لوحة فنية جميلة رسمها طموح شباب الحراك منذ أن كسروا عقد الخوف فرفعوا علم دولة الجنوب عالياً شامخاً، قدموا الشهداء وسالت دماء زكية في ارض هذا الوطن، وتحملوا الصعاب والعذاب والقوا في السجون، وحاولت القبضة العسكرية أن تغتال أحلامهم، وتمزق طقوس عشقهم، فصبروا لأن لديهم إيمان بعدالة مطالبهم وقضيتهم، واعتبروا أن ما أصابهم هو طهارة لأجسادهم من نفايات النظام القديم، دون الجهل والغباء واللصوصية والتزوير والفساد، ومازال أمامهم الطريق طويل لعودة الحق الضائع وفك الشراكة والارتباط. أما جيلي والجيل الذي سبقني الذي تحمل كوارث الماضي وعانى من مساوئ الحكم الشمولي في الجنوب يزداد خوفاً من المجهول، ولاسيما وهو يرى بعض الأفعال التي لا يستصيغها من قطع الطرقات وحرق الإطارات، ويزداد الخوف وتتسارع ضربات القلب من أن تعم العشوائية دون أن تكون هناك قيادة ذات ثقل ومؤهلة، مع يقينه أن الوحدة أصبحت كورم تعفن في جسد هذا الوطن ولابد من استئصاله. إنني أقول لجيلي لا تيأسوا من رحمة الله، وأن التغيير سنة الحياة، وأن الفجر قادم لامحالة، وأن أمامهم فرصة لجعل هذه اللوحة رائعة فاتنة من خلال تقديم المشورة والنصح من الخبرة التي اكتسبتموها في ظل صدق النوايا ودفء المشاعر وبالتأكيد سيغيرون من سلوكهم وتسمو نفوسهم، ومما لا شك فيه أن الكثيرين سيختلفون معي في هذه الرؤية وهذا حقهم انطلاقاً من أهدافهم ومصالحهم ورغباتهم وانتماءاتهم، ولكن أتمنى أن لا يحملوا معول الهدم وخلق العقبات وإثارة النعرات والخلافات، وأمامنا فرصة تاريخية أن نتحاور ونتفق، لأني أشعر أني كالفراشة تمتص الرحيق بنهم ونشوة، وتفيض مني حواس جديدة تولد لأول مرة تشعرني بأن البناء سيكتمل قريباً.