ بن حبريش، ونعم الرجال الله يرحمه. بس في معركة فشلتوا في حسمها لحد الان القات بائعيه وشاريه، سارحين ضاوين وبعدين؟ في ذي شوفك جبتها صوب، طيب واه بغيتنا نلقي، نزقل بكل شيء ونرجع لديارنا، هوذا اللي يغوه. المفروض كل واحد يتحمل دوره ومسئوليته علماء الدين والخطباء والمثقفين والصحفيين وأولياء الأمور، يحاربوا القات بالكلمة والقلم، واحنا الباقي علينا وعوا الناس شو ذا بلوى عمرها سنين، ما بتنتهي في يوم وليلة. صدقت ياعم مبارك، كلامك كله صحيح وما عليه غبار، بس في ناس يشتغلوا ضدكم برضه وهم يقولوا أنهم معاكم، يعني ملقين رجل هنا ورجل هناك، ويكسروا في مقاديفكم، وانتم تتفرجون مالك ومالهم، ولا تخاف هذيلا كلهم نعرفهم واحد واحد، ومثل ماهم فاكرين أنهم يلعبوا علينا، احنا نلعب بهم، يابني معك كوادر، لاتستهين بنا طول، احنا بالنسبة لنا نجاح الهبة مسألة حياة أو موت، وصدقني نجاحها لصالحنا كلنا، وفشلنا لا قدر الله مصيبة لنا الكل، يأخي هذيلا ما يفهموا سياسية، كله حسهم، تآمر وفركه وقحمشه، الحقد عماهم، والمادة حرفت أفكارهم، وبدلت طباعهم ونستهم انفسهم. كلامك ياعم مبارك في الصميم، والله يهديهم انا متفائل والله، بس المهم ننتبه من الخيانة، اللي وصلتنا لهذه المواصيل، وعاد احنا والله لو ركعنا ولا انبطحنا بناكلها قز، وما حد بيرحمنا، ياراجل خاف الله شوف واه قع لعيالنا في الضالع كيف ذبحوهم، ولا حد داري بك، تتدري ليش. ليش ياعم مبارك؟ لانه أصلا العوار منا وفينا، محد اعتزى وقدم استقالته ولا قال بنضم لأهلي وناسي ولما هنا يكفي، كيف تشتي العالم يلتفت لك ويسمع صوتك، وجماعتك حيثهم باقين، في صنعاء، ويدوروا في فلكها، بعدين تعال انت حدد موقفك أول من الهبة قبل ما نتكلم على الناس. أنا والله ياعم مبارك مع الهبة مع واه مع الخبة قولت لك مع الهبة، النت عندك ضعيف، الصوت يجي ويروح. تمام مع الهبة ولو انها برضه يعني تنقلب أحيانا لخبة، المهم لاقدام وما حد منا يرجع للوراء طول، وياحنا،ياهم.