أجدني مجبرا أن أبدأ مقالتي بهذه المقولة الدارجة " إللي ما يعرف الدخون يحرق ثوبه " وبالبيت العربي الشهير : " خلق الله للحرب رجالا *** ورجالا لقصعٍ وثريد" وكما هو معلوم أن الأحداث لابد لمن يتصدى لها من أن يمتلك القوة والدراية والأمانة وهذا الشرط هو الذي ذكره الله على لسان بنت شعيب في موسى مقرا لها حينما قالت " يا أبت استئجره إن خير من استأجرت القوي الأمين", وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم نصح الصحابي الجليل أبا ذر حينما طلب الولاية قائلا له " يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها " فهذه النصوص تدل على أن متصدر الأحداث إن لم يكن قويا أمينا فإنه سيكون مطية وألعوبة يمتطي عليها أصحاب المشاريع الخاصة والأهداف الدنية. خلال مسيرته والتي قاربت من السنتين لم يستطع الحلف أن يحافظ على شعبيته وزخمه الذي بدأ به، وبدأ الناس يفصحون عن امتعاضهم وتبرمهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي من أداء الحلف الذي لم يبلغ سرعة السلحفاة بعد, مازال يحبو وبحركته البطيئة جدا, وكأنهم قد ضمنوا المآل وكسبوا الرهان. على مدار هذه المدة وهناك عدة أسئلة تموج في صدري حول الحلف وأداءه لم أجد لها جوابا شافيا ولعلي أجد من يجيبني عليها عبر أسطر كهذه. الأول: لم الحلف لهذه اللحظة لم يجدد مطالبه ويعمل لها "فرمتة" تتوافق مع الأحداث, ولم هو مصر على النمط الحقوقي في بلد بات الكل بلا حقوق وعلى عتبات التفكك إن لم يكم قد ولجه, بينما المكونات الأخرى تسارع الوقت لتجعل لنفسها موضع قدم, والحلف يصر على مطالب التوظيف في الجيش والشركات, ولا ادري ممن يطلبها ونحن نعيش حالة الفراغ. الثاني: هل "وادي نحب" بمثابة الوادي المقدس الذي من ولد فيه لا يخرج منه أبدا, ما مدى كارزمية هذا الوادي الذي أسر القلوب والأجساد, صحيح أن الانطلاقة لا تتقيد بمكان ولا ببقعة ولكن استمرارية البقاء مع تغير الظروف والأحوال والأحداث لابد له من تفسير, واختيار الأمكنة التي تسهل لك تقدم مشروعك وتسارع في تحقيق الانجاز كل هذا من الكياسة والفقه. وهنا طرفة متداولة تقول أن المستفيد الوحيد من الوادي هم الفقراء الحفاة رعاء الشاء الذين يتم شراء الغنم منهم لضيافة الوافدين على الحلف لحضور لقاءاته واجتماعاته. الثالث: إذا كانت البداية واكبت حدثا ما استوجب على رعاة الحلف تسميته بالتسمية الحالية, لِمَ الاصرار عليها طالما أن هناك كثير من الحضارم يرون أن خيمة الحلف لم تشملهم من خلال التسمية التي يعرّف الحلف نفسه بها, ما الذي يمنع أن تكون التسمية شاملة لكل أبناء حضرموت قاصيهم ودانيهم. الرابع: هل شمل الحلف كل كوادر وعقول حضرموت أم أنه لازال يحصر نفسه بين زوايا العرف القبلي معرضا عن عقول حضرمية ذات خبرة معرفية واسعة بشؤون السياسة وخاصة القضايا الدولية التي لا يستطيع أي طالب للحرية والاستقلال إغفالها, أو على أقل تقدير أن نمزج بين الاثنين العرف القبلي والمهارة السياسية حتى نحقق لحضرموت الهدف الأسمى. وإذا كان هناك من رفض وقد طلب منه الانضمام, فليس من المعقول أن يترك الناس المدينة ويشدوا رحالهم للوادي. الخامس: وبما أننا اعتبرنا الحلف هو بيتنا الحضرمي الذي تجهز فيه طبختنا السياسية التي نتطلع إليها منذ قبل 67, إلا أنه لابد أن نقر أن الشارع الحضرمي لم يجمع بعد عليه, وبالتالي لابد من نظرة متزنة خالية تماما عن التعالي على كل القوى, وأن أمر حضرموت ليس هو ملك لقبيلة ما أو حزب, وليس لأحد الحق أن يرى أن الريادة والقيادة تظل في هذا البطن أو ذاك دون الآخرين, بمعنى أن حضرموت أكبر من قبيلة أو حزب أو جماعة تحتكر الحق لها, تمحوا ما تريد وتثبت ما تريد, بل كل القوى القبلية والسياسية والاجتماعية بكل الشرائح والفئات الحضرمية هي صاحبة الامتياز في حضرموت. السادس: الأداء السياسي المدروس بعناية وحنكة يختصر الطريق ويجنب البلاد مزالق ومآلات خطيرة جدا, وما يجري حولنا خير شاهد على ذلك, هناك أطراف تخبطتها مطبات السياسة التي لا ترحم وباتت تخسر كثيرا في كوادرها ومواقفها, لابد لمن يضع نفسه موضع الصدارة في حضرموت أن يمتلك الأدوات السياسة والمهارة فيها حتى يستطيع أن يبحر بالسفينة في هذا اليم الهائج. السابع: حمى الفعاليات والاحتفالات واللقاءات المتعاقبة والبيانات لم تعد تجدي, وليس لها الأثر الفعال إن لم تترجم ببرامج ومشاريع عمليه تنبني عليها, لعله أصابتنا عدوى الحراك وباتت الاحتفالات واللقاءات هي الهدف الأساسي الذي نريد تحقيقه, وغاية طموحنا أن نخرج بضعة آلاف متظاهر ونطلق عليها "مليونية" وهكذا تستمر سياسة الحقن الحولية المخدرة للشعب, لأن القيادات لا تملك غير هذه الحقن, مع تطور الأحداث الحالية ونشوب أحلاف جيدة حولنا وفي مدة أقل بكثير إلا أنها استطاعت أن تحقق مكاسب تفوق ما تحقق لنا دون مليونيات ولا يحزنون. الصدارة تعني أن يأتيك من كل مكان الرمي بالحجارة, والعاقل من يتعلم من الشجرة المثمرة التي ترد على الرامي بالثمر, ونحن وإن رمينا الحلف بالحجر فإننا نريد ثمرا جنيا, نريد تقدما وتطورا, نريد مشروعا واضحا, ورؤية واضحة, ورسالة محددة, نريد مطالب ترتقي لتطلعات شعب حضرموت, نريد أداء بحجم حضرموت, نريد مهارة في التعاطي مع الأحداث واستثمارها, نريد كل ذلك وأكثر ممن يتصدر المشهد في حضرموت. لا يعني هذا أننا نريد مكاسب 100% أو اتركوا الساحة, كلا فهذا قولُ النابتة, ولكني أوكد أن الحلف على ما فيه من قصور إلا أنه خطوة عظيمة وجاءت في وقت عظيم فالمحافظة عليه خير من إلغائه, وتطويره خير من هدمه, ومهما قسى الناصح يبقى الحلف مظلتنا الحضرمية التي نستظل تحتها ونحتمي بحماها ويوما ما سنجي الثمر ونقطف الزهر –بإذن الله تعالى-.