استطاع شباب الحراك بأيمانهم العميق بعدالة قضيتهم السياسية ووضوح رؤيتهم وشموخ كبريائهم إن يفرضوا أنفسهم على الخارطة السياسية للوطن. وأصبحوا رقما صعبا لا يمكن تجاوزه في أي حوار أو مبادرة أو طبخة تطبخ في دوائر الفرار العربي أو العالمي. أعلم تماما إن هذا جاء بعد إن قدموا الشهداء وسالت دماء وتحملوا الصعاب وزج بهم في السجون,وحاولت القبضة العسكرية أن تغتال أحلامهم, وتمزق طقوس عشقهم, فصبروا واعتبروا ما أصابهم هو طهارة لأجسادهم من نفايات النظام, نظام الجهل والفقر والتزوير والفساد. لقد رسموا لوحة فنية لاستعاده دولة الجنوب من خلال نضالهم ووقوفهم صفا واحدا من اجل القضية العظيمة التي تحتويهم جميعا تحت مظلتها, والتقوا حول قياداتهم التاريخية ، وأصبح الحلم في فك الارتباك حقيقة ساطع كما الشمس مهما حجبت رؤيتها السحب أو تأخر بزوغها فنورها قادم لا محالة. لقد أدرك البعض هذه الحقيقة فتهافتوا وهرولوا بل وقفزوا في مركب الحراك بعد إن كانوا فلولا للنظام السابق وأصحبوا يتغنون بالقضية الجنوبية, وتذكروا بأنهم جنوبيين ومن حقهم أن يدلوا بدلوهم في معترك الحياة السياسية'ولكنهم ليسوا وحدهم بل تهافت قيادات في حزب الإصلاح والمسئولين على الشباب الإسلامي وأصبحوا يتباكون على حسن ظنهم بالوحدة المباركة, وأدركوا بعد فوات الأوان بأنهم مخدوعون وأن على عيونهم غشاوة, وأن العودة للحق فضيلة, وتهافت غيرهم كثيرون من المثقفين وبعض أعضاء في منظمات المجتمع المدني وأنا لاأعتب عليهم لأنه من حقهم ولكني أقول لهؤلاء إن من هرول سعياً وراء مصالحة الشخصية في محاولة يائسة للحصول على جزء من الكعكة التي لم تنضج بعد والاستئثار بالغنائم والحلم بالشهرة والمناصب فهو ينتحر سياسيا ويقدم نفسه كبش فداء, إما أصحاب النوايا الحسنة والدين أيقنوا إن الوحدة أصحبت كورم تق في جسد هذا الوطن ولابد من استئصاله هؤلاء هم الشعلة التي ستنير الطريق, وأمامهم فرصة تاريخية لجعل هذه اللوحة فاتنة جميلة.