مرة أخرى أبدأ فيكَ انتحاري.. أشرع لك مرايا القلب فلا تعكس غير وجه امرأة من ثلج.. أمد بصري فإذا كل الجسور قد انهارت فجأة وتمددت خيوط الوحشة بداخلي ترصع فراغي المتنامي إذ يرتفع ذاك الموال""أريد ابكي على صدرك مشتهي النوح،أريد اجلس باحضانك واحسب لجروح"" ويصدح صوت-بابل- وإذا الآه تأتي إلى القلب ويأتي معها الحزن الكبير.. وأفقد فيكَ عمري المتهاوي.. أفقد حلمي المجنون، وأفقد تميمتي البابلية التي تجعلك تؤمن بأني لا أشبه كل النساء ولو أردتَ، وبأن قلبي مدينة مفتوحة للراحلين والقادمين من أزمنة الجليد والمطر الجارح.. مرة أخرى أصرخ: من يوقف احتراقي فيك وقد صرت امرأة من نار؟ من يعيد إلي طفولتي المحترقة؟ ومن يدفئ عيني الباردتين الباحثتين عنك في امتدادات الفصول المتقلبة؟ دوما أفتش عنك.. منذ وجدتكَ وأنا أفتش عنك.. لمَ دفعني الحلم إليك أيها القادم من البحر؟ لمَ دفعني الوهم؟.. أعدتني من مدن الغياب والوجع وقلت:نحن لا سلطة لنا على أقدارنا..تراها تأخرت في أن تجمعنا؟.. تأخرتْ كل الأشياء يا أنت.. تأخر العمر الذي مضى..وتأخرتْ.. أنت ما أجبتني يوم سألتك:هل هي ممكنة عودة الأشياء أيها الغائب منذ الأزل؟. لم كل هذه الحرقة في الوجع؟ هل أحبك؟ انتهى زمن الحب.. أحبكِ..قلتَها..أتقصدني؟ دعني أتوهم –كذبا-أنك تحبني.. دعني أتوهم أنك حين تجلس إلى أوراقك يحلق خيالك في دائرتي وتردد: لكِ كل الشوق يا امرأة العمر.. دعني أتوهم أنك ترى يدي تمسك بقلمك-الذي كان هدية من أخرى-كلما هممت لتكتب إليها فإذا أنت تكتب إلي وأردد أنا: يكتب لي لتقرأ هي.. دعني أتوهم أنك كلما قرأت قصة حب لا تتأسف أبدا إذ أننا لم نكن معا وأن الحب أخطأ يوما فجرنا إلى هذا الشوق الذي لا يهدأ.. دعني أتوهم أنك تكتب لي دوما من مدن بعيدة لا ينام فيها العشاق، وأنك تأخذني معك وتطوف بي أقمارا وجزرا.. نحن نسعد أحيانا بكذبنا.. ولا نكتشف غباءنا إلا في لحظة الألم.. اسحب وجهك من ألمي.. اسحب أشياءك ولا تسكن أقاليمي الثلجية.. دع البحر يعلو، دعه يحتويني.. أنتَ ما احتويتني أبدا.. دائما كنتُ بلا أنت وبلا أحد.. -ريتا- تسأل شاعرها: أتأخذني معك؟ تذيع بي رغبة البكاء في صدرك""أريد ابكي على صدرك.."".. أتمنحني صدرك؟، أتمنحني إغفاءة في جفنك؟.. ضمني يا رجل البحر.. يا رجل العمر.. افتح بدواخلي مساحات أخرى للحلم.. ضمني في نبض يديك واقرأ أشعارك في تموجات دمي.. لا تكن رجلا من ريح لأنني ساعتها سأصير امرأة من ثلج تذوب كلما انعكست عليها مرايا نارك..وكل المرايا بعدها ستنكسر.. وحدها مرايا الثلج ستصب في بحرك ويعود صوتي الذي سرقته الريح لأسألك بصدق: أتأخذني معك، فأكون لك عمرا، وأكون مدينة لا تخذلك؟…