حضرت البارحة حفل إشهار ما أطلق عليه ( مثقفون من أجل جنوب جديد ) ، في فندق يسمى ( موج ) ربما لقربه من أمواج البحر العربي ، أو ربما لأن القدر هيأ له أن ترتطم به موجة من موجات ما يعتمل حواليه من حراك الشارع الشعبوي وحراك المكونات النخبوي . لم يستمر الحفل الذي اختيرت له قاعة ( محندأة ) سوى أقل من ساعة بقدر ما تمكن الحاضرين أو الحاضرون من اختيار مقاعدهم والاستقرار فيها وتجفيف عرقهم وشرب زجاجات الماء البارد ، وخلالها تربع أربعة أمامنا على طاولة معطلة من الزينة والمرطبات ، كان شعارهم خير الكلام ما قل ودل حتى إن واحدًا منهم لم يجد بكلمة ولم ينبس ببنت شفة ، إننا لم نكد نسمع منهم سوى صوت واحد يقرأ من ورقة تم بعد ذلك توزيعها ، إلا أن كتابات الخلفية (الثورية) كانت أعلى صوتًا للأسماع وأشد جذبًا لأعين الحضور الذي اتصف بالنخبوية . وفي لحظة انتهى الحدث الذي كانت كثير من التساؤلات تتزاحم على أعتابه ، حول المنظمين وهويتهم ، أو حول طبيعة الإشهار ومراسيمه ، أو حول الفكرة نفسها وطبيعتها وأغراضها ، وعن علاقة السياسيين السباقين بالمثقفين اللاحقين ، وما معايير الجدة للجنوب الجديد ومن يملك وضعها وتحديدها ، أم المسألة هي تفريخ لمكون جديد من مجلس إلى جبهة إلى عصبة إلى تيار ، أهي صحوة متأخرة بعد غفوة غير هانئة أم مجرد ركوب للموجة من قبل المثقفين المنظمين ، ، ولمن ستكون الغلبة للموجة أم للتيار ؟ وهل يجوز لي أن أربط بين نشوء هذا التيار وبين تلك الوقفة البرتقالية التي أفشلها أو على الأقل عكرها زبد من شباب موجة الحراك الطاغية ، ثم استطاعت اليوم ترويض منظميها ثم ضمهم أو جرفهم إلى تيارها حيث رفعت في حفلها العلم الذي كانت قد رفضت رفعه في وقفتها ؟ وهل في هذا الرفع رمز أو إيذان بانتصار الشعبوي على النخبوي واعتلاء السياسي على المثقف أم أنا أهلوس وأهرف بما لا أجيد ولا أعرف . هل أصبح مثقفو حضرموت بعد هذا الإشهار بين فسطاطين ، فسطاط ما زال يتلاعب بهم موج الخيارات والتربص والانتظار ، وفسطاط جرفه التيار إلى وجهة ربما لا يعرفون أيصل بهم إلى مصب هادئ أم إلى شلال هادر . بر الأمان : اجتماع تيار مثقفون في فندق ( موج ) ، أهو ركوب للموجة ، أم تصعيد بالحراك إلى أوجه ؟